فهو يمارس الاقتلاع الجماعي للفلسطينيين من الضفة وسط تدمير ممنهج للمنازل من أجل فرض واقع جديد يجعل عودة الفلسطينيين مستحيلة سواء على المدى القريب أو البعيد".
وكأن ما حصل في غزة من سيناريو التدمير والابادة يتكرر ولو بنسق أقل ومغاير ولكن الهدف واحد هو تنفيذ سياسة التهجير لتصفية القضية الفلسطينية . وتعالت التحذيرات الحقوقية من خطورة التوجهات الإسرائيلية التي "تشير إلى أن الهجوم العسكري لن يقتصر على مخيمات شمالي الضفة بل سيمتد لمناطق أخرى ما يضع مئات الآلاف من المدنيين في مواجهة خطر القتل أو الإصابة أو الاعتقال أو التهجير القسري أو فقدان الممتلكات". بحسب المرصد الحقوقي الأورومتوسطي.
تصعيد خطير
لقد أمر وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس جيش الإحتلال بالبقاء في المخيمات التي تم إخلاؤها، حيث قام جيش الاحتلال بتدمير البنية التحتية للمخيمات، وتجريد الفلسطينيين من حقوقهم في العودة إلى أراضيهم. هذه الإجراءات تأتي في إطار سياسة ممنهجة خطيرة تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي في الضفة الغربية، وهي خطوة قد تمهد الطريق لعملية ضم المنطقة وفرض سيطرة إسرائيلية شاملة عليها .
ويأتي التصعيد الحالي في الضفة الغربية عقب تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أمر خلالها جيش الإحتلال الإسرائيلي بفرض السيطرة على ثلاثة مخيمات للاجئين فلسطينيين في شمال الضفة الغربية، في خطوة تهدف إلى منع عودة سكانها. وأشار كاتس إلى أن هذه الإجراءات ستستمر لمدة 12 شهرا، مما يشير إلى نية "إسرائيل" في تغيير الواقع الجغرافي بشكل دائم في هذه المناطق، مستغلة القوة العسكرية للضغط على الفلسطينيين.
من جانبه حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في في بيان صحفي صادر يوم أمس الثلاثاء من تصعيد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، محذرا من خطورة الإجراءات العسكرية والسياسات التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين بشكل قسري وتطبيق ممارسات الفصل العنصري. يأتي هذا التحذير في سياق تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات من وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، التي تشير إلى تكثيف السيطرة العسكرية على ثلاث من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، ومنع عودة سكانها لمدة عام كامل.
ومنذ بداية العمليات العسكرية في جانفي 2025، شهدت الضفة الغربية تصعيدا غير مسبوق في الهجمات العسكرية. حيث تعرضت المدن والمخيمات الفلسطينية، مثل جنين وطولكرم وطوباس، لقصف مدفعي وغارات جوية، مما أسفر عن استشهاد العشرات من المدنيين، في وقت يعاني فيه آلاف آخرون من النزوح القسري. وسط هذا الوضع الكارثي، يعاني الفلسطينيون من فقدان منازلهم وأرزاقهم، بينما يخشى كثيرون من أن الهجوم الإسرائيلي قد يمتد إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية.
ويؤكد باحثون أنّ استمرار العمليات العسكرية على هذا النحو، في ظل سياسة إسرائيلية متعمدة لتغيير الواقع الجغرافي، سيؤدي إلى معاناة أكبر للفلسطينيين. فآلاف المدنيين الذين تم تهجيرهم يتعرضون لخطر القتل أو الإصابة أو الاعتقال، في حين يبقى الكثيرون منهم بلا مأوى ولا مصدر دخل.
كما أكد المرصد الأورومتوسطي في بيان له، تمثل جزءا من سياسة إسرائيليّة طويلة الأمد تهدف إلى طمس الهوية الفلسطينية في هذه المناطق والضغط على سكانها لإجبارهم على ترك أراضيهم. ففي السنوات الماضية، كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتبع سياسة ممنهجة لاستهداف المنازل الفلسطينية، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، بل إن بعض المناطق شهدت تدميرا واسع النطاق للبنى التحتية في محاولة لتغيير الطابع السكاني للمناطق.
انتهاك للقانون الدولي
ويشير المرصد إلى أن العمليات العسكرية التي تجري حاليا في شمال الضفة الغربية تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وهو ما يعزز المخاوف من أن "إسرائيل" تتبع سياسة ممنهجة لتهجير الفلسطينيين قسرا. كما أكّد أنّ هذه السياسات تشكل جرائم حرب، وذلك في ضوء الانتهاكات المتواصلة للقوانين التي تفرض على القوة المحتلة حماية المدنيين وممتلكاتهم.
ووفق متابعين فقد باتت عملية "الفصل العنصري" جزءا من السياسة الإسرائيلية، حيث يتم التمييز بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، ما يخلق واقعا يفضي إلى تقسيم المنطقة على أسس عرقية. ويرى مراقبون أن قيام جيش الإحتلال الإسرائيلي بنقل دباباته إلى مخيم جنين، واستمرار التمركز العسكري في المناطق الفلسطينية، ما هو إلا تأكيد على استخدام القوة العسكرية لفرض أمر واقع جديد. وهذا يتناقض تماما مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تحظر الاستيطان في الأراضي المحتلة وتطالب بحماية المدنيين.
في ضوء تصاعد الانتهاكات، دعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى التدخل بشكل عاجل للضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في الضفة الغربية والامتثال لالتزاماتها القانونية الدولية. فقد شدد المرصد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية حقوق الإنسان الفلسطيني، وضمان عدم استمرار هذه السياسات المدمرة.
