على قطاع غزة، أعلنت حكومة الاحتلال عن هدنة "إنسانية" محدودة لساعات، بدأت صباح امس الأحد وتشمل عدة مناطق في القطاع، بما فيها شمال غزة، بهدف – كما قيل – "تسهيل توزيع المساعدات الإنسانية".
إلا أن هذا الإعلان، الذي جاء عقب اجتماع ضم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيري الحرب والخارجية وقادة الأمن، بدا أقرب إلى محاولة دعائية منه إلى تحرك إنساني حقيقي، في ظل الكارثة المتفاقمة التي تضرب القطاع، خاصة على صعيد المجاعة الجماعية.
يأتي ذلك فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن دولا أوروبية أخرى "ستؤكد عزمها على الاعتراف بدولة فلسطين" خلال مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة الإثنين والثلاثاء في نيويورك، في أعقاب التزام فرنسا بإعلان هذا الاعتراف في سبتمبر.
وقال بارو في مقابلة أجرتها معه الأسبوعية "لا تريبون ديمانش" إنه خلال المؤتمر الذي يعقد برئاسة فرنسا والسعودية بهدف إحياء حل الدولتين، "ستندد الدول العربية للمرة الأولى بحماس وتدعو إلى نزع سلاحها، ما سيكرس عزلها نهائيا". في حين أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن الاعتراف يجب أن يكون "جزءا من خطة أكثر شمولا". وستعقد اليوم اجتماعات في نيويورك على مستوى الوزراء، تمهيدا للقمةٍ المرتقبة في سبتمبر.
تقتيل متواصل رغم الهدنة
وبدأ سريان ما ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية" بمناطق محددة في قطاع غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وذلك في ظل الإبادة الجماعية والتجويع اللذين تمارسهما تل أبيب بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني بالقطاع المحاصر.
ودخل الإعلان الإسرائيلي حيز التنفيذ في تمام الساعة 10 صباحا بتوقيت غزة ويشمل مناطق ودير البلح والمواصي ومدينة غزة، وسط وجنوب وشمال القطاع، وفقا لما ادعاه الجيش.والمواصي مناطق رملية على امتداد الخط الساحلي، تمتد من جنوب غرب مدينة دير البلح وسط القطاع، مرورا بغرب خان يونس حتى غرب رفح.
ووفق مراقبين لا تتعدى الهدنة المعلنة كونها تغطية إعلامية لسياسة ممنهجة تقوم بها إسرائيل منذ شهور تقوم على التجويع كأداة حرب. فخلال الساعات الـ24 الماضية فقط، استشهد 71 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال، بينهم 42 من الذين كانوا ينتظرون المساعدات، ما يعكس تجاهلا متعمدا لأي التزامات قانونية أو إنسانية في التعامل مع الوضع الإنساني المتدهور في القطاع.
ووصل عدد الشهداء بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 127، بينهم 85 طفلا، فيما حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من "مقتلة جماعية" مرتقبة بحق 100 ألف طفل خلال أيام، إن لم يتم إدخال حليب الأطفال بشكل عاجل. ومع ذلك، لا تزال إسرائيل تفرض قيودا مشددة على دخول المساعدات، بل وتعمل على إتلافها، كما كشفت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش أتلف عشرات آلاف الأطنان من مواد الإغاثة، بما فيها مواد غذائية كانت مخصصة للأهالي في غزة.
هدنة أم تكتيك؟
لم تُعلن حكومة الاحتلال بوضوح عن المواقع التي تشملها الهدنة، ولا عن توقيت انتهائها، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول جدية إسرائيل في السماح بإغاثة سكان القطاع، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، خاصة مع تزايد الضغوط الحقوقية والانتقادات في المحافل الدولية، بسبب ما سياسة التجويع الممنهج التي تعتمدها واستخدامها الجوع كسلاح حرب.
ووفق متابعين فان الهدنة المؤقتة لا تنفي أن ما يجري في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل إبادة بطيئة تجري بوسائل متعددة، أهمها سلاح التجويع. فكل ما يرشح من معلومات، من اتلاف المساعدات إلى منع مرور الغذاء وحليب الأطفال، يشي بأن سياسة "المجاعة المدروسة" تُدار بعناية داخل غرف القرار في تل أبيب، كجزء من محاولة لتركيع المقاومة عبر إنهاك المجتمع المدني بأسره.
