فالعيش المشترك في رقعة جغرافية أصبحت مهددة بالاحترار يفترض تفكيرا ايجابيا لمصلحة المجموعة فالحرارة المرتفعة تفرض استعمال أجهزة تبريد مختلفة يمكن معها تحمل الحرارة هذه الضرورة تدفع فعلا المجموعة الدولية إلى مزيد تعميق التفكير في أجهزة تستجيب لمعايير احترام البيئة وعدم السقوط في الإضرار بالطبيعة.
أصبح ارتفاع درجات الحرارة في الأعوام الأخيرة سببا في تزايد استعمال أجهزة التبريد من مكيفات وثلاجات وغيرها لتتزايد معها أهمية التصنيع من جهة وضرورة احترام البيئة والمحيط من جهة أخرى يقول يوسف الهمامي منسق الوحدة الوطنية للأوزون بالوكالة الوطنية لحماية المحيط في حديثه للمغرب "إن قطاع تصنيع أجهزة التبريد في تونس قطاع متطور مقارنة بالدول التي هي في طور النمو".
وباعتبار أن سوائل التبريد عموما مصنفة من اشد الغازات لها آثار على المناخ وعلى طبقة الأوزون يؤكد المتحدث أن جميع وحدات إنتاج الثلاجات في تونس تستخدم غازات تبريد غير مضرة وليس لها تأثير على المناخ وهي ايزو بيتان وهو مادة طبيعية صديقة للبيئة.
أما بخصوص وحدات إنتاج المكيفات يؤكد الهمامي انه في إطار الجهود الدولية لحماية طبقة الأوزون والتي تستفيد منها تونس تم إدراج 7 وحدات إنتاج مكيفات في خطة العمل صادق عليها صندوق متعدد الأطراف لبروتوكول مونتريال بتكلفة تقارب 1.1 مليون دولار لمساعدة المصنعين على تغيير خطوط الإنتاج.
وبروتوكول مونتريال هو اتفاقية تحت لواء منظمة الأمم المتحدة للبيئة تنخرط فيها 198 دولة وكل دولة ملزمة بوضع برنامج للحد من استعمال هذه المواد من اجل مساعدتها لتغيير خطوط الإنتاج الخاصة بها وصندوق متعدد الأطراف يهدف إلى تمويل الدول النامية في شكل هبات من اجل مساعدتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه البروتوكول مونتريال.
قطاع مستهلك للطاقة
يقول منسق وحدة الأوزون بالوكالة الوطنية لحماية المحيط إن قطاع التبريد هو من بين القطاعات الأكثر استهلاكا للطاقة في العالم إذ يستهلك قطاع التبريد والتكييف حوالي 22% من الطاقة المنتجة على مستوى دولي، وترتفع النسبة في تونس لتصل إلى 28% من جملة إنتاج الطاقة على مستوى وطني.
ويضيف المتحدث انه لقطاع التبريد أثار مباشرة على طبقة الأوزون بسبب استعمال سوائل تبريد الكربون الكلورية فلورية وآثار غير مباشرة على استهلاك الطاقة، وما يترتب عنها من إفراز غازات مضرة تؤدي إلى الاحتباس الحراري. وتونس مطالبة، وفق المتحدث، في 2027 باستصدار إطار قانوني يمنع استعمال سوائل تبريد من نوع الهيدروفلوروكربون HFC- 410 مستخدمة في صناعة المكيفات المنزلية والذي يتم الحد منه تدرجيا لإضراره بالبيئة. أما عن تأثير الغازات التي تفرزها أجهزة التبريد على صحة الإنسان يقول المتحدث أن الآثار الصحية للغازات المستعملة ليس لها آثار سلبية صحية لكن لها أثار على طبقة الأوزون والمناخ.
141 مكون ليد عاملة كفأة
لأن التصنيع هو سلسلة تتكون من حلقات متعددة لعل أبرزها اليد العاملة المتخصصة والمتكونة فقد تم في مرحلة أولى وفق منسق وحدة الأوزون بالوكالة الوطنية لحماية المحيط، تكوين وإسناد شهائد إلى 141 مكون للوكالة التونسية للتكوين المهني وتم تجهيز 6 مراكز بمعدات تكوين، وفي مرحلة ثانية سيتم دعم مراكز التكوين المهني معدات ومواصلة نظام إشهاد سيكون خاص بتونس.
والمجموعة الدولية بصدد العودة إلى استعمال سوائل طبيعية على غرار الاومنيا وثاني اوكسيد الكبريت وهي غازات تبريد مضرة ولهذا يتم التجهز إلى كيفية استعمال مواد طبيعية لها آثار سلبية على الإنسان من خلال التكوين والسلامة حتى يمكن تجنّبها ولفت المتحدث إلى أن التقدم التكنولوجي والعلمي والتكوين الجيد سيمكن من حسن استعمال هذه المواد وتقليص الآثار السلبية لها.
هبات للمساعدة في الحد من غازات التبريد
وينخرط في المجهود الوطني كل المكونات من مجتمع مدني ومستعملي أجهزة التبريد والصناعيين وقد تم الشهر الماضي اعتماد خطة وطنية للحد التدريجي من سوائل وغازات قطاع التبريد تمت المصادقة عليها من طرف الصندوق المتعدد الأطراف لبروتوكول مونتريال والتي ستستفيد تونس من تمويل بقيمة 2.2 مليون دولار لبرنامج يمتد على 2024/2030 الهدف منه التخفيض ب 10% من استعمال هذه المواد كما تم رصد أيضا في إطار الخطة الوطنية 170 ألف دولار للنجاعة الطاقية في مجال التبريد.
كما وافقت تونس على "تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال" الذي دخل حيز النفاذ منذ 2019 وصادقت عليه تونس في 2021 لتحقق في 3 سنوات التزامها بهذه المواثيق بالتخفيض تدريجيا، من استهلاك الموّاد الهيدروفليور كربونية.
الأوزون هو شكل خاص من الأوكسجين مع الصيغة الكيميائية O3. الأكسجين الذي نتنفسه والذي هو حيوي جدا للحياة على الأرض هو O2. ويشكل الأوزون جزءاً صغيراً جداً من أجواءنا، غير أن وجودها أمر حيوي لرفاه الإنسان. معظم الأوزون يكمن في الغلاف الجوي، بين 10 و 40 كم فوق سطح الأرض. وتسمى هذه المنطقة الستراتوسفير وتحتوي على حوالي 90٪ من جميع الأوزون في الغلاف الجوي. ويمتص الأوزون في طبقة الستراتوسفير بعض أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة بيولوجياً. وبحسب وكالة الطاقة الدولية، إنّ تكييف الهواء مسؤول عن انبعاث نحو مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً من إجمالي 37 ملياراً من الانبعاثات في مختلف أنحاء العالم.
تباين إنفاق التونسي على المكيّف
في المسح الوطني حول الانفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر 2021 للمعهد الوطني للاحصاء يبلغ معدل انفاق الفرد على المكيف على مستوى وطني ب 1.9 الف دينار وينقسم حسب الوسط الجغرافي الى 2.1 الف دينار في الوسط الحضري و 1.3 الف دينا في الوسط الريفي
كما تتباين النفقات في الوسطين الحضري والريفي على مستوى مستلزمات ونفقات التركيب والصيانة والتصليح وآلات التسخين وتكييف الهواء حيث تبلغ كلفة الإنفاق في الوسط الحضري 1.4 ألف دينار و401 دينار في الوسط الريفي وعلى مستوى وطني يقدر معدل الإنفاق 1.05 ألف دينار.