مصطفى عبد الكبير مدير المرصد التونسي لحقوق الانسان لـ" المغرب ": ما حصل في طرابلس هو انهاء لكتيبة غنيوة التي تعتبرها حكومة الدبيبة حجر عثرة أمام الاستقرار

شهدت العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات عنيفة في محيط حي أبو سليم" ذي الكثافة السكانية العالية في جنوب العاصمة.

وأدت الى مقتل عبد الغني الككلي "غنيوة"، رئيس جهاز دعم الاستقرار والقيادي الأهم لأبرز المجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مهمة في طرابلس منذ العام 2011.

ويعد جهاز دعم الاستقرار التابع اسميا للمجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، أحد أبرز التشكيلات المسلحة التي تفرض سلطتها بالقوة على مقرات حكومية وحيوية يفترض تأمينها من قبل وزارتي الداخلية والدفاع. واعتبر عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة طرابلس، أن ما تحقق "إنجاز كبير في بسط الأمن وفرض سلطة الدولة على العاصمة"، في إشارة للسيطرة على مقرات المجموعة المسلحة البارزة في أبو سليم. وتطرق مصطفى عبد الكبير مدير المرصد التونسي لحقوق الانسان والناشط الحقوقي والمحلل المتخصص في الشأن الليبي في هذا الحديث لـ" المغرب " الى آخر مستجدات الوضع وأسباب التصعيد في طرابلس وتداعياته .

