تتسارع وتيرة التحركات الدبلوماسية والسياسية العربية والدولية الحثيثة للوقف في وجه هذا المخطط الخطير الذي يستهدف الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية .
فهذه الخطة التي يسعى ترامب الى فرضها بالقوة على الدول العربية وبالتهديد وبالوعيد بما في ذلك التلويح بوقف المساعدات للأردن ومصر ، باتت تستهدف أمن الدول العربية حتى المطبعة والتي لم تسلم رغم اتفاقيات التطبيع من طموحات العدو التي لا تنته الا بقيام ما يسمى في أدبيات احتلالهم " إسرائيل الكبرى" .
وفي خضم ذلك ، لوحت القاهرة بوقف بمراجعة اتفاقيات التطبيع ، فقد أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا رسميا يحذر من تداعيات الرؤية الأمريكية لحل القضية الفلسطينية، معتبرة أنها قد تعرض مكتسبات السلام في المنطقة للخطر. هذه الإشارة، التي اعتبرها كثيرون تلميحا إلى احتمال مراجعة اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية المصرية والاستراتيجية الإقليمية.
يأتي هذا الموقف المصري وسط تصاعد التوترات في غزة، وهو ما تعتبره مصر تهديدا مباشرا لأمنها القومي وللتركيبة السكانية في المنطقة وللفلسطينيين. وأكدت القاهرة بوضوح أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يستند إلى إنهاء الاحتلال وتنفيذ حل الدولتين، مما يعكس رفضها لأي مشاريع من شأنها فرض واقع جديد على الأرض بالقوة.
هل إلغاء كامب ديفيد خيار مطروح؟
منذ توقيعها عام 1979، شكلت اتفاقية كامب ديفيد حجر الزاوية في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأرست معادلة توازن دقيقة في الشرق الأوسط. لكن التطورات الأخيرة، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والتصورات الأمريكية التي تطرح دون مراعاة لمصالح مصر والفلسطينيين، قد تدفع وفق مراقبين القاهرة إلى إعادة تقييم التزاماتها في إطار هذه الاتفاقية.
إلى جانب موقفها الحاد تجاه السياسات الأمريكية والإسرائيلية، أعلنت مصر عن نيتها تقديم تصور متكامل لإعادة إعمار غزة، يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم، ما يشير إلى أنها تسعى إلى لعب دور قيادي في إعادة ترتيب الأولويات الإقليمية. كما أبدت القاهرة استعدادها للتعاون مع الإدارة الأمريكية للوصول إلى سلام شامل وعادل، في محاولة لموازنة موقفها بين الضغوط الدولية وحماية مصالحها القومية.
بينما لا تزال الخطوات المصرية المستقبلية غير واضحة تماما، فإن مجرد التلويح بإعادة النظر في كامب ديفيد يحمل رسالة قوية مفادها أن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات فرض حلول غير عادلة للقضية الفلسطينية. ورغم أن إلغاء الاتفاقية بالكامل قد يبدو خيارا بعيد المدى، فإن مصر تبدو عازمة على استغلال هذه الورقة للضغط على إسرائيل وأمريكا لضمان عدم الإضرار بالمصالح العربية والفلسطينية.
في ظل هذه التطورات، يترقب الجميع ما إذا كان هذا التوجه المصري سيبقى في إطار التصريحات الدبلوماسية، أم أنه سيترجم إلى تحركات سياسية أكثر جدية في الفترة المقبلة.
ويأتي هذا الموقف المصري بعد تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بوقف المساعدات التي تقدمها بلاده للأردن ومصر، إذا لم يستقبلا الفلسطينيين، وذلك بعد رفض كلا الدولتين مقترحات ترامب بشأن تهجير سكان غزة، وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وفقا لتصريحاته.
ولم يكتف ترامب بهذه التصريحات، بل كشف عن خطة جديدة تتمثل في "شراء غزة وامتلاكها بالكامل"، وقال في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، نُشرت يوم الاثنين، إن "الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة، لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل بكثير".
الخطة المصرية العربية لإعمار غزة
مع تصاعد الجدل حول مستقبل غزة في ظل التصورات الأمريكية التي تتضمن تهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة وتحويل القطاع إلى ما وصفه الرئيس الأمريكي بـ"ريفيرا الشرق الأوسط"، تعمل مصر وعدة دول عربية على وضع خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، مع التأكيد على ضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم ومنع أي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي للقطاع.
