ألمانيا والولايات المتحدة ترفضان مقترح ماكرون إرسال جنود إلى أوكرانيا تصدع في الموقف الغربي وارتياح في موسكو

أطلق اعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عدم استثناء ارسال جنود غربيين إلى أوكرانيا

للقتال ضد روسيا أزمة دولية في صفوف الدول الغربية. وكان المستشار الالماني ألاف شولتز أول من عارض صراحة فكرة ماكرون.

ألاف شولتز المعروف بتصريحاته المحتشمة لم يتأخر هذه المرة في التعبير عن موقف حازم أمام الصحفيين: "ما قررناه فيما بيننا منذ البداية لا يزال ساري المفعول في المستقبل: "لن يكون هنالك أي جيش على الأرض ولن يرسل أي جندي من قبل الدول الأوروبية ومن الأعضاء في منظمة الحلف الأطلسي." حدة المعارضة لمقترح إيمانويل ماكرون أدهش الإعلام الألماني الذي رأى في ذلك خرقا للحمة الثنائي الفرنسي الألماني التي بني عليها التوازن الأوروبي منذ عقود.
ليست هذه أول مناسبة لعرض الاختلاف بين مواقف إيمانويل ماكرون وألاف شولتز. فقد سبق وأن اختلف الزعيمان في مسألة تشكيل قوة عسكرية أوروبية موحدة. العقيدة العسكرية الألمانية لا تزال تتجه نحو الاعتماد على الغطاء الأمريكيوالدور النافذ للحلف الأطلسي في حين يبحث الرئيس الفرنسي منذ توليه الحكم عام 2017 بعث نظام دفاعي أوروبي مستقل. ولم ينجح إلى حد الآن في الحصول على توافق أوروبي في هذه المسألة. وانتقد ماكرون خلال مداخلته في قمة باريس حول أوكرانيا، بدون ذكر الأسماء، "الذين ارسلوا 5000 خوذة في بداية الحرب على أوكرانيا" في إشارة واضحة لموقف ألاف شولتز. ومن المعروف أن العلاقة بين الرجلين ليست في نفس مستوى العلاقات بين ماكرون والمستشارة أنجيلا ميركل التي غيرت من استراتيجية ألمانيا العسكرية بإدخال تعديلات هامة من بينها استخدام الجيش الألماني في عمليات حفظ السلام ومقاومة الحركات الجهادية في افريقيا صحبة الجيش الفرنسي.
انشقاق في الموقف الغربي
الموقف الحالي الألماني وجد مناصرين له. أولهم الولايات المتحدة الأمريكية، الداعم الأول لكييف، التي عبرت، عن لسان أدريان واطسون الناطقة الرسمية باسم مجلس الأمن القومي التي أكدت أن "الرئيس بايدن كان واضحا في مسألة عدم ارسال جنود للقتل في أوكرانيا". وأوضحت أن "طريق النصر" يمر عبر تزويد أوكرانيا بالإعانة العسكرية ولو أن الكونغرس يعارض ذلك. وأكد نفس الموقف ماثيو ميل الناطق الرسمي باسم الخارجية الذي وضح أن الجنود المتواجدون في أوكرانيا هم في السفارة يراقبون كيفية استعمال الأسلحة الأمريكية المرسلة لأوكرانيا.
على الصعيد الأوروبي، وجد إيمانويل ماكرون نفسه في التسلل بعد تصريحات السويد الرافضة للمشروع الفرنسي. كذلك الشأن بالنسبة لإسبانيا حيث قالت بيلارألغريا الناطقة باسم الحكومة "نتحن لسنا متفقين" مؤكدة على ضرورة وسرعة ارسال العتاد العسكري إلى كييف. أما بالنسبة للموقف الإيطالي فقد وضح بيان حكومي أن الدعم الدولي لأوكرانيا "لا يتضمن وجود جيوش من الدول الأوروبية ومن منظمة الحلف الأطلسي على التراب الأوكراني". وهو نفس الموقف الذي ذكرته منظمة النيتو.
ثنائي فرنسي بريطاني؟
كل تلك التصريحات المعادية للتدخل العسكري المباشر لاقت ترحيبا صامتا من موسكو التي عبرت عن موقفها عبر أحد المسؤولين في الخارجية الذي أكد أن "دخول جيوش أوروبية ساحة القتال في أوكرانيا يفتح الباب أمام حرب عالمية ثالثة". ويعتبر بعض الملاحظين العسكريين أن الانشقاق في صلب التحالف الغربي ضد روسيا يربك الموقف أمام موسكو ويمنحها قوة في مواصلة عدوانها وإمكانية التدخل في بلدن أوروبية أخرى.
لكن الدبلوماسية الفرنسية، في محاولة لتخفيف الأزمة، أشارت إلى أن استخدام الجنود الأوروبيين في أوكرانيا وارد في ميادين الدفاع الالكتروني وإزالة الألغام والصناعة الحربية. واعتبر وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيهأن "بعض هذه المهام يحتم تواجدا على الأراضي الأوكرانية بدون أن يرفع ذلك مستوى العدوان" مضيفا أن "على الغربيين البحث على طرق جديدة للدفاع عن أوكرانيا في وجه العدوان الروسي".
من ناحية أخرى، جاء التصريح البريطاني مخالفا لما هو عليه في باقي الدوا الغربية. فقد أعلنت الحكومة البريطانية أنها "لا تنوي ارسال قوات بصورة واسعة" إضافة إلى "العدد القليل" المتواجد حاليا في أوكرانيا من أجل "مساندة القوات الأوكرانية، خاصة في ميدان التكوين الصحي." والحقيقة أن بعض الأسلحة البريطانية من دبابات وصواريخ تستلزم تواجد جنود بريطانيين لمساندة الجيش الأوكراني. ولا تنوي لندن التراجع عن التعاون الثنائي البريطاني الفرنسي، بالرغم من "البيركسيت"، في ميادين الصناعة الحربية والتشاور في سبل الدفاع الأوروبي المشترك خاصة وأن البلدين يتمتعان بالقوم النووية وبمقعد في مجلس الأمن الدولي. وقد لوحظ تطور في الأشهر الأخيرة في العلاقات العسكرية بين باريس ولندن يمكن أن تتطور إلى بلورة بديل للدفاع الأوروبي المشترك بسبب الرفض الألماني الحالي يقي من تنامي الهجمات الروسي ويكون "رادعا" يستخدم لفرض حل سلمي في النزاع على الأراضي الأوكرانية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115