إيمانويل ماكرون يحاول استرجاع المبادرة بعد أزمة قانون التقاعد: التشغيل والنظام الديمقراطي والصحة والتعليم مواضيع مطروحة للحوار

قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الفارط في خطاب متلفز المواضيع الأساسية المطروحة على

العمل الحكومي في الأسابيع والأشهر المقبلة. وأقر أنه آسف على عدم التوصل إلى اتفاق بشأن اصلاح منظومة التقاعد مع المنظمات النقابية معتبرا أن «هذه التغييرات كانت ضرورية لضمان جرايات تقاعد للجميع وإنتاج أكثر ثروات للأمة.» وعبر عن إرادته في «فتح حوار بدون حواجز وممنوعات في مواضيع أساسية».

جاء هذا الخطاب المرتقب بعد أزمة اجتماعية دامت ثلاثة أشهر تخللتها 12 دورة احتجاجية قامت بها كل النقابات الفرنسية مجتمعة لأول مرة منذ عقود ضد مضمون قانون التقاعد الجديد. وارتفعت حدة الغضب النقابي والشعبي عندم مررت الحكومة القانون بدون نقاش ضاف مستخدمة البند 49.3 الدستوري الذي يسمح بذلك في غياب أغلبية برلمانية واضحة للموافقة على قوانين عادية. وإثر موافقة المجلس الدستوري على القانون مع ابطال بعض جوانبه وإقرار مبدإ التقاعد في سن 64 سنة، قرر ماكرون التوقيع على القانون الجديد ومخاطبة الشعب مباشرة في محاولة لطي صفحة الأزمة الاجتماعية.

دعوة للحوار

وكان الرئيس ماكرون قد أطلق دعوة للنقابات ولمنظمات الأعراف للاجتماع مجددا يوم الثلاثاء 18 أفريل من أجل بدء الحوار في المواضيع الأساسية التي يطرحها لما تبقى من ولايته الثانية. وقبلت منظمات الأعراف الثلاث المشاركة في الاجتماع التي حضرته الوزيرة الأولى إليزابيت بورن، في حين امتنعت النقابات عن ذلك. وأعلن ماكرون أن «الهدف المنشود هو أن نحدد في الأسابيع والأشهر القادمة أجندة كاملة للمفاوضات وأن يترك وقت كاف للتفاوض إلى نهاية السنة من أجل بناء معاهدة جديدة للعيش في الشغل».

وقرر أن تتولى الوزيرة الأولى تجهيز خارطة طريق جديدة يتم بلورتها في مرحلة أولى في موفى 14 جويلية القادم، موعد عيد الجمهورية الذي عادة ما يتقدم فيه رئيس الدولة بخطاب منهجي للفرنسيين. واعتبر الملاحظون أن هذا الموعد هو آخر محطة لإليزابيت بورن لتظهر قدرتها على لم شمل الشركاء الاجتماعيين حول مشروع موحد يبعد البلاد عن التجاذبات ويرجع السلم الاجتماعية التي تم تهديدها من قبل مجموعات عنيفة اخترقت المظاهرات مدة ثلاثة أشهر وكادت تشعل البلاد.

محتوى الإصلاحات الجديدة

ثلاثة محاور أساسية بلورها الرئيس ماكرون حول ما تبقى من ولايته: التشغيل ودعم النظام الديمقراطي وتطوير ميداني الصحة والتعليم. وهي إصلاحات جوهرية تبدو ضرورية لما لها من وقع على المتداخلين في هذه الميادين. أول الملفات يتمحور حول «ميثاق الشغل» الذي يتطلب تحسين ظروف العمل ورفع مستوى الأجور واصلاح المعاهد الثانوية المهنية حتى تتطابق واحتياجات الرحلة المقبلة في تكوين الناشئة. ثاني ملف طرحه الرئيس ماكرون تعلق بدعم المنظومة القضائية لحماية الأنموذج الديمقراطي. وقد أعلن عن تشغيل 10 آلاف قاض وعون جدد وتكوين 200 فريق من الحرس للبوادي من أجل «مقاومة كل أشكال الإنحراف والفساد» ودعم «التحكم في الهجرة غير النظامية مع دمج الوافدين إلى البلاد بصورة أحسن».

أما الميادين التي يمكن أن تفضي إلى تحركات اجتماعية فهي الصحة والتعليم. وقد أعلن ماكرون نيته الخوض في إصلاحات جوهرية محورها تحسين أجور المدرسين ابتداء من السنة الدراسية القادمة واعطائهم أكثر حرية في استنباط طرق بيداغوجية ملائمة مع التركيز على مساعدة التلاميذ على» تعلم اللغة الفرنسية والحسابيات وممارسة الرياضة وتحضير الامتحانات».

أما الملف الاجتماعي الثاني المتعلق بالصحة، فقد قرر الرئيس ماكرون بشأنه انتداب عدد من الأطباء الجدد يكفي لعلاج 600 الف مواطن معرضين لأمراض مزمنة، والعمل على تخفيف الضغط على مراكز الإسعاف.

أفق مسدود؟

في كل هذه الملفات المطروحة، تقف الحكومة والأغلبية الرئاسية على ضرورة توسيع رقعة المساندة للخوض في الإصلاحات المبرمجة بالرغم من الحالة الاجتماعية المتردية جراء أشهر من المظاهرات والاضرابات القطاعية والتناحر في شأن ملف التقاعد. وهو ما جعل قصر الإليزيه يفكر في توسيع رقعة الأغلبية بالبحث عن ائتلافات جديدة واتفاقات سياسية مع منظمات ومجموعات إضافية بما يشكل اليوم الأغلبية النسبية. وهو ما جعل الرئيس ماكرون يطرح فكرة الدخول في إعادة هيكلة الأنموذج الاقتصادي الفرنسي حول التحول الإيكولوجي على أمل أن يسترضي الشق المعتدل لحزب الخضر وضمه للمشروع الرئاسي. وهو في حد ذاته توجه غير مضمون لما لزعماء الخضر العديدين من اختلافات داخلية وقدرة على المناورة والانقلاب في المواقف. زد على أن ترضية النقابات تبقى غير مضمونة إن واصلت الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للشغل التي تعتبر إصلاحية التحامها بالشق النقابي الراديكالي الذي لا يزال متمسكا بإلغاء قانون التقاعد الجديد. وهي رهانات أمام قصر الإليزيه لا يملك فيها أدوات واضحة للتأثير.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115