بحسب مصادر مطلعة وتقارير إعلامية، فإن القاهرة أوشكت على الانتهاء من التفاصيل الفنية للخطة، والتي تتضمن إزالة الركام وإعادة بناء البنية التحتية في القطاع، إضافة إلى تحديد سبل معيشة السكان خلال عملية الإعمار.
وفي إطار الجهود الدبلوماسية، تجري مصر مشاورات مكثفة مع دول عربية، من بينها الأردن والسعودية، لضبط تفاصيل الخطة. ومن المتوقع أن يعقد اجتماع عربي خماسي في الرياض الأسبوع المقبل، يليه قمة عربية طارئة نهاية الشهر الجاري، لمناقشة التطورات في الأراضي الفلسطينية والتعامل مع الطروحات الأمريكية.
أكدت مصر أن خطتها ستتم بالتعاون مع الإدارة الأمريكية، بهدف التوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق شعوب المنطقة، كما أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي سيشاركان في الجهود لضمان نجاح المشروع.
في ظل الضغط المتزايد على الفلسطينيين وخطط إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في غزة، يبدو أن القاهرة والدول العربية المعنية تسعى لطرح رؤية بديلة تستند إلى تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، في مقابل رفض أي مشاريع من شأنها إعادة رسم خريطة الصراع وفقا للمصالح الأمريكية والإسرائيلية.
السؤال الآن: هل ستتمكن الدبلوماسية العربية من تحويل هذه الخطة إلى واقع ملموس؟ أم أن الضغوط الدولية ستفرض مسارات أخرى على الأرض؟.
إتمام صفقة الإفراج رغم تهديدات ترامب
بعد تصاعد التوتر والتهديدات المتبادلة، وفي ظل المخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أقدمت حركة حماس يوم السبت على إطلاق سراح ثلاثة رهائن إسرائيليين. وجاء ذلك في إطار صفقة تبادل تضمنت إفراج إسرائيل عن 369 أسيراً ومعتقلاً فلسطينيا.
وجرت عملية تسليم الدفعة السادسة من الرهائن وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، ودخل حيز التنفيذ في 19 من جانفي، عشية تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهام منصبه رسميا.
وشمل الرهائن المفرج عنهم أشخاصا يحملون جنسيات مزدوجة، وهم: ألكسندر ساشا تروفانوف (إسرائيلي روسي)، ساجوي ديكل تشين (إسرائيلي أمريكي)، ويائير هورن (إسرائيلي أرجنتيني).
وجرت عملية التسليم في مدينة خان يونس، حيث تم تسليم الرهائن إلى الصليب الأحمر وسط انتشار مكثف لعناصر حماس، قبل أن يتم نقلهم إلى إسرائيل.
في المقابل المقابل، أفرجت إسرائيل عن 369 سجيناً ومعتقلا فلسطينيا، من بينهم 36 سجينا محكومين بالسجن المؤبد.
حماس ترد
في غضون ذلك، قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، إن تصريحات ترامب بخصوص الإفراج عن كل الرهائن الإسرائيليين، "تتناقض مع الاتفاق الذي أبرم برعاية الوسطاء والولايات المتحدة"، محذراً من أن الحركة "لديها ما تفعله" في حال انهيار الاتفاق.
ودعا قاسم الولايات المتحدة، إلى "إلزام إسرائيل بالاتفاق إذا كانت حريصة على حياة الرهائن"، معبراً عن أمله في أن تبدأ خلال أيام قليلة، محادثات المرحلة الثانية من صفقة التبادل.
وتأتي تصريحات قاسم، بينما أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي السبت، أن الجيش يعد "خططاً للهجوم" على غزة.
وقال هاليفي في بيان له، إنه "تزامناً مع الحماس الكبير الذي يرافق عودة كل رهينة، فإننا (الجيش) نذكّر بواجبنا في إعادتهم جميعا. نبذل جهودا هائلة من أجل هذا، وفي الوقت نفسه نعد خططا للهجوم".
وحتى الآن، تم إطلاق سراح 19 رهينة من غزة وأكثر من 1000 سجين ومعتقل فلسطيني كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي بدأ في 19 جانفي 2025.
ومن المتوقع أن يتم إطلاق سراح 33 رهينة و1900 سجين بحلول نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق والتي تستمر ستة أسابيع.
