توافقات مُحتملة بين واشنطن وموسكو … هل تدفع أوكرانيا ثمن الدفاع عنها ؟

على الرغم أن وجود ترامب في منصبه من جديد سيقترب خلال يومين من الشهر الأول في المخاض العسير الذي يواجه كوكبنا ،

إلا أنه وطاقمه أثاروا حالة من الإرباك في دوائر جغرافية مختلفة . ولا تقتصر أطروحات المستثمر -الذي يرتدي زي قائد للعالم - علي الشرق الأوسط ومستقبل غزة ، بل امتدت إلي أوكرانيا حيث طرح وزير الخزانة الأمريكي خلال اللقاء الذي جمعه مع الرئيس الأوكراني ''زيلينسكي'' الأسبوع الماضي فكرة امتلاك الولايات المتحدة نصف المعادن النادرة لأوكرانيا ، وهو الطرح الذي لم يتجاوب معه زيلينسكي حتى الآن، أخذاً في الاعتبار أن أوكرانيا تمتلك نحو 5% من المعادن النادرة التي تدخل في صناعة أشباه المواصلات ( تصل قيمة المعادن الأوكرانية إلى نحو 14 تريليون دولار ) . وتتطلع واشنطن في الأساس لتأمين مصادر للمعادن وموارد تصنيع الرقائق الإليكترونية ، نظراً لإيقاف الصين تصديرها إلي السوق الأمريكي في ديسمبر 2024 .

الغريب في هذا الأمر أن تعليق مسؤول كبير في البيت الأبيض جاء مندهشاً من الرفض الأوكراني ، ووصفه بأنه "قصير النظر" ، ومما لاشك فيه أن سمة القصر هنا يُقصد بها التوجه الرافض وليس رأس الدولة ، الذي يرى أن الطرح الأمريكي(في صورة تعاقد) لا يوفر ضمانات أمنية لأوكرانيا في مواجهة تهديدات روسية مستقبلية، علماً بأنّ تلك الأطروحات الأمريكية تدور في سياق مفاوضات روسية أمريكية مُحتملة في الرياض ( بدون مشاركة من جانب كييف) لبحث تسوية قريبة للأزمة الأوكرانية .
صدر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة تقريراً يحمل عنوان ''أوروبا تدفع ثمن ابتعاد واشنطن عن كييف" جاء فيه أن رفض الولايات المتحدة تقديم ضماناتٍ أمنية لأوكرانيا وتوجُّهها نحو منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، يضع أوروبا أمام خياراتٍ صعبة، مع ثلاثة خياراتٍ غير مستساغة يجب التخطيط لها: اتفاق سلامٍ متهاون، أو مفاوضات مطولة، أو وقف إطلاق نارٍ يُعيد أوكرانيا إلى موقفٍ ضعيف.
كما أوضح التقرير أنه يتعيَّن على أوروبا أن تستعد لسدِّ الفجوة التي خلَّفتها المساعدات العسكرية التقنية الأمريكية، ودعم قدرة أوكرانيا على مقاومة أيِّ عدوان، ويُمكنها أن تفعل ذلك من خلال توسيع التدريب وإنتاج الذخائر والاستثمار فيها، وتعزيز قدرات ردْعٍ جادة.وخلُص إلي أنه من الممكن أن تُحقِّق أوكرانيا نتائج أفضل مستقبلاً، إذا أطالت روسيا المحادثات، واستطاعت أوروبا زيادة الإنتاج العسكري ودعم «كييف»، ولكن في الوقت الحالي فإن أوكرانيا بحاجةٍ للتحرُّك بحذرٍ بين اللامبالاة الأمريكية والتقاعُس الأوروبي.
في سياقٍ موازٍ ، نشرت وول ستريت جورنال مقالاً للكاتب ''ياروسلاف تروفيموف'' ركز في عنوانه '' أوروبا محاصرة بين ترامب وبوتين تواجه لحظة الحقيقة '' على الترويج إلى أن هناك صفقات محتملة بين الرئيسين في ضوء اعتزام الولايات المتحدة وروسيا بدء مفاوضاتٍ بشأن أوكرانيا والأمن الأوروبي، فإن وجهة النظر المشتركة في «واشنطن» و«موسكو»، أجمعت على ازدراءٍ صريحٍ لقادة أوروبا.
أشار كاتب المقال إلى أنه بالرغم أن السياسة الخارجية لـ«ترامب» ما تزال غير مكتملةٍ وغير واضحة لعديدٍ من حلفاء «واشنطن»، فإن الرئيس يبدو عازمًا على إنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، حتى لو كان ذلك يعني تنازلاتٍ كبيرة من «كييف»، ومكسبًا استراتيجيًا لروسيا.
كما ذهب إلى فرضية أنه إذا هُزِمت أوكرانيا أو تم تحييدُها في إطار اتفاقٍ تتفاوض عليه الولايات المتحدة مع روسيا، فإن بقية أوروبا ستكون عُرضةً بشكلٍ كبير للخطر، وخاصة إذا تلاشت الالتزامات الأمريكية بأمنها.
وتأسيساً على مخاوف العواصم الأوروبية من إبتعاد واشنطن عن أوروبا والتحالف مع موسكو ، يعتزم الرئيس الفرنسي المضي قدمًا في قمة "باريس" للقوى الدفاعية الأوروبية لاستعادة المبادرة والمطالبة بإنهاء حظر الولايات المتحدة على مشاركة أوروبا في محادثات مستقبل أوكرانيا، من المقرر أن يناقش الاجتماع قدرات الدفاع الأوروبية لأوكرانيا، بما في ذلك خطة منحها العضوية التلقائية في الناتو حال خرق روسيا لوقف إطلاق النار.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115