عانق الامل دائما فانت تستحق رغم اختلافك ان تكون مميزا، حالما، جميلا، لا تدع للاخرين الفرصة ليحبطوا من عزيمتك لانك انسان هكذا هو الاختلاف مساحة اخرى للحلم والجمال، واختلاف حاملي طيف التوحد سبيلهم لينحتوا عالم اجمل، ملؤه الحب واللعب، ومن اختلافهم بنى المخرج محمد بوزيد والمربية مديرة مركز "الخطوات الاولى للتربية المختصة" تظاهرة مسرحية عنوانها "اضواء مختلفة".
التظاهرة مسرحية وثقافية تدافع عن حق حاملي طيف التوحد في ممارسة المسرح وتقديم ابداعاتهم الى الجمهور، التظاهرة نتاج جدية الاطفال وصدقهم انجزها المركز بمشاركة جمعية "مسار المتوحّد".
على اجنحة الصدق يحلّق الاطفال
"اضواء مختلفة" تجربة مسرحية وحياتية، احببت اللعب والتفكير معهم، نجحنا في كتابة نصوص وتمارين مسرحية تنطلق منهم، احببت فكرة الاجتهاد لديهم جميعهم، ابنائي اختلافهم ميزهم والعرضين المسرحيين هما نتاج اجتهاد اعوام وجدية ابنائي وصعودهم الى خشبة حقيقية امام جمهور كبير يعدّ انجازا، فنحن نتشارك الحب والحلم"ّ بهذه الكلمات من بين العبرات تحدث المخرج محمد بوزيد للمغرب عن اضواء مختلفة تظاهرة انسانية ومسرحية وتجربة فنية قدمها اطفال مركز "الخطوات الاولى للتربية المختصة" امام الجمهور.
ويضيف الفنان المسرحي محمد بوزيد "أضواء مختلفة" وما أحوجنا اليوم للاختلاف وتقبّل نعم الاختلاف في مجتمع غلبت عليه الأنانيّة وحبّ الذات غلبة أفقدتنا أحيانا الإحساس ببراقة الإيثار وحبّ الغير، كم هي ضرورة ملحّة اليوم أن ترى الآخر بنظرة مغايرة بل مختلفة أليس الاختلاف رحمة أليس الاختلاف مدخلا حقيقيّا للخلق والإبداع وعلى ذلك أن نحسّ بالآخر أي أن نشاركه الحزن والفرح، الأمل والخيبة، اليوم نشارككم مسارا مسرحيا مغايرا بذل فيه أطفالنا ما يستطيعون من شغف وتعبير ما وسعهم الصبر والتفاؤل إلى ذلك سبيلا ما ستشاهدونه اليوم هو الصدق الخام من شباب جمعهم حبّ المسرح فنثروا فيه الجمال ومن غير المسرح وسيط للجمال ومن غير المسرح يحلّق عاليا بأجنحة البهاء والنقاء.
"اضواء مختلفة" تجربة فنية ومسرحية نحت معالمها ابناء مركز الخطوات الاولى لحاملي طيف التوحد، اطفال من اعمار مختلفة جعلوا الفن سبيلهم ليعبروا ويوصلوا اصواتهم الى الجمهور، التظاهرة ثقافية وفنية وانسانية تركت المساحة لهم ليقدموا احلامهم ويلعبوا بتلقائية على الخشبة، انطفأت اضواء المسرح واشتعلت اضواء ابتساماتهم تزود الجمهور بالطاقة، فالعمل نتيجة ثلاث سنوات من الجدية، انطلقت بتمارين مسرحية حد الوصول الى انجاز عرضين مسرحيين قدمه ابناء المركز ليوصلوا اصواتهم الى الجمهور ويؤكدوا انهم قادرين على التعبير بمشاعرهم واصواتهم وحركات اجسادهم ايضا حسب تعبير السيدة هالة شنوفي مديرة مركز "الخطوات الاولى للتربية المختصة".