وفي هذا السياق، يرى بعض المحللين أن غياب الضغط الدولي الفعّال على سلطات الإحتلال الإسرائيلي ساهم في تشجيعها على التصعيد المستمر. حيث تواصل الحكومة الإسرائيلية تنفيذ سياسات التدمير والتهجير تحت غطاء أمني، بينما يبقى المجتمع الدولي مكتوف الأيدي، مما يفاقم من مأساة الشعب الفلسطيني.
استئناف القتال في غزة ؟
على صعيد متصل قالت 3 مصادر دفاعية تابعة للاحتلال الإسرائيلي وفق صحيفة ''نيويورك تايمز'' الأمريكية، إن جيش الاحتلال بدأ بالفعل تحضيرات مكثفة لحملة هجومية مكثفة في غزة، قبل نحو أسبوع من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وذكر المسؤولون أن العمليات الجديدة ستشمل استهداف قادة “حماس”، وتدمير المباني والبنى التحتية التي تستخدمها حكومة “حماس” المدنية في القطاع.وقال مسؤولان إنه في ما لم توافق الحكومة الإسرائيلية بعد على الخطة، إلا أنهما يعتقدان أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وحده، هو من يمكنه إثناء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استئناف القتال.
ولفتت الصحيفة إلى وجود قلق خاص بشأن ما قد يحدث بعد 8 مارس، موضحة أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 جانفي، وافقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على سحب قواتها بحلول ذلك التاريخ من الحدود بين غزة ومصر. ولكن نتنياهو أعلن صراحة، العام الماضي، أن ''إسرائيل'' لن تنسحب أبداً من المنطقة، المعروفة باسم “محور فيلادلفيا”، الأمر الذي أدى إلى توقعات بأنه سوف يخرق شروط وقف إطلاق النار.
وقبل أقل من أسبوع على انتهاء الهدنة في 1 مارس، لم تبدأ المحادثات المتعلقة بالمرحلة الثانية، وقال باسم نعيم، القيادي بحركة “حماس” وفق وكالة “رويترز” ، إن الحركة لن تدخل في محادثات من خلال وسطاء بشأن أي خطوات أخرى في اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تطلق سراح الأسرى الفلسطينيين مثلما هو متفق عليه.
وأضاف نعيم: “لن يكون هناك أي حديث مع العدو عبر الوسطاء في أي خطوة قبل الإفراج عن الأسرى المتفق على إطلاق سراحهم مقابل المحتجزين الإسرائيليين الستة، الذين أفرجت عنهم الحركة، السبت.
ومن المقرر أن يزور المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف المنطقة، اليوم الأربعاء، للتفاوض بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة. وقال ويتكوف ، إنه يعتقد أن نتنياهو يريد إطلاق سراح كل الرهائن، كما يريد حماية إسرائيل، لذلك فإن لديه خط أحمر هو أن حركة “حماس” لا يمكن أن تشارك في حكم قطاع غزة مرة أخرى.
وأضاف في تصريحات: “نتوقع أن يمضي نتنياهو قدماً في اتفاق وقف إطلاق النار، لذلك سأذهب إلى المنطقة هذا الأسبوع، ربما الأربعاء، للتفاوض بشأن ذلك”.
وكان من المفترض أن تتفق حماس و''إسرائيل'' خلال هدنة الـ6 أسابيع (المرحلة الأولى) على شروط هدنة دائمة تبدأ في 2 مارس، تركز على كيفية حكم قطاع غزة، وإطلاق بقية المحتجزين الإسرائيليين.
وجرت عمليات التبادل وفقا للمتفق عليه، رغم بعض العوائق، ولكن الاحتلال أعلن السبت تأجيل إطلاق سراح أكثر من 600 أسير فلسطيني.
والسبت، قالت حركة حماس، إنها جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ عملية تبادل شاملة بما يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً لقوات الجيش الإسرائيلي.
وجاء في بيان لحماس: “نؤكد جاهزيتنا للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، واستعدادنا لإتمام عملية تبادل شاملة، بما يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً للاحتلال، ونحذّر من محاولات التنصّل من الاتفاق، ونؤكّد أن الطريق الوحيد لعودة الأسرى إلى ذويهم هو عبر التفاوض والالتزام الصادق ببنود الاتفاق”.
وأضاف البيان: “نحذر من محاولات الاحتلال التنصل من الاتفاق، ونؤكد أن الطريق الوحيد لعودة الأسرى إلى ذويهم هو عبر التفاوض والالتزام الصادق ببنود الاتفاق”.
مصر ترفض تهجير الفلسطينيين
من جهتها قالت الرئاسة المصرية في بيان أمس الثلاثاء إن القاهرة ترفض مقترحات تهجير الشعب الفلسطيني حتى لا تتم "تصفية" القضية الفلسطينية، كما شدد البيان على ضرورة تجنب التسبب في تهديد للأمن القومي لدول المنطقة.
وأثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غضب العالم العربي بخطته لتهجير أكثر من مليوني فلسطيني بشكل دائم من غزة وفرض السيطرة الأمريكية على القطاع وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وتستضيف مصر في الرابع من مارس قمة طارئة لجامعة الدول العربية من المقرر أن تركز على الجهود العربية لمواجهة خطة ترامب ودعواته لمصر والأردن إلى استقبال الفلسطينيين من غزة. ورفض البلدان الاقتراح، مشيرين إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وعقد قادة دول عربية اجتماعا يوم الجمعة في الرياض بحضور دول الخليج ومصر والأردن. وقالت مصادر مطلعة على المناقشات إنهم تناولوا اقتراحا مصريا في الأساس قد يشمل تمويلا يصل إلى 20 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات من دول الخليج والدول العربية، لكن لم يرد أي تأكيد رسمي.
ويشعر الفلسطينيون بالخوف من تكرار "النكبة" التي أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين أو تهجيرهم خلال حرب 1948.