فيما العالم يتسابق لتحقيق سيادته الغذائية منظومات الانتاج الفلاحي في تونس تتآكل

تزداد الصعوبات المحيطة بمنظومات الإنتاج الفلاحي من سنة الى اخرى

ويكشف النقص المسجل في بعض المنتوجات عن المخاطر المحيطة بهذه المنظومات يستدعي إعلان الطوارئ لإنقاذها خاصة في ظل تقلبات الأسواق العالمية وخصوصا أسعار الغذاء وتسابق الدول الى تحقيق السيادة الغذائية.

منظومة اللحوم الحمراء ومنظومة الألبان والخضر والغلال والإنتاج النباتي ككل كلها منظومات تشهد اضطرابا في الإنتاج اما للظروف المناخية الصعبة فقد أصبحت السنوات الجافة متواترة او ظروف الإنتاج من ارتفاع التكاليف وتخلي جزء كبير من المنتجين عن نشاطهم.
وشهدت الأسواق مؤخرا نقصا كبيرا في الحليب مما سلط الضوء على منظومة الألبان التي تشهد منذ سنوات صعوبات بسبب ارتفاع تكاليف الأعلاف التي تمثل 70% من تكاليف الإنتاج الصعوبات الناجمة عن الظرف المناخي بعد عام جاف واضطراب الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الأعلاف المركبة. وعلى الرغم من ان النقص الذي كان يسجل في السنوات الماضية يتم تداركه بالتوريد اذ كان الحليب المستورد متوفرا في فترات معينة لتغطية النقص وتعديل الأسواق الا انه لم يتوفر الحليب المستورد رغم ان نشرية الميزان التجاري الغذائي تكشف عن ارتفاع الواردات من الحليب ومشتقاته ب63% في 2023 مقارنة ب 2022. منظومة الألبان التيس كانت في بعض الفترات تشكو من ضعف البنية التحتية ونقص مراكز التجفيف الأمر الذي يؤدي الى إتلاف الحليب وفي فترات أخرى يفقد من الأسواق بسبب نقص القطيع هذا النقص الذي يقدره أهل المهنة بنحو 25% . ووفق احصائيات المعهد الوطني للإحصاء بلغ إجمالي رؤوس الأبقار في 2018 نحو 595 الف رأس مقابل 646 ألف في 2017 ورغم غياب التحيين إلا أن أهل المهنة يؤكدون تراجع القطيع بسبب الذبح او التهريب. ورغم ان تآكل منظومة الألبان ليس بالأمر الجديد بل انه يتفاقم من سنة إلى أخرى مازالت سياسات السلطات المعنية بعيدة عن وضع إستراتيجية للحد من هذا النزيف في عالم متغير يتسابق إلى سيادته الغذائية.
اما منظومة اللحوم الحمراء التي تتأثر بتراجع القطيع اذ تكشف معطيات المعهد الوطني للإحصاء الى جانب تراجع رؤوس الأبقار المذكور سابقا تراجع عدد الأغنام من 7 آلاف و234 راس في 2010 الى 6الاف و470 رأس في 2018 ولهذا يتم تعديل السوق دائما بالتوريد ففي سنة 2023 ارتفعت واردات اللحوم ب 35 مقارنة ب 2022. وفي عديد المناسبات التجأت تونس الى التوريد خلال عيد الأضحى للضغط على الأسعار رغم معارضة المنتجين. الصعوبات التي يواجهها مربي الماشية من أغنام وأبقار وماعز تعود أساسا الى ارتفاع تكاليف الإنتاج خاصة في السنتين الأخيرتين مما يستدعي تدخل الدولة اما بالترفيع في الأسعار عند البيع او بمنح للفلاحين خاصة الصغار منهم لتشجيعهم على مزاولة نشاطهم.
ثم أن تركيبة واردات المنتوجات الفلاحية تكشف أيضا عن صعوبات هيكلية تحول دون تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المنتوجات النباتية فمازالت البطاطا والحبوب بمختلف أصنافها تتصدر المنتوجات الفلاحية الموردة. فيما يظل زيت الزيتون المنتوج الأكثر تصديرا بنسبة تزيد عن نصف الصادرات ككل ثم التمور وبدرجة اقل الطماطم والقوارص وهي تركيبة لم تتغير منذ سنوات مما يكشف عن صعوبات في تنويع الصادرات بسبب الإنتاج المحلي. اذ يعد نقص المياه العائق الاساسي امام الانتاج الفلاحي في تونس. ولهذا يتحدث المهنيين عن ضرورة التفكير في زراعات تتأقلم مع الظروف المناخية الصعبة من ارتفاع للحرارة ونقص الأمطار.

منظومة الدواجن أيضا تعاني من سوء الإدارة فمازال توريد بيض التفقيس وبيض الاستهلاك ولحوم الدجاج يورد وفي عديد الفترات يطالب المنتجين بفتح باب التصدير عند تسجيل فائض مما يكشف عن خلل في ادارة المنظومة.
اذا كل منظومات الانتاج الفلاحي في حاجة ماسة الى اعادة النظر في وضعيتها نظرا الى وجود امكانات واعدة لتحقيق افضل من النتائج المحققة.

 

المشاركة في هذا المقال

تعليق1

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115