أمام هذه الوقائع، تبدو "الهدنة الإنسانية" التي أعلنتها إسرائيل مجرد فصل عابر في مشهد إبادة مستمرة، تستخدم فيه كل أدوات القتل، من القصف والتجويع إلى الحصار والترويع. وبينما تكتفي المؤسسات الدولية ببيانات "القلق" والانتظار، يمضي سكان غزة – أطفالا ونساء وشيوخا – نحو المجاعة والموت، دون أفق واضح لوقف العدوان أو كسر الحصار.
رد فلسطيني
وبينما تواصل "إسرائيل" فرض الحصار الخانق على قطاع غزة، أعلنت سلطات الاحتلال، عن ما وصفته بـ"هدنة إنسانية" يومية محدودة، تدخل حيز التنفيذ كل صباح حتى المساء. لكن على الأرض، لا يبدو أن هذا الإعلان يحمل أي دلالة حقيقية لإنقاذ الأرواح، كما تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، التي اعتبرت أن هذه الهدنة "لن تعني شيئًا" ما لم تُترجم إلى خطوات ملموسة لوقف الموت الجماعي المتواصل.
في بيان شديد اللهجة، وصف المدير العام في وزارة الصحة بغزة، الدكتور منير البرش، "الهدنة" بأنها "هدنة يخنقها التردد والصمت الدولي"، محذرا من أن التأخير في إنقاذ الجرحى وإدخال الإمدادات الطبية يُقاس بجنازات جديدة يوميًا، فيما "يموت الأطفال في أحضان أمهاتهم بلا دواء ولا حليب".
لكن الواقع يشي بتناقض صارخ، فالعمليات العسكرية الإسرائيلية لم تتوقف فعليا، بل تتواصل في مناطق أخرى، والمساعدات لا تزال شبه معدومة بفعل الإغلاق التام للمعابر منذ مارس الماضي.
فجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أعلن أن "التعليق التكتيكي" يتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لم يقدّم أي ضمانات بوقف إطلاق النار أو السماح بدخول قوافل الإغاثة بشكل آمن. وهو ما جعل مسؤولي الصحة والهيئات الأممية يشككون في جدوى هذا الإعلان الذي يبدو، من حيث الشكل والمضمون، أقرب إلى خطوة دعائية لتخفيف الضغوط الدولية المتصاعدة.
ووفق مراقبين لم يكن بيان وزارة الصحة مجرد نقد سياسي، بل توثيق مأساوي لحالة القطاع الصحي المنهار. البرش طالب بـ"إجلاء طبي فوري للحالات الحرجة"، بينها مصابون في الدماغ والعمود الفقري، ومرضى بحاجة إلى تدخلات معقدة لا يمكن إجراؤها في مستشفيات مدمّرة أو بلا كهرباء أو معدات.
كما أشار إلى الحاجة الملحة لإدخال الحليب العلاجي للأطفال والمكملات الغذائية عالية البروتين، في ظل مجاعة تفشت في أرجاء القطاع المحاصر، أودت بالفعل بحياة عشرات الأطفال حديثي الولادة، بحسب بيانات منظمات إنسانية.
انهيار صحي شامل
ولطالما أشارت الأمم المتحدة ومنظمة "أطباء بلا حدود" مرارا الى "نقطة انهيار تامة" للنظام الصحي في غزة، في وقت يعيش فيه أكثر من 2.4 مليون فلسطيني بلا كهرباء، ولا ماء نظيف، ولا دواء، وسط انعدام الأمن الغذائي التام.
وقد تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023 حاجز 204 آلاف بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين. كل ذلك يُضاعف من حجم الكارثة ويحول أي "هدنة إنسانية" جزئية إلى مجرّد وهم، إن لم تُترجم إلى وقف دائم للعدوان وإغاثة شاملة.
هدنة بلا شريان حياة
في ضوء كل ما سبق، يرى محللون أن "الهدنة الإنسانية" الإسرائيلية ليست سوى إجراء شكلي في سياق حملة علاقات عامة، ما لم تترافق مع فتح المعابر بشكل عاجل، وضمان دخول المساعدات بكثافة، وإجلاء الجرحى والمرضى المحاصرين.
