بعدما فشل في تدارك هزيمة الذهاب 1-0 امام ماميلودي صن داونز الجنوب افريقي واكتفى بتعادل سلبي في مباراة الاياب التي جرت ليلة الثلاثاء 8 افريل 2025 .وسيضطر عشاق الأحمر والأصفر إلى تأجيل حلم التتويج بأمجد الكؤوس القارية للمرة الخامسة في تاريخه بما أن آخر ألقابه يعود الى 2019 أمام الوداد المغربي في نهائي مثير للجدل.
جاء فشل فريق باب سويقة في التأهل إلى المربع الذهبي لرابطة الأبطال والمراهنة على التتويج باللقب ليقيم الدليل على عجز الكرة التونسية على استعادة إشعاعها وبلوغ منصة التتويج في مسابقتي رابطة الأبطال وكأس الكونفدرالية بما أن اللقب الأخير في امجد الكؤوس كان من نصيب الترجي في 2019 بعدها كانت أفضل نتائجه بلوغ النهائي في النسخة الماضية 2023-2024 وانسحابه ضد الأهلي لمصري ،أما فيما يتعلق بمسابقة كأس الكاف فإن آخر الألقاب التونسية يعود إلى سنة 2015 عن طريق النجم الساحلي بعدها اكتفى نفي الفريق بنصف نهائي نسخة 2016 فيما كان النادي الإفريقي طرفا في المربع الذهبي ل2017 وكانت الكرة التونسية حاضرة في نصف نهائي 2019 بطرفين وهما النادي الصفاقسي والنجم الساحلي لتدخل بعدها في 5 سنوات عجاف من 2020 إلى 2025 لم يفلح فيها ممثلونا في بلوغ الأدوار المتقدمة .
ويطرح غياب الأندية التونسية عن التتويجات القارية في السنوات الأخيرة نقاط استفهام عديدة وتساؤلا عن الأسباب التي جعلت كرتنا تدخل في دوامة الخيبة والفشل ،وهو وما سنحاول تسليط الضوء عليه في الورقة التالية :
ناد تونسي وحيد ضمن أفضل 500 ناد في العالم
كشف التصنيف الأخير الذي أصدره الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء في كرة القدم عن مختلف البطولات في العالم في الفترة الممتدة بين غرة فيفري 2024 و31 جانفي 2025 تواصل تراجع الكرة التونسية إذ نجد فريقا وحيدا ضمن التصنيف المذكور الذي شمل 504 ناد في العالم ،وهو الترجي الرياضي الذي جاء في المرتبة 106 عالميا متقدما ب49 مركزا عن التصنيف الماضي الذي احتل فيه المرتبة 155.ولئن شمل التصنيف الماضي الخاص بالفترة الممتدة بين غرة فيفري 2024 و31 جانفي 2025 وجود 3 أندية تونسية ضمن تصنيف 700 ناد في العالم ونعني الترجي الرياضي ⁽ 155 عالميا ⁾ و الملعب التونسي ⁽434 عالميا ⁾ والاتحاد المنستيري ⁽616 عالميا⁾ فإن التصنيف الجديد كان فيه فريق باب سويقة ممثلا وحيدا الأمر الذي يقيم الدليل على ضعف مستوى البطولة التونسية مقارنة ببطولات دول الجوار فالبطولة المصرية على سبيل المثال نجدها حاضرة بقوة ضمن التصنيف بوجود ثلاثة نواد ضمن الـ100 الأفضل في العالم إذ احتل الأهلي المركز 32 والزمالك 63 وجاء بيراميدز في المركز 70.في المقابل ،نجد ثلاثي مغربي ضمن أفضل 200 ناد في العالم ونعني بذلك نهضة بركان الذي جاء في المرتبة 98 عالميا فيما حل الفتح الرباطي في المرتبة 136 والرجاء المغربي 145.
كما أن تصنيف أفضل 20 ناد في إفريقيا بين غرة مارس 2024 و28 فيفري 2025 نجد فيه حضورا تونسيا وحيدا يتمثل في الترجي الرياضي الذي حل في المركز الخامس قاريا.
