الإتحاد الأوروبي يوقع "اتفاقية شراكة استراتيجية" مع مصر بمقدار 7،4 مليار يورو مقاومة الهجرة غير النظامية في طليعة الأهداف

وقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسيلا فون در لاين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

اتفاقية شراكة استراتيجية بين مصر وأوروبا مقابل دعم مالي أوروبي ارتفع إلى 7،4 مليار يورو. وشارك في حفل التوقيع الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليداس ومستشار النمسا كار نيهامر ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والوزير الأول البلجيكي ألكسندر دي كرو والوزير الأول اليوناني كيرياكوسميتسوتاكيس. واعتبرت رئيسة المفوضية أن الاتفاق جاء على أساس انموذج الاتفاق مع تونس الذي يقدم الدعم مقابل إجراءات عملية للحد من موجات الهجرة غير النظامية.

تأتي هذه الخطوة في ظروف متقلبة اين تجد مصر نفسها محاصرة من مناطق أزمة مع الأحداث المتقلبة غربا في ليبيا والحرب على غزة شرقا من قبل الكيان الصهيوني والحرب الاهلية في السودان جنوبا. ويخشى الجانب الأوروبي، الذي دخل في مفاوضات متعددة الجوانب مع القاهرة منذ اندلاع جائحة كورونا من أجل التوصل إلى اتفاق يغطي فترة 2022 – 2027.
أزمة مصرية حادة
الاتفاق مع الجانب الأوروبي يعطي مصر متنفسا بعد أن حصلت على قرض بقيمة 5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي مؤخرا وقرضا آخر عام 2022 بقيمة 3 مليار دولار للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي أجبرت الحكومة، أمام تفاقم التضخم (35%)، إلى الرفع من مستوى الفائدة إلى 27،25% مقارنة ب 4% في الفضاء الأوروبي والتخفيض في قيمة العملة ب 50%. وهو ما جعلها ترفع في مستوى الأجور في القطاع العام وتحث القطاع الخاص على نفس الخطوة لتفادي تدهور الاستقرار العام. وتشهد المشاريع الضخمة مثل بناء القاهرة الجديدة كعاصمة إدارية ومشاريع اقتصادية أخرى تعطلا بسبب تدهور العملة المحلية وارتفاع نسبة التضخم والعجز التجاري إلى 8،7% من الناتج الداخلي الخام.
وهو ما جعل الحكومة تبحث على موارد مالية للتصدي للأزمة وتوافق على بيع جزء من التراب المصري في مرفق سياحي على البحر الأبيض المتوسط لدولة الإمارات العربية مقابل 150 مليار دولار. وتم بموجب ذلك صرف 35 مليار دولار لصالح الخزينة المصرية كدفعة أولى. ولا تزال مصر تعمل على ضمان قوت المواطنين الذي ارتفع عددهم إلى 106 مليون نسمة، من ذلك أن مصر أصبحت المورد الأول للقمح في العالم للحد من نسبة الفقر التي تطال ثلثي المواطنين. وتستعمل مصر جزء من هذه المبالغ لتسديد ديونها الخارجية التي ارتفعت إلى 165 مليار دولار.
حقيقة الشراكة
سرديات الشراكة الجديدة مع أوروبا في تصريحات المسؤولين تركز على مسألة مقاومة الهجرة غير النظامية في حين تشير الاحصائيات الأوروبية الرسمية لعام 2023 النابعة من وكالة الإتحاد الأوروبي للاجئين إلى أن مصر تحكمت في منع موجات الهجرة غير النظامية انطلاقا من فضائها البحري منذ 2016 وشهدت بعض الموجات رجوعا مع جائحة كورونا نحو اليونان وإيطاليا. وتشير احصائيات منظمة "فرونتاكس" الحارسة للحدود الأوروبية المشتركة إلى أن المصريين هم أول جالية مهاجرة إلى إيطاليا عبر ليبيا وتونس تليها الجالية التونسية من مجمل 158 ألف مهاجر ولاجئ وصلوا الموانئ الإيطالية بنسبة ارتفاع 50% على ما كان عليه الحال عام 2022. اندلاع الحرب في غزة وفي السودان يشكل تحديا إذ أصبحت مصر، حسب منظمة الهجرة الدولية، معبرا للمهاجرين تدير بدون موارد حقيقية 9 ملايين لاجئ على أراضيها من بينهم 4 ملايين سودانيين و1ـ5 مليون سوري. وهو عدد يربك الأوروبيين لأنه يشكل خزانا لموجات الهجرة.
ويقضي الاتفاق في الواقع إعانة مصر في حدود 200 مليون يورو فقط موجهة لدعم مجهودات مقاومة الهجرة غير النظامية تضاف إلى 105 مليون يورو تم دفعها اعتبارا لاتفاق 2022 بين الطرفين الذي بموجبه زودت فرنسا مصر بعدد من البواخر وشرعت في تكوين الحرس البحري لتطوير قدراته. وقبلت مصر مقابل ذلك مواصلة مجهودها لحراسة شريطها المتوسطي ومنع تدفق اللاجئين نحو ليبيا مع قبول رجوع المهاجرين المصريين غير النظاميين المطرودين من أوروبا. وسوف تساند البلدان الأوروبية في المقابل مشروع "مهني 2030" المصري الذي يقضي بتكوين مليون مصريا في 75 مركز عمومي في مصر على أن تقبل أوروبا تخصيص حصص تكوينية لهم على التراب الأوروبي قبل عودتهم القانونية إلى مصر.
لكن مضمون نص الاتفاق يركز على تمويل برامج استثمارية عبر قروض بقيمة 5 مليار يورو في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول الإصلاحات الهيكلية ويصرف منها مليار يورو قبل نهاية 2024 و1،8 مليار يورو من الاستثمارات المباشرة. وتدخل 400 مليون يورو في إطار اعانات لمشاريع مشتركة. وتهدف كل هذه العملية إلى تحقيق مسائل حيوية مثل تزويد أوروبا من الغاز والهيدروجين لخفض الاحتياجات للغاز الروسي والاستثمار في الطاقات المتجددة والموارد المائية والتكنولوجيات الحديثة والإبداع في الميدان الرقمي مع التعاون في مسائل الأمن ومقاومة الإرهاب وحماية الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي.
مسألة شائكة
ولاقى اتفاق الشراكة انتقادات حادة من قبل منظمات الهجرة واللاجئين ومنظمات حقوق الإنسان، وفي مقدمتهم "هيومنرايتس واطش" و"أرضية اللاجئين في مصر" التي طالبت المفوضية الأوروبية بربط دعم مصر باحترامها لحقوق الإنسان وتحسين وضع الحقوق المدنية والسياسية و الاقتصادية للشعب المصري. وذكرت تلك المنظمات أن 60 ألف مصري يعدون من مساجين الرأي يقبعون في السجون المصرية بسبب معارضتهم السلمية لسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقد ذكر أحد بنود الاتفاق أن الإتحاد الأوروبي "جاهز لإعانة مصر في تحقيق استراتيجية قومية في مسألة حقوق الإنسان انطلاقا من بنود اتفاق الشراك وأولوياته للفترة ما بين 2012 و2027." عبارات دبلوماسية تدخل في نطاق اللغة الخشبية التي لا تطلق أضواء نحو اتخاذ إجراءات حقيقية للدفاع عن حقوق الإنسان. مع العلم أن منظمة "برنامج العدل الدولي" تضع مصر في المرتبة 136 على 142 في ترتيب الدول الحامية لحقوق الإنسان.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115