الصمت الدولي، كما قال البرش،" يقتل". وكل "ساعة تأخير تعني موتًا جديدًا في غزة. في زمن المجاعة والدمار، لم تعد البيانات كافية. المطلوب الآن تحرّك دولي عاجل لتحويل الهدنة من مجرد "تعليق تكتيكي" إلى جسر إنساني حقيقي، ينقذ ما تبقّى من حياة".
تغير في المقاربة الأمريكية
وفي مؤشر لافت على تحول في تعاطي واشنطن مع ملف الحرب في غزة، كشف موقع "أكسيوس" الإخباري نقلا عن مصادر أمريكية مطلعة، أن فريق الأمن القومي التابع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ بإعادة تقييم إستراتيجيته حيال الصراع الدائر، وذلك في أعقاب استدعاء كل من الولايات المتحدة وإسرائيل فريقيهما التفاوضيين من العاصمة القطرية الدوحة، حيث كانت تجري محادثات شاقة بشأن وقف إطلاق النار.
هذه المراجعة تأتي في وقت حساس، حيث لم تُفض أشهر من الوساطات إلى اتفاق دائم، في ظل تصاعد الضغوط الإنسانية على قطاع غزة، واتساع دائرة الانتقادات الدولية للنهج العسكري الإسرائيلي، وتزايد التململ داخل الأوساط السياسية الأمريكية من كلفة الانحياز غير المشروط لتل أبيب.
رسائل مزدوجة
ووفق مصادر "أكسيوس"، فإن إعادة التقييم لا تعني بالضرورة تخلي إدارة ترامب عن دعم إسرائيل، بل تعكس قلقًا من الجمود الحالي وافتقار المسار التفاوضي إلى الاختراق، خاصة بعد جولات متكررة من المحادثات في القاهرة والدوحة لم تحقق سوى تقدم ضئيل. ويبدو أن البيت الأبيض يسعى لإعادة ضبط مواقفه بما يضمن استمرار دعم إسرائيل دون تجاهل تبعات الحرب الإقليمية والانتقادات المتزايدة في الداخل الأمريكي.
في السياق ذاته، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية الأمريكي ، ماركو روبيو، أبلغ عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس أن الوقت قد حان "لدراسة نهج أكثر شمولا" و"تقديم خيارات جديدة" لإنهاء الحرب. وتأتي هذه التصريحات بمثابة اعتراف ضمني بأن الإستراتيجية الحالية – القائمة على الضغط العسكري والسياسي الأحادي – لم تُحرز النتائج المرجوة، لا في تحرير الأسرى، ولا في انهاء الحرب.
ويرى مراقبون أن توقيت هذا التحول ليس عشوائيا. فادارة ترامب تتعرض لانتقادات من الحزب الجمهوري ذاته، إلى جانب غضب متصاعد في أوساط الرأي العام الأمريكي بسبب الصور الواردة من غزة والتي تعكس كارثة إنسانية مستمرة. كما تشهد العلاقات الأمريكية مع بعض الحلفاء الإقليميين – مثل قطر ومصر – توترا غير معلن بسبب فشل جولات التفاوض المتكررة.
إقليميا فإن استمرار الحرب دون أفق سياسي بات يُهدد بجرّ المنطقة نحو مزيد من التصعيد، لا سيما مع تنامي التوترات في جنوب لبنان، والقلق من انزلاق الأوضاع في الضفة الغربية. لذا، قد ترى واشنطن في "النهج الشامل" فرصة لإعادة طرح مبادرة سياسية تجمع بين التهدئة الميدانية وإعادة إحياء حل سياسي طويل الأمد، حتى وإن كان على مراحل.
إسرائيل بين الضغط والمناورة
من جانبها، ووفق تقارير تستشعر حكومة الاحتلال الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو بوادر فتور أمريكي. لكن تل أبيب ما تزال تراهن على عمق التحالف الإستراتيجي مع واشنطن، في وقت تواجه فيه ضغوطا متزايدة من عائلات الأسرى والرأي العام الداخلي المطالب بحل الأزمة عبر صفقة تبادل.
في ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن الإدارة الأمريكية تحاول الحفاظ على معادلة دقيقة وهي تجنب الصدام العلني مع إسرائيل، مع السعي في الوقت نفسه لبلورة مقاربة جديدة أكثر واقعية لإنهاء الحرب. فإعادة النظر في الإستراتيجية لا تعني بالضرورة تحوّلا جذريا في السياسة الأمريكية، لكنها تشير إلى اعتراف متأخر بأن الجمود الحالي لم يعد مستداما، وأن الاستمرار في دعم حرب ابادة مفتوحة دون مخرج سياسي سيُكلف واشنطن الكثير على المستويين الإقليمي والدولي.
خطوة شكلية لتبييض صورة الاحتلال
من جانبها قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس، امس الأحد، إن لجوء جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى إنزال مساعدات إنسانية جوا فوق مناطق في قطاع غزة "خطوة شكلية ومخادعة"، تهدف إلى "تبييض صورته أمام العالم" في ظل ما وصفته بالإبادة الجماعية والتجويع المتواصل بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر.
وأضافت الحركة في بيان: "وصول الغذاء والدواء وتدفق المساعدات إلى شعبنا في غزة حق طبيعي، لوقف الكارثة الإنسانية التي فرضها الاحتلال".
وتابعت: "لجوء الاحتلال إلى إنزال بعض المساعدات جوًا ليس إلا خطوة شكلية لذر الرماد في العيون، ومحاولة للالتفاف على مطالب رفع الحصار ووقف سياسة التجويع".
وكان الجيش الإسرائيلي قد سمح مساء السبت بإسقاط كميات محدودة من المساعدات على مناطق في القطاع، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية مع استفحال المجاعة وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد حياة أكثر من 100 ألف طفل.
مظاهر المجاعة في غزة فاقت جميع التوقعات
قالت فلسطين إن مظاهر المجاعة في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي "فاقت جميع التوقعات"، وسط "عجز دولي غير مبرر".
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية والمغتربين، وأضافت الوزارة أن "الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة بلغت مستويات غير مسبوقة وتجاوزت في حدتها الفضيحة الحقيقية لما تبقى من الإنسانية".
وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس2025، جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.
تابعت: "مظاهر المجاعة كما بدت هذا اليوم في جنوب قطاع غزة فاقت جميع التوقعات ودقت ناقوس الخطر الشديد الذي بات يهدد حياة أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع".
وزادت بأن "العجز الدولي عن معالجة المجاعة في قطاع غزة غير مبرر".
واعتبرت الوزارة أن "ردود الفعل الدولية على تلك المظاهر لم ترتق حتى الآن لمستوى الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع، خاصة على أبواب مراكز توزيع المساعدات (الإسرائيلية- الأمريكية)، وهو ما يتم إثباته وتوثيقه يوميا عبر العديد من شهود العيان على سمع وبصر المجتمع الدولي".
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 ماي الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة أمميا.
وبوتيرة يومية، يطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على الفلسطينيين المصطفين قرب مراكز التوزيع للحصول على المساعدات، ما تركهم بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وتابعت الخارجية الفلسطينية في بيانها، أن "عدم قدرة المجتمع الدولي على حماية وتحصين المسار الإنساني الذي يضمن وصول الإغاثة بشكل مستدام للمواطنين في غزة يظهر التناقض بين المواقف والأقوال وبين الأفعال".
وطالبت الوزارة "بصحوة ضمير وأخلاق إنسانية قادرة على فرض إدخال المساعدات بشكل مستدام برا وبحراً وجواً لوقف التسارع الحاصل في انتشار المجاعة المميتة بين أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة".
وأكدت أن "الوقف الفوري لعدوان الاحتلال وإطلاق النار هو الطريق الأقصر لضمان حماية المدنيين من جميع المخاطر المميتة التي تحدق بهم".
والسبت، حذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل دون سن العامين في القطاع جراء نفاد الحليب والمكملات الغذائية وسط استمرار سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل.
