مرايا وشظايا "تراثنا.. رؤية تتطوّر.. تشريعات تواكب" شهر التراث والمفارقة بين الشعار والواقع!

إنّ "التراث هو الإرث الذي ورثناه من الماضي،

والذي ننعم به اليوم، والذي ننقله إلى أجيال الغد"، بهذا التعريف البسيط، العميق اختارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن تعرّف التراث. وبدورها تخصّص تونس شهرا كاملا سنويا للاحتفاء بالتراث المادّي واللّامادي في كل ربوع الجمهورية من شمالها إلى جنوبها.
منذ أكثر من ثلاثين سنة وتونس تحتفل في كل عام بشهر التراث. وقد أعلنت وزارة الشؤون الثقافية عن الاحتفال بشهر التراث في دورته 33 من 18 أفريل والذي يوافق اليوم العالمي للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية إلى 18 ماي 2024 والذي يوافق اليوم العالمي للمتاحف. من الموقع الأثري بسبيطلة سينطلق الاحتفال بافتتاح شهر التراث، أما حفل الاختتام فسيحتضنه المتحف الأثري والاثنوغرافي بالمكنين.
جاء شعار شهر التراث هذا العام بعنوان: "تراثنا ..رؤية تتطور..تشريعات تواكب". وهو ما يثير التعجب والاستغراب بسبب المفارقة الصارخة ما بين الشعار والواقع. فمنذ متى كانت التشريعات تواكب وتتطور وتتكيّف مع استحقاقات قطاع التراث في بلادنا؟ بل إنّه ومنذ عقود والحناجر تصدح، فكلّ مناسبة وفي غير مناسبة بأنّ التشريعات هي أصل المشكل وموطن الداء في تكبيل قطاع التراث والحدّ من قدرته في التشغيل وفي دعم موارد الدولة وفي الترويج لصورة تونس التاريخ والحضارة.
وقد لا يخفى على أحد القوانين والتشريعات ذات الصلة ومن أهمها مجلة حماية التراث الصادرة في أوائل تسعينات القرن الماضي في حاجة إلى تحيين و تغيير من أجل ثورة جذرية تحيي هذا القطاع المهمل والمهمش.
على أهميته وحيويته حاضرا ومستقبلا، يغرق قاع التراث في بحر متلاطم الأمواج من الأزمات الهيكلية والتشريعية التي تزداد حدة في ظل ميزانيات ضعيفة ومؤسسات متداخلة في المهام والصلاحيات ونقص فادح في الباحثين والأعوان والحراس... أمام هذا القصور في الوظائف والأدوار، وأمام صمم الحكومات المتعاقبة عن نداءات إنقاذ القطاع ، كثيرا ما طالب أهل التراث من باحثين ومختصين ونقابيين بإفراد قطاع التراث بوزارة خاصة أو ديوان للتراث أو كتابة دولة للتراث. ولكن لا عين رأت ولا أذن سمعت، وحتى مجرد إعادة الهيكلة استعصت على الحكّام والوزراء.
في استعدادها للاحتفال بشهر التراث ، أفادت وزارة الشؤون الثقافية أنّ "التظاهرات المبرمجة ستشكل فرصة لإمعان النظر في الإطار القانوني الذي ينظم التعامل مع ثراء التراث الوطني بما يراعي تطور المعايير الدولية المرتبطة بحمايته وترميمه وتأهيله ورد الاعتبار إليه بالتوافق مع الالتزامات الدولية المصادق عليها لتوفير أرضية قانونية متلائمة مع مختلف أشكال حمايته وصيانته وتثمينه".
فهل سيحقق الاحتفال بشهر التراث هذا العام بعض المطالب والأمنيات المعلقة منذ سنوات ؟ وهل آن الأوان لاحتفاء بالتراث يحدث الفارق ولا يكتفي ببرمجة مكررة وفلكلورية لم تأت بالجديد منذ أكثر من ثلاثين عام؟

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115