تستعد الجمعية العامة للأمم المتّحدة لتصويت حاسم يوم 18 سبتمبر الجاري على مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك خلال مدة زمنية قدرت بستة أشهر. هذا القرار يأتي بعد سلسلة من التطوّرات القانونية والسياسية التي زادت من تعقيد الصراع وأثّرت على المشهد الدولي العاجز عن إيقاف حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.
هذا وطلبت المجموعة العربية في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز من الجمعية العامة التصويت على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل "بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر".والهدف الرئيسي لمشروع القرار الذي أعدته السلطة الفلسطينية، هو تأكيد الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في جويلية الماضي، وجاء فيه أن احتلال إسرائيل للأراضي والمناطق الفلسطينية غير قانوني ويجب أن تنسحب منها.
وفي أجواء مشحونة بالتوتر والقلق، من المرتقب أن تشهد قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لحظة مفصلية قد تعيد ترتيب أولويات المجتمع الدولي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.إذ يأتي التصويت المرتقب على مشروع القرار الفلسطيني، الذي يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، ليكون بمثابة اختبار حقيقي لتوجهات المجتمع الدولي في التعامل مع واحدة من أكثر القضايا تعقيدا واستمرارا في التاريخ الحديث. هذه اللحظة ليست مجرد تصويت، بل هي تجسيد للأمل الفلسطيني في تحقيق العدالة، ومؤشر على مدى تأثير القوانين الدولية في تشكيل السياسات العالمية.
ويُعدّ التصويت المرتقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة على المشروع الفلسطيني فرصة حاسمة لإبراز الالتزام الدولي بالقوانين والقرارات الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. في ظل الاستقطاب العالمي واحتدام الصراعات، ستبقى أعين العالم مركزة على نيويورك، حيث ستُسطر لحظات جديدة في فصول الصراع التاريخي، وتحمل الأمل والتحديات في آن واحد إذ ستكشف الأيام المقبلة عن مدى قدرة المجتمع الدولي على ممارسة الضغط الفعّال وتقديم الدعم الحقيقي لإنهاء احتلال دام لعقود، والذي يشكل حجر عثرة أمام السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي خضم التوترات الدبلوماسية والضغوط الدولية، يواصل الوفد الفلسطيني مساعيه لتأمين تأييد عالمي لمشروع القرار المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال ستة أشهر.
الاهتمام الفلسطيني يأتي في وقت تواجه فيه المبادرات الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديات عديدة، خصوصاً من بعض الدول الأوروبية التي غالباً ما تطالب بتخفيف لغة القرارات لضمان تأييدها. ووفق مراقبين فإن هذه الإستراتيجية قد تعقد جهود الفلسطينيين في الحصول على تأييد فعال.
تفاصيل المشروع وأبعاده
المشروع الذي أعّدته السلطة الفلسطينية ويدعمه تحالف من الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز، يهدف إلى التأكيد على الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في جويلية الماضي. هذا الرأي، الذي يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، يوصي بالانسحاب "في أسرع وقت ممكن"، لكن المشروع الفلسطيني يحدّد مهلة زمنية قدرها ستة أشهر لتنفيذ ذلك.
ويدعو مشروع القرار لفرض عقوبات دولية على تل أبيب لا سيما وقف توريد الأسلحة، وتعزيز الحظر الدولي على الأسلحة.كما يطرح مشروع القرار الفلسطيني فكرة إنشاء آلية دولية للتعويض عن الأضرار والخسائر والإصابات الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، ويطالب الدول بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ووفق الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية.مشروع القرار يطالب أيضا بإعادة الأراضي وغيرها من الممتلكات غير المنقولة، فضلًا عن جميع الأصول التي تم الاستيلاء عليها من أي شخص طبيعي أو قانوني منذ بدء احتلالها في عام 1967، والسماح لجميع الفلسطينيين النازحين في أثناء الاحتلال بالعودة إلى مكان إقامتهم الأصلي.
ويشكّل هذا القرار تأكيدا دوليا على عدم شرعية الاحتلال وتعزيز الضغط على إسرائيل للامتثال للقوانين الدولية. على الرغم من أنّ الرأي الاستشاري للمحكمة ليس ملزما، إلا أنه يحمل ثقلا قانونيا ومعنويا كبيرا قد يؤثر في المجتمع الدولي. كما أن قرار الجمعية العامة، رغم عدم إلزاميته، يحمل وزنا سياسيا قد يساهم في تغيير موازين القوى في الصراع.
