إضاءة الطاقة النووية وسلامة البيئة

وتمثل الأنشطة البيئية تهديدا وعاملا مؤثرا على سلامة البيئة،

ويتزايد القلق من تلك التأثيرات بسبب التنافس الدولي المتواصل لتركيز منشآت نووية للاستخدام العسكري أو السلمي.

إن انبعاثات غازات الناتجة عن طاقة الانشطار النووي أصغر بكثير من تلك المرتبطة بالفحم والنفط والغاز والمخاطر الصحية الروتينية أصغر بكثير من تلك المرتبطة بالفحم. ومع ذلك هناك احتمال «خطر كارثي» إذا فشل الاحتواء والذي يمكن أن ينتج عن المفاعلات النووية عن طريق الوقود المحموم الذائب وإطلاق كميات كبيرة من منتجات الانشطار في البيئة
هذا الخطر المحتمل يمكن أن يمحو الفوائد ويجب احتواء معظم النفايات المشعة طويلة العمر بما في ذلك الوقود النووي المستهلك وعزلها عن البيئة لفترة طويلة من الزمن على الجانب الآخر يمكن إعادة استخدام الوقود النووي المستهلك مما ينتج عنه طاقة أكبر ويقلل من كمية النفايات التي يجب احتوائها
لقد أصبح الشعوب حساسة لهذه المخاطر وسجلت معارضة عامة كبيرة للطاقة النووية
كارثة اليابان عام 2011
أدى حادث جزيرة الثلاثة أميال عام 1979 وكارثة تشيرنوبيل عام 1986 بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف البناء بالإضافة إلى التأخير الناجم عن جدول ثابت للمظاهرات والأوامر القضائية والإجراءات السياسية الناجمة عن المعارضة المناهضة للأسلحة النووية إلى إنهاء النمو السريع للطاقة النووية العالمية
جاء إطلاق المواد المشعة في أعقاب كارثة تسونامي اليابانية عام 2011 التي دمرت محطة فوكوشيما الأولى للطاقة النووية مما أدى إلى انفجارات غاز الهيدروجين والانهيارات الجزئية المصنفة على أنها من المستوى السابع.
أدى إطلاق النشاط الإشعاعي على نطاق واسع إلى إجلاء الأشخاص من منطقة استبعاد يبلغ طولها 20 كيلومتر حول محطة توليد الكهرباء على غرار منطقة استبعاد تشيرنوبيل التي يبلغ قطرها 30 كيلومتر ولا تزال سارية لكن الأعمال المنشورة تشير إلى أن مستويات النشاط الإشعاعي قد انخفضت بما يكفي ليس لها الآن سوى تأثير محدود على الحياة البرية. في اليابان في يوليو 2016 أعلنت محافظة فوكوشيما أن عدد الأشخاص الذين تم إجلائهم عقب أحداث زلزال شرق اليابان الكبير انخفض إلى أقل من 90,000 شخص وذلك جزئيا بعد رفع أوامر الإخلاء الصادرة في بعض البلديات.
وتعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية تعرض الناس لمستويات متزايدة من الإشعاع إذا أسفر إطلاق إشعاعي أو حادث عن تلوث للبيئة. وفي مثل هذه الحالات، يتوجب تطبيق إجراءات علاجية لتخفيف العواقب الإشعاعية، بما في ذلك تقييد الوصول إلى مناطق معينة، وتنظيف التربة والأسطح وإيجاد بدائل للإنتاج الزراعي. وقد يلزم بذل هذه الجهود لتقليل الإشعاع إلى أقل ما يمكن تحقيقه بدرجة معقولة من مستويات الجرعة، مع مراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وتحدد معايير الأمان الصادرة عن الوكالة معايير وإجراءات لضمان حماية الجمهور والبيئة أثناء التشغيل العادي للمرافق. كما أنها تشمل الحوادث ومعالجة المناطق المتأثرة بالحوادث أو الملوثة نتيجة للممارسات السابقة غير الخاضعة للرقابة. كما تنشر الوكالة إرشادات عملية بشأن تنفيذ هذه المعايير، وتنظم المساعدة الدولية لدعم أنشطة المعالجة عندما تطلبها الدول الأعضاء.
وتتطلب معالجة المناطق الملوثة إشراك جميع السلطات المعنية وإجراء حوار بناء مع السكان. وقد تتطلب الحوادث النووية الكبيرة، مثل الحوادث التي وقعت في تشرنوبل وفوكوشيما، مشاركة العديد من البلدان، فضلاً عن مشاركة حكوماتها الوطنية والمنظمات الدولية.