ويبدو الأمر منطقيا ففي المواسم التسعة الأخيرة ،سيطر فريق باب سويقة على منصة التتويج المحلية اذ حصد الفريق 7 ألقاب من أصل 9 في مواسم 2016- 2017 ،2017- 2018 ،2018-2019 ، 2019-2020 ،2020-2021 ، 2021-2022 و2023-2024 فيما حصد النجم الساحلي اللقب في موسم 2015-2016 وكذلك موسم 2022-2023.
تكوين قاعدي هش ومتاعب بالجملة
لا يخفى على أحد أن أبرز الأسباب المؤدية إلى تراجع الكرة التونسية وبالتالي غيابها عن منصة التتويج القارية هي الاخلالات على مستوى التكوين القاعدي وغياب التخطيط والاستراتيجيات مقابل التركيز على أهداف قصيرة المدى بما يتبعها من انسياق الأصناف الشابة وراء السعي إلى التتويجات بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة بدل بناء الفريق وبعدها انتدابات عشوائية في صنف الأكابر في ظل عجز اغلب مراكز التكوين عن إنتاج لاعبين قادرين على تقديم الإضافة .ويجر هذا الأمر الأندية إلى الوقوع في مشاكل مالية نتيجة عجزها عن الإيفاء بالتزاماتها مع تكديس الانتدابات فتجد نفسها عرضة لعقوبات من الاتحاد الدولي لكرة القدم 'فيفا' تصل إلى المنع من الانتداب.
تقلص النفوذ التونسي على المستوى القاري
منذ 1988 ، كان الحضور التونسي في أروقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بارزا بدء من المرحوم سليم علولو ثم سليم شيبوب الرئيس السابق للترجي الرياضي وطارق بوشماوي .ويعود آخر تواجد باسم الرئيس السابق للجامعة التونسية وديع الجريء في 2023 .فيما شهدت السنة الحالية 2025 انسحاب حسين جنيح نائب رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم الحالي من سباق المنافسة على مقعد في المكتب التنفيذي ل الكاف وترك المجال للمنافس الجزائري .ولعل الانسحاب التونسي من طاولة القرار في الهيكل القاري جعل تونس في شبه عزلة على المستوى الإفريقي خصوصا مع العلاقة المتوترة للمكتب الجامعي السابق مع المغربي فوزي لقجع واختيار عدم انتخابه .وفي الوقت الذي سعى فيه المنافسون إلى بناء تحالفات جديدة في الوقت الذي اكتفى فيه المسؤولون بدور المتفرج ولم يسعوا إلى إعادة الحضور التونسي في الكاف وهو أمر تدفع ضريبته الكرة التونسية والنوادي على عدة مستويات ويكفي أن نشير إلى أن معايير الموافقة على صلوحية الملاعب في تونس لا تنطبق على بعض دول الجوار الأخرى بما أن المعطيات كشفت ان الملاعب في عدة دول أخرى تشكو من نقائص أكثر من تلك التي رُفضت بسببها الملاعب التونسية.كما بات من العادي أن تتعرض نوادينا إلى ظلم تحكيمي واضح في أكثر من مناسبة حيث تغلب لغة المصالح والمحاباة.
صراع الكواليس
لم تعد المنافسة بين الفرق على تقديم لوحات كروية مميزة في السنوات الأخيرة بل عوضها الصراع في الكواليس وأروقة الهياكل الوطنية على نيل النقاط التي استعصى حصدها على المستطيل الأخضر.وباتت الثقة منعدمة في المؤسسات التي تسير الكرة إلى درجة ان البطولة باتت مهددة بأن تنتهي في محكمة التحكيم الرياضي 'التاس' بدل المستطيل الأخضر.
حاضر سيء ومستقبل غامض
الثابت أن كل الأرقام تشير إلى تراجع اشعاع الكرة التونسية على المستوى القاري في السنوات الأخيرة ،ورغم أن الاحتفاظ ببصيص من الأمل أساس الخروج من عنق الزجاجة فإن الوضع الراهن يثبت ان الكرة التونسية مقبلة على وضع غامض في السنوات المقبلة خصوصا مع مطالبة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم كل النوادي بتسوية نزاعاتها المالية قبل شهر جويلية 2025 أو أنها ستجد نفسها محرومة من المشاركة في البطولة المحلية والمسابقات القارية.وفي ظل هذه المعطيات يحق لنا التساؤل عن المستقبل المجهول الذي ينتظر بطولتنا ويؤثر على استعادة عنفوانها قاريا.