واستبق السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون التصويت بدعوة الجمعية العامة إلى "رفض هذا القرار المشين بشكل قاطع"، مقترحا بدلا من ذلك تبني قرار يندد بحركة حماس ويدعو إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين. هذه الخطوة تعكس التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في محاولة تحقيق توازن بين مطالب العدالة وضغوط الحلفاء المساندين للإحتلال الذي يستمر في تعنته وانتهاكاته ضدّ الفلسطينيين أصحاب الأرض.
ووفق مراقبين يأتي التصويت في سياق دولي معقد، حيث لا يزال العالم يشهد تداعيات الصراعات الدائرة، بما في ذلك تصاعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والتي أدت إلى دعوات دولية للهدنة. كما أنّ قرار الجمعية العامة في أكتوبر الماضي وطلبها لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانيّة يعزّز السياق الذي يحيط بهذا التصويت.
جدل مع تزايد الإعتقالات
من جهة أخرى تحت وطأة التصعيد العسكري والتوترات المتزايدة في الأراضي الفلسطينية، برزت تصريحات جديدة مثيرة للجدل ،فقد طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بميزانيات إضافية لبناء 5000 مكان اعتقال جديد، وذلك في ظل تضاعف أعداد الأسرى الفلسطينيين منذ بداية الحرب.
ووفقا لمعطيات مصلحة السجون الإسرائيلية، وصل عدد الأسرى الفلسطينيين إلى نحو 10 آلاف، وهو ضعف العدد الذي كان قبل الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر الماضي. من جهة أخرى، تشير البيانات إلى أن إجمالي عدد معتقلي الضفة الغربية منذ بدء الحرب على قطاع غزة تجاوز 10 آلاف و700 شخص، بالإضافة إلى مئات الشهداء والجرحى نتيجة العمليات العسكرية واعتداءات المستوطنين.وفي قطاع غزة، أسفرت الحرب عن أكثر من 136 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
''حماس: مستعدون لتنفيذ وقف إطلاق النار ''
من جهتها أعربت حركة حماس، عن استعدادها لتنفيذ فوري لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المستند لإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، في ماي الماضي، مجددة رفضها لأي شروط “مستجدة عليه”.
جاء ذلك خلال لقاء جمع وفد حماس المفاوض برئاسة القيادي خليل الحية، مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، في العاصمة الدوحة، بحسب بيان صدر عن الحركة.وقالت حماس، إنها أكدت خلال اللقاء على “استعدادها للتنفيذ الفوري لاتفاق وقف إطلاق النار على أساس إعلان الرئيس بايدن في 31 ماي، وقرار مجلس الأمن رقم 2735 وما تم التوافق عليه سابقا خاصة توافقات 2 جويلية، دون وضع أية مطالب جديدة” وفق الاناضول.
وجددت الحركة، بحسب البيان، رفضها لـ”أي شروط مستجدة على هذا الاتفاق (إعلان بايدن) من قبل أي طرف”.ورحبت “باستمرار دور وجهود الوسطاء من أجل الوصول لوقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع والإغاثة وتبادل الأسرى وإعادة الإعمار”.وشدد الوفد المفاوض، بحسب البيان، على رفض الحركة لـ”أي مشروعات تتعلق بمرحلة ما بعد وقف العدوان على قطاع غزة”.وأكد أن “إدارة القطاع شأن فلسطيني داخلي يتم التوافق عليه برؤية فلسطينية متفق عليها”.
قصف صاروخي على "إسرائيل"
ميدانيا أفادت تقارير إعلامية، الخميس، برصد إطلاق 15 صاروخا من لبنان على مستوطنات قرب الحدود اللبنانية؛ ما أدى إلى اندلاع حرائق بمنطقة الجليل الغربي (شمال)، فيما أعلن "حزب الله" عن قصف موقع عسكري إسرائيلي.
ودَّوت صفارات الإنذار في العديد من المستوطنات الإسرائيلية قرب الحدود مع لبنان، حسب مراسل الأناضول.
وقالت القناة "12" العبرية (خاصة): "تم رصد إطلاق حوالي 15 صاروخا من لبنان على منطقة الجليل الغربي، وجرى اعتراض بعضها دون إصابات بشرية".وأضافت أن "حرائق اندلعت في منطقتين بالجليل الغربي، وطواقم الإطفاء تعمل على إخمادها".على الجانب الآخر، قال "حزب الله"، في بيان، إن عناصره "استهدفوا الخميس موقع المالكية (العسكري الإسرائيلي) بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة".
زيارة نتنياهو للأغوار تعميق ممنهج لضم الضفة
من جهتها أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس الخميس، زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للأغوار المحتلة، معتبرة أنها "تعميق ممنهج لضم الضفة وتفجير الأوضاع فيها".