 

 


ساهمت الأنشطة البشرية لفترة طويلة في استنفاد موارد البيئة الطبيعية وتلويثها، وأدَّت إلى عواقب وخيمة منها تغيُّر المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي بالإضافة إلى ظهور أمراض جديدة وانتشارها. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في إيجاد حلولٍ يمكن أن تعالج الأضرار الناجمة عن هذه الأنشطة وتضع الكوكب على طريق التعافي. وتعتمد بعض هذه الحلول على العلوم النووية.
وهذه طرق تؤدي فيها العلوم والتكنولوجيا النووية دوراً مهماً في حماية البيئة وتساهم في الحفاظ عليها واستعادتها.
1- التخفيف من آثار تغيُّر المناخ

الصورة من: مؤسسة الإمارات للطاقة النووية
تغيُّر المناخ هو أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية. ويعود ذلك، إلى حد كبير، إلى انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري. ويتطلَّب خفض هذه الانبعاثات ووضع حدٍّ نهائي لها بذل الحكوماتِ ودوائر الصناعة والمواطنين جهودٍ هائلةٍ ومتضافرةٍ لخفض اعتمادنا على الوقود الأحفوري والانتقال إلى مصادر الطاقة ذات الانبعاثات المنخفضة للكربون مثل الطاقة المتجددة والطاقة النووية.
وتمثل الطاقة النووية حوالي 10 في المائة من الكهرباء في العالم وبالتالي تمثل ربع الكهرباء المنخفضة الكربون على مستوى العالم. ولا تصدر عن محطات الطاقة النووية، أثناء التشغيل، انبعاثات كربونية تقريباً، وبالتالي يمكن أن تؤدي دوراً رئيسيًّا في الانتقال إلى طاقة منخفضة الانبعاثات في المستقبل..
وتقع محطة براكة للطاقة النووية في أبوظبي وهي المشروع الأكبر في دولة الإمارات لخفض نسبة الكربون. وتعمل الدولة على تنويع قطاع الطاقة بمصادر ذات انبعاثات منخفضة للكربون للحدِّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 23.5 في المائة مقارنةً بالمستويات المعتادة بحلول عام 2030. وستؤدي الطاقة النووية، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة، دوراً رئيسياً في تحقيق ذلك.
وتدعم الوكالة البلدان التي تسعى إلى إطلاق برامج تتعلق بالطاقة النووية وقد أنتجت كنزاً من المعارف حول كيفية مساهمة الطاقة النووية في خفض انبعاثات الكربون واتخاذ إجراءات بشأن المناخ في الوقت المناسب. وفي الآونة الأخيرة، أطلقت الوكالة مبادرة لتسريع عملية إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية للمساعدة في خفض انبعاثات الكربون من القطاعات التي تعتمد على الوقود الأحفوري بشكل أساسي، مثل الصناعات الثقيلة ووسائل النقل.
2- إعادة تدوير البلاستيك