المسرح سبيل للحرية وقبول الاختلاف
انطلقت فعاليات الدورة الأولى للمسرح الموجّه لأطفال طيف التوحد بتظاهرة مسرحية وفنية، الدورة الوليدة ازهرت براعم فنية ومبدعة تميزوا على الخشبة ليكونوا رمزا للامل لاترابهم حتى يتجاوزا كل العوائق ويبدعوا في تكوين ذواتهم الفنية المختلفة، عن هذا المنجز يقول محمد بوزيد في كلمة افتتاح المهرجان"أطفالنا هم عنوان من عناوين البراءة والصبر والأمل الغافي عند شفق التفاؤل، هناك تعاقدنا وعملنا لنصنع الغد المشرق واهب الحياة، أيّها الأحبّة صنع أبنائي الأطفال هذا الموعد لتوجيه بوصلة المسرح إليهم، أطفال طيف التوحّد كانوا حقّا طيفا بل أطيافا تسبح في فلك الحلم وكان التوحّد منّا إليهم قبل أن يكون التوحّد عالمهم العجيب الزاخر بالنقاء والصفاء" ونهاية العرض شاركه ابنائه المحبّة بقولة "نحبّك" اصدق التعبيرات بين المؤطر والاستاذ والمتعلمين مبدعيه الصغار.
ممتع هو اللعب على خشبة المسرح، ساحرة حكايات الاطفال وطريقتهم في التقديم، على الركح هم ممثلين يحفظون ادوارهم ويقدمون شخصياتهم بكل تلقائية، فالمسرح سبيلهم للتحرر ووسيلتهم ليوصلوا اصواتهم الى الجمهور، امام جمهور قاعة الجهات بمدينة الثقافة قدم ابناء مركز الخطوات الاولى عملين مسرحيين تاطير محمد بوزيد تحت اشراف هالة الشنوفي مديرة المركز واستشارة فنية اصالة النجار ومتابعة بسيكولوجية علياء الجوادي.
العمل الاول يحمل عنوان "ذئب ذات ليلة" المسرحية قراءة مختلفة لقصة ليلى والذئب التي نعرفها جميعنا، اعيد تخيّل حقيقة اخرى للحكاية، فهل حقا الذئب مذنب؟، ام ليلى سئمت مسيرة الغابة للوصول الى الجدة، وجسدت الحكاية في شكل محاكمة حتى يكون الذئب بريئا من دم الجدة براءة جده من دم يوسف، قدم العرض كل من امان الله زبايرية ونور محجوب وشهير طالب وزينب غربال وتقي التايب وحمزة مدوري بحضور الاطار التربوي المتكون من ربيعة الجبري وسحر بوعزيز ونجلاء سلاطنية وفتحية معمر وهدى هيادي واستشارة فنية اصالة نجار، تجربة ممتعة قدمها الاطفال بشغف وتجاوزوا عائق النطق والحركة احيانا ليحلقوا في سماء الابداع ويأثروا في المتلقي، فصدقهم كان رصيدهم لينجحوا.
وحمل العمل الثاني اسم "نغم الى الغائبين" اداء خالد قارة وريان سليمان وحسام الرياحي وياسين كمون وياسين مخنيني ومنتهى براهمي وياسمين سليني وبمساعدة شاشية، مريم، ولي الدين مالك، سلمى، شهاب واسراء وفاطمة ولين، ريماس وياسمين والياس والاطار التربوي مكون من سناء وسلاتي ودرصاف عياري، والعمل اهداء الى الحالمين الصامدين، مقاومي اشرس الالات الحربية للبقاء في ارضهم والمحافظة على وطنهم، الى ابناء غزة اهديت الحكاية، على الركح حضرت صورة الوجيعة وفاجعة التهجير مع الاصرار على العودة، صوت الفنانة اصالة النجار محاكيا ثنائيتي الالم والامل صنع مساحة للحلم وهي الخبيرة بالخشبة وتاثيرها في المتلقي.
صنع اطفال مركز الخطوات الاولى مساحة للحلم والتحرر، على الخشبة ابدع الاطفال في ملامسة الوجع ودغدغة الامل، ابدعوا في التماهي مع شخصياتهم وارتفعت اصواتهم عاليا تتجاوز كل جدران الرفض او الاختلاف ليخبروا الحضور، بصوت واحد اننا نمثّل بحب، نلعب بحبّ، نحن حاملي طيف التوحد عالمنا ملبيء بالحبّ ومحظوظ من يشاركنا مساحة الحب التي نعيش فيها.