وأدانت في بيان وفق الأناضول، "الاقتحام الاستفزازي الذي ارتكبه نتنياهو للأغوار تحت حجج وذرائع واهية لن تستطيع إخفاء البعد الاستعماري الاستيطاني لمخططات الاحتلال الهادفة لابتلاع الأغوار وتفريغها من أصحابها الأصليين".واعتبرت الخارجية أنه "ترجمة للتحريض الإسرائيلي الرسمي الذي يمارسه نتنياهو وفريقه من اليمين واليمين المتطرف على طريق تفجير الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، عبر تصعيد العدوان على شعبنا بما يخلفه من جرائم متواصلة".واتهمت الحكومة الإسرائيلية بأنها "تطلق يد المستوطنين المسلحة لسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية وضرب الوجود الفلسطيني في عموم المناطق المصنفة ج".
وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" عام 1995 أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" ويفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، وتقدر بنحو 21 بالمئة من إجمالي مساحة الضفة، و"ب"، وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، وتُقدر بنحو 18 بالمئة من مساحة الضفة.أما المنطقة "ج" فتخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية وتقدر بنحو 61 بالمئة، ويُحظر على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء فيها إلا بتصريح رسمي إسرائيلي.ورأت الخارجية الفلسطينية أن ذلك "يثبت أن اليمين الإسرائيلي الحاكم يواصل تعميق حرب الإبادة والتهجير، وتقويض أية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض".وطالبت بـ "تدخل دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي ومنع تفجير الأوضاع في الضفة قبل فوات الأوان".
وأمس الأربعاء، زار نتنياهو منطقة الحدود مع الأردن رفقة قادة بالجيش الإسرائيلي، وأعلن عزمه إقامة جدار على الحدود مع الأردن لمنع ما زعم أنها "محاولات لتهريب أسلحة ومقاتلين" من المملكة إلى الضفة الغربية وإسرائيل، في إحياء لمشروع سبق طرحه قبل نحو 20 عاما.وقال نتنياهو: "نحن في خضم صراع متعدد الساحات، نحتاج فيه إلى تأمين حدودنا الشرقية مع الأردن".
''لبنان لا يريد حربا ''
في الأثناء أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري،أمس الخميس، أن بلده لا يريد حربا مع إسرائيل، مشددا في الوقت نفسه على أن "له الحق وقادر على الدفاع عن نفسه".
حديث بري جاء خلال لقائه بالعاصمة بيروت الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ووفد مرافق له، وفق بيان لمكتب بري الإعلامي وصل الأناضول نسخة منه.وأفاد البيان بأنه جرى خلال اللقاء، الذي استمر نحو ساعة، "عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، على ضوء مواصلة إسرائيل عدوانها على قطاع غزة ولبنان وتداعياته الأمنية والسياسية على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 حربا على غزة، خلّفت أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال.وللمطالبة بإنهاء هذه الحرب، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر قصفا يوميا عبر "الخط الأزرق" الفاصل؛ أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وأثنى بري على "مواقف بوريل الإنسانية المؤشرة للحق والحقيقة من مجريات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، والذي يتواصل منذ حوالي العام"، وفق البيان.وشدد على أن "لبنان لا يريد الحرب (مع إسرائيل)، ولكن له الحق وقادر على الدفاع عن نفسه".
وخاطب بري الموفد الأوروبي بالقول: "لقد شهدتم بأنفسكم الغطرسة والعدوانية الإسرائيلية على لبنان أثناء زيارتكم لقوات (الأمم المتحدة لحفظ السلام) اليونيفيل في (بلدة) الناقورة جنوب لبنان".
والتقى بوريل مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، واجتمع مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، و"جرى التداول في أوضاع لبنان والمنطقة والتطورات عند الحدود الجنوبية"، حسب بيان للجيش.كما التقى بوريل مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وجرى "نقاش في العدوان الإسرائيلي على لبنان والحرب في غزة والملف الفلسطيني، إضافة إلى ملفات محلية عدة كالاستحقاق الرئاسي والنزوح السوري"، وفق بيان لمكتب جنبلاط.
ووصل بوريل على رأس وفد من المفوضية الأوروبية من القاهرة إلى بيروت، وزار مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) في الناقورة، والتقى بقوات حفظ السلام من بعض دول الاتحاد الأوروبي.واعتبر بوريل، خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بالقاهرة ، أن تعذّر التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب بغزة مرده أن "مَن يشنون الحرب لا مصلحة لديهم بوضع حد لها، وتعنتهم يرافقه إفلات تام من العقاب".و ذكر موقع "واينت" الإخباري الإسرائيلي أن بوريل ألغى زيارته المقررة إلى إسرائيل؛ بعد رفض تل أبيب السماح له بزيارتها؛ إذ تعتبره "معاد لإسرائيل".