وتحذر منظمات أممية ومؤسسات محلية من أن استمرار الحصار ومنع المساعدات من جانب إسرائيل ينذران بوقوع وفيات جماعية بين الأطفال، وسط تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية، وانهيار المنظومة الطبية بالكامل.
هجوم على سفينة حنظلة
وفي تطور خطير آخر، هاجمت القوات الإسرائيلية سفينة "حنظلة" التي كانت متجهة في مهمة رمزية لكسر الحصار البحري المفروض على غزة، وذلك أثناء إبحارها في المياه الدولية. ولم يُعرف بعد مصير السفينة أو من كانوا على متنها من النشطاء والمتضامنين الدوليين، وهو ما يعكس إصرار تل أبيب على منع أي مسعى خارجي لكسر الطوق المفروض على القطاع، سواء برا أو بحرا.
في الاثناء دعا ناشطون محتجزون على متن سفينة حنظلة التي كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، واحتجزتها إسرائيل في المياه الدولية، للضغط على بلدانهم كي تعمل على الإفراج عنهم.
جاء ذلك في رسائل فيديو مسجلة مسبقا لناشطين على متن السفينة حنظلة ونشرها "تحالف أسطول الحرية" عبر منصات التواصل الاجتماعي، أمس الاةل السبت.
وفي الرسائل المرئية، يقول الناشطون بعد إعلان جنسياتهم: "إذا كنت تشاهد هذا الفيديو، يجب أن تعرف أنه تم اعتراضي في البحر واختطفت من قبل القوات الإسرائيلية التي ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين".
وعبر هذه الرسائل طالب الناشطون أصدقاءهم وعائلاتهم والعالم بالضغط على حكومات بلادهم من أجل العمل على إطلاق سراحهم بعد احتجازهم من قبل القوات الإسرائيلية.
والسبت، اقتحمت قوات من البحرية الإسرائيلية، سفينة "حنظلة" التي تقل متضامنين دوليين أثناء توجهها إلى قطاع غزة، في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع الفلسطيني، وسيطرت عليها بالكامل.
ولم يُعرف بعد مصير طاقم السفينة والمتضامنين، عقب انقطاع البث المباشر بعد الاقتحام مباشرة.
وقبل عملية الاقتحام، أطلقت السفينة نداء استغاثة بعد اقتراب قوات بحرية إسرائيلية منها وهي على مقربة من شواطئ القطاع.
وقالت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، في منشور على إكس: "قوات الاحتلال تتوجه نحو حنظلة، السفينة توجه نداء استغاثة".
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن سفينة "حنظلة" "في طريقها إلى شواطئ إسرائيل"، بعدما اقتحمتها قوات إسرائيلية وسيطرت عليها.
وجاء في بيان للوزارة نشرته هيئة البث الرسمية: "السفينة في طريقها إلى شواطئ إسرائيل".
وأردفت: "جميع الركاب سالمون"، زاعمة أن "محاولات كسر الحصار خطيرة وغير قانونية".
وفي وقت سابق السبت، أعلن تحالف أسطول الحرية، في بيان، أن طائرات مسيرة شوهدت تحلق فوق السفينة التي أبحرت من شواطئ إيطاليا في محاولة جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.
وفي 13 جويلية الجاري، أبحرت "حنظلة" من ميناء سيراكوزا الإيطالي، قبل أن ترسو في ميناء غاليبولي في 15 من الشهر نفسه، لتجاوز بعض المشكلات التقنية، لتعاود الإبحار مجددا في 20 جويلية باتجاه غزة، وعلى متنها 21 ناشطا.
وفي 9 جوان الماضي، استولى الجيش الإسرائيلي على سفينة "مادلين" ضمن "أسطول الحرية" من المياه الدولية، بينما كانت في طريقها إلى قطاع غزة المحاصر لنقل مساعدات إنسانية، واعتقل 12 ناشطا دوليا كانوا على متنها، ولاحقا رحلت إسرائيل الناشطين شرط التعهد بعدم العودة إليها.
وقبلها سفينة "الضمير" لكسر الحصار عن غزة، تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة إسرائيلية في 2 ماي الماضي، أثناء محاولتها الإبحار نحو غزة، ما تسبب في ثقب بهيكلها واندلاع حريق في مقدمتها.