منذ عام 1950، بلغت كمية النفايات أكثر من ثمانية مليارات طن من البلاستيك. والمخلفات البلاستيكية من أخطر المشاكل البيئية في العالم في الوقت الراهن، سواء على اليابسة أو في البحار حيث تؤدي إلى اختناق الحيوانات والطيور البحرية وبدأت في التأثير على السلسلة الغذائية. ويصعب استخدام الأساليب التقليدية لتدوير أو إعادة تدوير كميات كافية من البلاستيك، لذلك تعمل الوكالة مع البلدان لإيجاد حلول لهذه المشكلة بالاستعانة بالتكنولوجيا الإشعاعية.
وأطلقت الوكالة العام الماضي مبادرة تسخير التكنولوجيات النووية لمكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية (مبادرة نيوتك)، وهي مبادرة تدعم أساليب متخصصة للتمكن بدقة من تعقُّب وقياس حركة وتأثيرات المواد البلاستيكية الدقيقة وغيرها من المواد المتسببة في التلوث، مما يسمح للخبراء بتحديد حالة واتجاهات المواد البلاستيكية البحرية، وتقييم مسارات التراكم الأحيائي للمواد البلاستيكية البحرية وتأثيراتها في الحيوانات البحرية القيِّمة، ووضع سيناريوهات المخاطر باستخدام هذه المعلومات من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة.
وتساعد المبادرة أيضاً في زيادة قابلية إعادة تدوير المواد البلاستيكية. وباستخدام العمليات الإشعاعية مثل الربط البيني للبوليمرات، وقص السلاسل، وزرع البوليمرات، بالإضافة إلى تقنيات أخرى لتعديل المواد البلاستيكية، يمكن للخبراء العمل على تحويل هذه المواد وجعلها قابلة لإعادة التدوير. واطَّلعوا على التقرير المصوَّر حول استخدام التشعيع للانتقال إلى اقتصادٍ دائري لمعرفة المزيد عن هذه التقنية.
3- مراقبة التلوث البيئي

تتسبب العديد من الأنشطة في أيامنا هذه في إطلاق الملوِّثات في البيئة. ويؤثر التلوث في الهواء والمياه والتربة على الدورات البيولوجية والجيولوجية والكيميائية ويصبح جزءاً منها. ويمكن للخبراء، باستخدام التقنيات والأدوات النووية، دراسة هذه العمليات لمعالجة المُلوِّثات والمواقع المُلوَّثة.
وفي الهواء، تُستخدم التقنيات النظيرية والنووية لمراقبة مسارات المعادن الثقيلة والغازات الدفيئة والغازات والجزيئات المشعة في الغلاف الجوي. وإليكم مقطع فيديو يظهر كيف تمكَّن العلماء من استخدام النظائر المستقرة "لتحديد" الغازات الدفيئة الموجودة في عينات من الهواء وتتبُّع مصدرها.
وعلى الأرض، يمكن للتقنيات النووية تحديد الملوِّثات وقياسها بدقة. وباستخدام هذه التقنيات، تساعد الوكالة البلدان في وضع مبادرات لحماية البيئة بالإضافة إلى مراقبتها وتقييمها.
وفي البحار، يمكن للتقنيات النووية والنظيرية المُتطوِّرة أن ترصد التلوُّث بدقة كما يمكنها الحدَّ من تأثير الحوادث ذات الصلة وتخفيف آثارها على السكان المحليين.
4- إدارة موارد المياه الطبيعية

تعتمد حياة الإنسان على توافر المياه. ويمكن التأكد من استدامة المياه التي نستخرجها للشرب والصناعة والزراعة عن طريق قياس نسبة النظائر الموجودة في المياه، وهو مجال علمي يسمى الهيدرولوجيا النظيرية.
وتدعم الوكالة البلدان من خلال مختبرها للهيدرولوجيا النظيرية في تطبيق التقنيات النووية والنظيرية في جميع جوانب تقييم موارد المياه العذبة بالإضافة إلى إدارة المياه وحمايتها. ويعاني الشرق الأوسط مثلاً من نقص في المياه مما يؤدي إلى صعوبة في تحقيق النمو الزراعي. ودعمت الوكالة، في إطار شراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عدة بلدان بالمنطقة من أجل تحسين ممارسات إدارة التربة والمياه والمحاصيل باستخدام التقنيات النووية والنظيرية.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115