وزير خارجية أمريكا يلتقي نتنياهو
هذا والتقى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أمس الأحد رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، غداة سادس عملية تبادل رهائن وأسرى فلسطينيين جرت بين الاحتلال وحركة حماس في إطار اتفاق الهدنة في قطاع غزة.
وبحث روبيو خلال زيارته الأولى إلى الشرق الأوسط منذ تعيينه في مهامه، اقتراح الرئيس دونالد ترامب بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وتهجير سكانه إلى مصر والأردن اللتين عارضتا ذلك.
وأعرب نتانياهو عن تقديره "للدعم المطلق" من ترامب للقرارات الإسرائيلية المقبلة بشأن قطاع غزة.
من جانبه، كتب ترامب على موقعه "تروث سوشال" بعد إتمام عملية التبادل الجديدة "يتعين على إسرائيل الآن أن تقرر ما ستفعله بشأن الموعد النهائي المحدد للإفراج عن جميع الرهائن" مؤكدا "ستدعم الولايات المتحدة القرار الذي ستتخذه!".
ووصل روبيو بعدما أفرجت حركتا حماس والجهاد الإسلامي عن ثلاثة رهائن إسرائيليين كانوا محتجزين في قطاع غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، بينما أطلقت إسرائيل سراح 369 أسيرا فلسطينيا من سجونها.
ومن المتوقع أن يبحث روبيو في إسرائيل المرحلة الثانية من الاتفاق التي يفترض أن تشهد إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وإنهاء الحرب.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات إن الوسطاء يأملون أن تبدأ "الأسبوع المقبل في الدوحة" المحادثات حول المرحلة الثانية. أما المرحلة الثالثة والأخيرة من الاتفاق فستخصص لإعمار غزة، وهو مشروع ضخم تقدر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 53 مليار دولار.
إسرائيل تتسلم شحنة قنابل ثقيلة
ميدانيا قالت وزارة الحرب الإسرائيلية امس الأحد إن إسرائيل تلقت شحنة من قنابل إم.كيه-84 الثقيلة من الولايات المتحدة، بعد أن رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظرا فرضته إدارة سلفه جو بايدن على تصدير الذخائر.
وإم.كيه-84 هي قنبلة غير موجهة تزن 2000 رطل ويمكنها اختراق الخرسانة السميكة والمعادن، مما يسبب دائرة انفجار واسعة.
ورفضت إدارة بايدن السماح بتصديرها إلى إسرائيل خوفا من تأثيرها على المناطق المكتظة بالسكان في قطاع غزة.
وأرسلت إدارة بايدن آلاف القنابل التي تزن 2000 رطل إلى إسرائيل ، لكنها أوقفت لاحقا إحدى الشحنات. ورفع ترامب الحظر الشهر الماضي.
وقال وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس في وقت متأخر من أمس الاول "شحنة الذخيرة التي وصلت إلى إسرائيل الليلة، والتي أفرجت عنها إدارة ترامب، تمثل مخزونا مهما للقوات الجوية والجيش الإسرائيلي وبمثابة دليل جديد على التحالف القوي بين إسرائيل والولايات المتحدة".
ووصلت الشحنة بعد أيام شهدت قلقا بشأن قدرة اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة على الصمود، بعد أن تبادلت حماس وإسرائيل الاتهامات بانتهاك شروط الاتفاق الذي جرى التوصل إليه الشهر الماضي ويتضمن تبادل الرهائن المحتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل.
وأعلنت واشنطن عن مساعدات لإسرائيل بقيمة مليارات الدولارات منذ بدء الحرب.
"حكومة غزة": لم تصل منازل متنقلة
قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، امس الأحد، إنه حتى هذه اللحظة لم يصل للقطاع أي من المنازل المتنقلة والمعدات الثقيلة المطلوبة لإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها إسرائيل.
وأفاد في تصريح وفق الأناضول بأن "تنصل إسرائيل من التزاماتها الواردة في الاتفاق والبروتوكول الإنساني يضع الوسطاء أمام اختبار جدي للضغط أكثر على الاحتلال لضمان تنفيذ التعهدات التي التزم بها".
وأضاف: "ما زال الاحتلال الإسرائيلي يماطل في إدخال المعدات الأساسية اللازمة للقطاع ما يفاقم الأزمة الإنسانية".
وأوضح أنه "حتى هذه اللحظة لم يصل إلى القطاع أي من المنازل المتنقلة والمعدات الثقيلة المطلوبة لإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها إسرائيل".