وتطرح تحديا مستمرا حول آليات الدعم والحماية الاجتماعية للفنانين في تونس. وقد عاد الجدل ليطفو على سطح الساحة الثقافية في تونس بعد تداول أخبار تفيد بإيقاف المنح الظرفية التي تُسند للفنانين والمبدعين. وبين توضيحات وزارة الشؤون الثقافية وصرخة احتجاج من تعاونية الفنانين، تتكشّف أزمة صامتة يعيشها عدد كبير من الفاعلين في القطاع.
في بلاغ رسمي نشرته وزارة الشؤون الثقافية، نفت ما تم تداوله حول إيقاف المساعدات الظرفية، مؤكدة أنها تواصل إسناد هذه المنح بصفة استثنائية لفائدة من هم في أمسّ الحاجة إليها، خاصة ممن يواجهون أزمات اجتماعية أو صحية. الوزارة كشفت أن عدد المستفيدين بلغ 440 فنانًا خلال سنة 2025، وتم الترفيع في قيمة المنحة الشهرية منذ أكتوبر 2024 بنسبة تجاوزت 65%.
وشددت الوزارة على أن لجنة فنية متعددة الأطراف، تضم ممثلين عن وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، تتولى البتّ في المطالب وفق معايير واضحة تشمل الوضعية الاجتماعية، الانتماء للمجال الثقافي، والحالة الصحية.
المطالبة بمعايير أكثر عدلا وواقعية
في الجهة المقابلة، كان لتعاونية الفنانين والمبدعين والتقنيين في المجال الثقافي رأي آخر.ففي بيان لاذع، عبّرت التعاونية عن استغرابها مما وصفته بـ"تعقيد الملفات" و"اختراع مقاييس لا تُراعي واقع الفنان"، معتبرة أن لجنة المنح أصبحت تُقصي ملفات تستحق الدعم، وتتعامل أحيانا بمنطق إداري جامد لا يراعي هشاشة الوضعيات المعروضة عليها.
نقلت التعاونية صوت فنانين يعانون من أمراض مزمنة، أو تقدّم بهم العمر، أو تراجعت قدرتهم على العمل، لكن رُفضت طلباتهم رغم استيفائها للشروط الأساسية. وأضافت أن هذه المساعدات لم تُخلق فقط لمن هو "عاجز طبيا"، بل لمن يكابد ظروفا قاسية، "لا تقتل لكنها تُميت كرامة الفنان بصمت"، وفق تعبيرها.
وختمت التعاونية بدعوة عاجلة لوزيرة الشؤون الثقافية للتدخّل شخصيا، معتبرة أن مستقبل المبدع التونسي يستحق معايير أكثر عدلا وواقعية، بعيدا عن مقص البيروقراطية البارد.
وبين لهجة رسمية تطمئن، وصوت احتجاجي يطالب بإنصاف، يبقى السؤال مفتوحا: هل حان الوقت لإعادة النظر جذريا في آليات دعم الفنانين في تونس؟