فرنسا تعلن حالة الطوارئ في أرخبيل كاليدونيا الجديدة قوات الأمن تواجه انتفاضة شباب الحركة الاستقلالية

أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون قرر فرض حالة الطوارئ في أرخبيل كاليدونيا الجديدة

التي تعتبر من "أراضي ما وراء البحار" التابعة للدولة الفرنسية بعد أن اشتدت انتفاضة الشباب التابعين لما يسمى "تنسيقية العمل الميداني" وسجلت عمليات حرق ونهب للممتلكات الخاصة والعمومية ودمار شمل مؤسسات اقتصادية ذهب ضحيتها 4 أشخاص من بينهم عون حرس جمهوري. وسجلت المظاهرات عشرات الجرحى في صفوف قوات الأمن ومئات في صفوف المتظاهرين.

وذكرت تقارير ميدانية أن اندلاع الانتفاضة جاء ردا على قرار حكومة غابريال أتال تقديم نص دستوري أمام البرلمان يغير قانون الانتخاب في كاليدونيا الجديدة ويمنح هذا الحق مشاركة المقيمين الفرنسيين في الأرخبيل في الانتخابات الجهوية مما يشكل خطرا، حسب المواطنين الأصليين، على التوازنات في المنطقة يمكن أن تسفر إلى فقدانهم للأغلبية ومنعهم من المشاركة فعليا في إدارة الحياة العامة.
ولاحظ الصحفيون المحليون تشكيل المتساكنين في بعض الأحياء في جنوب الأرخبيل "ميليشيات" ومجموعات دفاعية من أجل حماية الأحياء والمنازل. ورفعت حواجز لسد الطرق مع تسليح البعض للتصدي للعصابات المنتفضة التي تهاجم الأشخاص والأحياء خاصة تلك التي يسكنها البيض. وذكرت بعض الصحف أن بعض الثائرين أطلقوا خطابات عنصرية ضد البيض الفرنسيين وتهديدات موجهة لهم.
وأعلنت وزارة الداخلية أن أعمال الحرق والتكسير والنهب أدت إلى دمار منشآت عمومية وممتلكات خاصة وأن وراء هذه الأعمال "مافيا" محلية تدير أعمال العنف متسترة ب "تنسيقية العمل الميداني" التابعة لجبهة كاناك الاشتراكية للتحرير الوطني. وقرر وزير الداخلية جيرالد درمانان إرسال تعزيزات أمنية تتمثل في مجموعات من فرق التدخل ومن القوات الأمنية المتخصصة في مقاومة المظاهرات و أيقاف شبكة "تيك توك" التي يستعملها المتظاهرون للتنسيق فيما بينهم.
في انتظار حل سياسي
وتم بموجب قانون حالة الطوارئ ارسال قوات الجيش لحماية الميناء في العاصمة نوميا والمطارين الشاغلين في الأرخبيل. ووقع وزير الداخلية 5 قرارات من أجل وضع شخصيات من "تنسيقية العمل الميداني" تحت الإقامة الجبرية مع تفتيش منازلهم وضبط الأسلحة. ويعتقد المحللون العسكريون أن عدد الأسلحة الموجودة في الأرخبيل أكبر من عدد السكان الذي يناهز 272000 نسمة وذلك بسبب تواجد عدد كبير من الصيادين ومن تجار السلاح بصورة غير قانونية. حسب الخبراء العسكريين سوف يمكن فرض حالة الطوارئ من إعادة الوضع إلى ما كان عليه في غضون أسبوع على أقصى تقدير.
على المستوى السياسي، أعرب الرئيس ماكرون عن نيته فتح حوار سياسي مع الممثلين المحليين عبر الأقمار الصناعية للتوصل إلى حل بعد استتباب الأمن. كذلك موقف الوزير الأول غابريال أتال. وتجد الحكومة مساندة من أحزاب اليمين ومن التجمع الوطني اليميني المتطرف الذين ساندوا فرض حالة الطوارئ وطالبوا بردع المتمردين بقوة. أما أصوات اليسار المعارض فقد عبرت عن تنديدها بموقف الحكومة واعتبرته، على لسان أمين عام الحزب الشيوعي فابيان روسال، "رجوعا للدولة الاستعمارية" التي تستند على تهيئة الأراضي ما وراء البحار واعمارها بمستوطنين قادمين من فرنسا.
يبقى الخروج من الأزمة رهينة حل سياسي شامل في الأفق وعمل ميداني على تهدئة الأوضاع الاجتماعية مع تنامي الكراهية وارتفاع الأسعار بنسبة 37% على ما هي عليه في فرنسا وعدم تمكن السلطات من تخفيف حالة البطالة التي تمس الشباب في المقام الأول. في هذا الإطار أعلن "مجلس الزعماء التقليديين" للأرخبيل الذي يضم زعماء القبائل الأصليين عن شجبه لأعمال العنف والتخريب ورفضه لما قاله وزير الداخلية في تصنيف لشباب "تنسيقية العمل الميداني" بأنهم من "المافيا". وطالب الزعماء المحليون تدخل الأمم المتحدة لحماية حق الأقليات والسكان الأصليين للأرخبيل حسب المواثيق والقانون الدوليين.
أما الأحزاب الأخرى وفي مقدمتها جبهة كاناك الاشتراكية للتحرير الوطنية فقد نددت بالعنف مع قبولها التفاوض في شأن القانون المدرج أمام البرلمان. وحسب بعض التسريبات فإن الحكومة الفرنسية قد تقبل التراجع على جزء من بنود القانون الذي يقضي بمنح المتساكنين البيض حق الانتخاب مع الإبقاء على هذا الحق لكل المواطنين الفرنسيين المولودين في الأرخبيل إن كانوا من أصل أبيض أو من زيجات مختلطة. ويبقى موقف الحكومة قويا في التفاوض بعد أن أقرت "اتفاقيات نوميا" عام 1985 الذي أقر تنظيم 3 استفتاءات متتالية لتسوية وضع الأرخبيل الذي ضمته فرنسا لأراضيها عام 1946. واسفرت الاستفتاءات الثلاث في مسألة الاستقلال إلى هزيمة الأحزاب الاستقلالية مما يجعل من الأرخبيل أرضا فرنسية بدون منازع. الوضع اليوم، بالرغم من بعض المعارضين، يعتبر شأنا فرنسيا داخليا وهو الإطار الذي تعمل السلطات على تقويته بقبولها تنازلات لصالح المواطنين الأصليين لأرخبيل كاليدونيا الجديدة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115