أولا لو توضح لنا ماذا يحصل في ليبيا وتحديدا في العاصمة طرابلس ؟

ما يحدث في العاصمة الليبية طرابلس لم يكن مفاجئا ولا غريبا للمتابعين. فالعاصمة الليبية طيلة سنوات ينتشر بها أكثر من فصيل مسلح وفصائل مسلحة تملك آلاف المقاتلين وآلاف القطع من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ولها عشرات المقرات داخل العاصمة التي باتت تعرف بعاصمة الميليشيات المسلحة . وهذه الميليشيات كانت طرف رئيسي في التسويات السياسية داخل ليبيا طيلة كل الحكومات المتعاقبة. ونجد احدى هذه التشكيلات وهي جهاز دعم الاستقرار الذي يقودها عبد الغني المعروف بغنيوة وهو احد أبناء بوسليم والذي كون هذا الفصيل مباشرة بعد سقوط نظام معمر القذافي . وأصبح قوى ضاربة عندما عين السراج كرئيس للحكومة من سنة 2014 وتعاظم نفوذه بالأموال والنفوذ السياسي والاقتصادي والدولي بفضل انتشار واسع في المدخل الشمالي الذي هو أكثر كثافة انطلاقا من جنزور وصولا للهضبة وكل المناطق داخل العاصمة الليبية طرابلس. ويقوم بتمركزات وله عدة مقرات امنية لانه كان احدى أذرع حكومة فايز السراج . وعندما أتتت الحكومات الأخرى المتعاقبة كان احد الكتائب المعتمدة في تأمين أجهزة الدولة والسفارات والأمن داخل المدينة . واصبح مكونا من المكونات الأمنية وبالتحديد وزارة الداخلية الليبية .
إذن مالذي تغير اليوم ؟
ما تغير هو الآتي ، فقد بدأت الخلافات الحقيقية بتنامي نفوذه وكثرة طلباته وضغطه على حكومة الدبيبة . يعني ما حصل اليوم هو عملية انهاء لهذه الكتيبة المسلحة التي تعتبرها حكومة الدبيبة حجر عثرة أمام تنفيذ جملة من تصوراتها ومشاريعها داخل طرابلس سواء كانت مشاريع اقتصادية واجتماعية أي انها عبء ثقيل على حكومة الدبيبة . وكانت هناك معارك أخرى رأيناها بين عديد الفصائل المسلحة مثلا بين قوات الردع وقوات الدعم المركزي وبين اللواء 44 والردع وبين الردع والقوة المشتركة وبين وازرة الداخلية بقيادة عماد طرابلسي وعدة فصائل أخرى. فما يحدث في كطرابلس ليس امرأ غريبا على مدينة تشهد صراع نفوذ بتوظيف القوة العسكرية وقوة السلاح من أجل تحقيق الأهداف .
بالعودة الى ما حدث خلال اليومين الماضيين ، اعتقد ان قوات الدعم المركزي في أواخر سنة 2024 وبداية سنة 2025 طغى خلاف حقيقي بينها وبين حكومة الدبيبة وبين قوى أمنية مشتركة تضم وزارة الداخلية اللواء 44 واللواء 111 إضافة الى تشكيلات امنية أخرى داعمة لحكومة الدبيبة . واعتبرت ان تنامي نفوذ عبد الغني الككلي المعروف بـ غنيوة وكثرة طلباته وضغوطه على حكومة الدبيبة باتت تشكل تهديدا . فهو رجل مؤثر وله دور كبير ويضغط من أجل توظيف وتنصيب شخصيات قريبة منه لخدم مصالحه خاصة في المناصب على رأس المؤسسات المالية والاقتصادية . ويبدو أن القطرة التي أفاضت الكاس انه قام بعديد التجاوزات وأخيرا هجومه على الشركة الليبية القابضة للاتصال التي يديرها مواطن من مدينة مصراتة. وقام باختطافه مع اثنين من معاونيه وتم تغيير الهيكل الإداري المشرف على الشركة القابضة للاتصالات وتعيين شخصيات مقربة منه. ومن المعلوم ان هذه المؤسسة هي ثاني مؤسسة مالية كبيرة في ليبا بعد البنك المركزي الليبي . وهذا دليل ان هناك نقصا في السيولة في ليبيا .اليوم الحكومة أصبحت عاجزة ولا تستطيع تلبية رغبات غنيوة . لذلك حكومة الدبيبة بدأت التخلص منه بعد ان بالسيطرة على هذه الشركة التي تدرّ أموال كبيرة . ومن هناك بدأ التحشيد والمباحثات من أجل اطلاق سراح رئيس الشركة الليبية القابضة للاتصالات واخرها اجتماع امس الذي انتهى بتصفية غنيوة مع حراسه . وبعدها انطلقت عملية قتالية كانت محدودة وسريعة بإشراف وزارة الدفاع المشتركة وافراد من الجيش الليبي . وانتهت العملية بالسيطرة على كل مقرات الدعم المركزي لكتيبة غنيوة خاصة مركزها الرئيسي في بوسليم والهضبة والسرج وفي عدة مناطق من العاصمة الليبية. واستولت على كل المقرات وانتشرت فيها القوة المشتركة وسط مقاومة ضعيفة جدا وتم القضاء على بعض العناصر المقربة من غنيوة وتمت السيطرة على عديد الأحياء وإيقاف مجموعة كانت تتبع غنيوة . وما تزال لهذه المعركة تداعيات في الساعات والأيام القادمة . الامر حسم والقرار كان بتنسيق داخلي وخارجي في التخلص من هذه القوة التي ينظر اليها الجميع أنها حجر عثرة أمام استقرار العاصمة الليبية طرابلس وامام خروج المشاهد المسلحة من العاصمة .
وماذا بخصوص باقي الميليشيات ؟
اليوم ينظر لأطراف أخرى كقوات الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة بانه سيكون لها نفس مصير غنيوة إضافة الى تشكيلات أخرى ترى حكومة الدبيبة انها خارجة عن سيطرة الدولة. واليوم العاصمة الليبية قادمة على متغيرات بقادم الأيام بمباركة خارجية .
هل هناك تأثيرات لما يحصل على الحدود مع تونس ؟
توسن راكمت تجارب كبيرة في التعامل مع ليبيا وهذه الأحداث كانت منتظرة للمتابعين. فمن خلال المرصد التونسي لحقوق الانسان تحدثنا عن تحشيدات عسكرية ونبهنا الجالية التونسية لتوقي الحيطة والحذر و الابتعاد عن المناطق التي تتواجد فيها تحشيدات عسكرية . كما ان السلطات التونسية الممثلة في السفارة التونسية وجهت نداء للمواطنين التونسيين والجالية بخير . والدليل ان الوضع تقريبا هادئ في العاصمة طرابلس وأيضا في المناطق المحاذية لحدودنا في الزاوية رأينا ساترا ترابيا على الطريق السريع الذي يفصل الزاوية عن العاصمة وهذا يعني فصلها على الحدود الغربية باتجاه تونس كجزء من حماية حدودنا. يعني ليس هناك مخاطر تهددنا ولكن لا بد من مراقبة الأوضاع خاصة بعد فتح السجون وقد تتسع المعارك ربما في مناطق أخرى في الزنتان والزاوية وغريان وبعض المدن الأخرى . ومع ذلك فالحركة عند الحدود التونسية الليبية سواء عند معبر راس الجدير وبن قردان والذهيبة وازن عادية جدا. وهناك بطبيعة الحال حركة تنقل بصفة طبيعية بين تونس وليبيا على مستوى الحدود وليس لدينا أي مشاكل امنية على مستوى الحدود البرية والصحراوية . ولكن ما حصل يستوجب مضاعفة بالمراقبة الأمنية ومراقبة الحدود .

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115