الرحلة الاولى لبيت الشعر التونسي محمّلين بالحبّ والجنون الرغبة في الانصات والصلاة المقدسة باسم الشعر والجنون، في قيروان الشعراء والمجانين ضرب بيت الشعر الموعد الاول في اطار تظاهرة "رمضانيات بيت الشعر" وشعارها "البيت يزور اهله" واختيار القيروان نقطة البداية ليس من باب الصدفة بل اعترافا بقيمة القيروان وشعرائها ومدى اهتمام ابناء المكان بالكلمة وسحرها.
"البيت يزور اهله" مبادرة بيت الشعر التونسي للاحتفاء بشعراء الجهات في مدنهم، هو الخروج من مركزية العاصمة والذهاب الى المبدعين اينما وجدوا للاحتفاء بقراءاتهم، التظاهرة تنصف مبدعي الجهات، فالبيت بعث ليكون صوت لكل شعراء هذا الوطن، وما ننجزه اليوم هو استمرارية لاحلام كل من مروا بادارة البيت بداية من مؤسسها الراحل الصغير اولاد احمد، وكما تعممت فكرة بيوت الشعر في كل الدول العربية نطمح لتتعمم فكرة خروج البيت وزيارة كل جهات الوطن حسب امكانياتنا الموجودة" هكذا رحّب مدير البيت الشاعر احمد شاكر بن ضية بالشعراء وضيوف اول المسامرات الرمضانية في القيروان.
هي مدينة الشعر والجنون هكذا يكنيها المبدعين، في مدينة ضاربة في تاريخ الكلمة اجتمع رواد الشعر في المكتبة الجهوية "ابن رشيق" لتقديم اولى سهرات "رمضانيات بيت الشعر التونسي، في مدينة احبها ابنائها وكتبوا فيها اجمل القصائد كرّم الشاعر الثائر سمير فرحاني، ذاك الباحث عن سردية شعرية مجنونة كتبت بالدم والحبّ، سمير فرحاني الشاعر المختلف وصاحب الصور الشعرية الموغلة في الفلسفة والتصوّف تقبّل تكريمه بالشعر وهو القائل في قصيده "وصايا اخر الرسل":
هُوَّة الغياب فَغَرَت بخمسين حُنجرة
و زادَت بثلاث...تُؤذّن...بالمآتم
فإذا ...الحُجّاب...صفّا صفّا
إلى أعراس...قلبي
بالنّهْب و الشّقاء
يصطفون الصّفايا من...ضلوعي
و الشّريدة...من دمو
و النّصفي من...دمي
ثمّ...إذا
هم قُعود ...السقيفة
يقترعون على رداء ...القتيل
تزينت المكتبة الجهوية ابن رشيق بالقيروان بفوانيس رمضان وألوان القيروان للاحتفاء بضيوف القصيدة والمكان، للحب قرأت سميرة زغدودي وحادثت العنقاء امراة وشعرا،للوطن قرأ الامجد الاهي اجمل القصائد والاوصاف فنادى تونس بالقول "يا صابرة عالضّيم وسط ضلوعك، يا حاضنة في قلبها الاوجاع، زيد اصبري نعرف صعيب خضوعك، ولا بد يظهر فوق السفينة شراع".
وقرا سمير طعم الله للثورة والحرية وناشد محمد بن مبروك افكاره الحالمة في قصائده، ورحل الصحبي السالمي بالذاكرة بعيدا الى سنوات الحب والصبا " اذا جعنا
سنقتسم الخبز
نصف لك،
ونصف لك"
لكل شاعر اسلوبه الفريد في التلاعب بالكلمات ومعانيها وفي رحاب الموسيقى اجتمعت الكلمة والمعنى وباحت الاصوات باجمل خلجات القلوب التي تحوّلت شعرا في ليلة قيروانية بهية.
الشعر صناعة لغوية، للتعبير عن ذواتنا، عن إنسانيتنا.. وأحلامنا التائهة، الشعر لغة الحالمين، نبوءة متواصلة وصلوات مختلفة في محرب الذات المبدعة، الشعر لغة للجنون والصدق، هي صدى للحب ولترددات النبض في القلب، الشعر لغة خاصة بالشعراء وفي القيروان كانت اولى لقاءات بيت الشعر التونسي مع مريدي الكلمة والمصلين في محراب القصيدة، في القيروان التقى الشعراء والموسيقيين ليشربوا نخب القصيدة والابداع في مدينة شرّعت ابوابها للشعراء منذ الازل.