الممثل محمد شوقي خوجة: المسرح مقدس والتمثيل كنز الانسان ليعايش عوالم متعدد

طفل يرفض ان يكبر، وممثل بحجم وجع الشخصيات ومسؤولية الدور، محمد شوقي خوجة "كنز" رقوج في موسمين،

ممثل حقق نجاح جماهيري بشخصية متجددة ومختلفة في اولى تجاربه الدرامية، شوقي خوجة ابدع في نحت ملامح "مبروك" المجنون، الصامت والحالم.

شخصية تستغني عن النص المنطوق وتعوضه بالرموز وعوّل على فطنة المتلقي لتفكيك هذه الشيفرات وفهم الشخصية ليصبح "مبروك" عنوان التلقائية وتجميع النفوس الحالمة والمحبّة من شخصيات وجمهور، فأساس الشخصية احساسها فهي غير ناطقة وتعويض المنطوق بالايماءة والتعبيرة والاحساس يتطلب جهدا مضاعفا للممثل، مبروك يشبهني في حساسيته تجاه الاحداث وحبّه وطاقة الحبّ المرتفعة بيننا، وفي الجزء الثاني ستكون مساحة الشخصية ضيقة لكن سيراها المتفرج في وضعيات مختلفة تتقاطع مع الاحداث حسب تعبير محمد شوقي خوجة للمغرب.".

حساسية الشخصية وتلقائية الممثل صنعت عوالم مغرية
محمد شوقي خوجة، مثقف وصاحب قلم جيد، فنان متعدد ومتلوّن، له قدرة رهيبة على التقمّص والتماهي مع كل شخصية يقدمها، "مبروك" بحركاته الطفولية وفولارته التي يوزع بها الحلم على بقية الشخصيات، مثّل الغموض منذ الجزء الاول للعمل، فحرص شخصيات العمل على سلامته رغم جنونه اثار فضول الجمهور، ليكتشف المتفرج مع الجزء الثاني خاصة الحلقات الاخيرة ان "مبروك" المجنون هو مفتاح الكنز هو العارف بمكان اجمل الكنوز وهو الماء، ذاك المخبول غير الناطق يملك ملكة عجزت عن مضاهاتها الة "النينو" المتقدمة، فمبروك بابعاده الفيزيولوجية والنفسية والثقافية نجح ليكون "كنز" القرية وسرّ بقائها، في حضوره الخير وغيابه الموت، وبين هاذين العالمين لعب شوقي خوجة كطفل يكتشف عوالمه الجد خاصة.
ابدع محمد شوقي خوجة في تقمّص"مبروك" ومنحه الكثير من التلقائية وحمله الى عوالم الممثل الحالم والمجنون فشوقي خلق ليكون ممثلا، يبدع في الشخصيات المركبة بروح مسرحية صرفة، وتلك الروح الحالمة هي التي سترسم مسار ممثل كبير ومتمكن كما كتب المسرحي الزين العبيدي عن اداء خوجة في "مبروك"، فالممثل جمع بين الواقعية والعبثية، جعل للصمت معنى بحركاته وشيفراته.
شخصية "مبروك" هي صوت المختلفين الهامشيين الذين يمرون على هامش الحياة ولا نراهم كثيرا، صوت من المجانين والحالمين، صوت من استطاع التحرر من كل قيود المجتمع يرقص، يحلم يغني وملتحم جدا مع الطبيعة اكثر من بقية الناس، مبروك صوت للهامش وصداه واعادة اعتبار للجنون مادة ابداعية وفنية كما يقول خوجة، فمبروك تركيبة نفسية صعبة و ادائها تطلب الكثير من الجدية والشاعرية، فالشخصية هشة، رقيقة وطفولية ومزج الممثل في ذاكرته الانفعالية بين "مجنونين حقيقيين عرفتهما في الواقع، منهما استلهمت بعض ملامح الشخصية، وحملتها الى عوالمي الخاصة لتكون صادقة وتقنع جمهور الدراما".

شوقي خوجة الممثل الشاعر

ممثل مجنون وساحر، امام الكاميرا تميز بروحه الساحرة وحضوره العجيب ولعبه التلقائي وعلى الخشبة يتلون كما الحرباء بين الشخصيات، في العام 2024اثناء تصوير مسلسل "رقوج" بجزأيه عايش الممثل ثلاث شخصيات مختلفة ولكل واحدة عوالمها النفسية وبنيتها الفكرية، لاعب شخصية "ياغو" الفارس في مسرحية "عطيل" اخراج حمادي الوهايبي وما لياغو من رمزيات القوة والفروسية والخبث، وقدم "نعمان" في "شكون" مع نادرة التومي شخصية لمصور فوتوغرافي ويعاني نفسيا من الكثير من المشاكل، كثير الكلام اما "مبروك" فالثالثة الصامتة والمختلفة وبينهم حلّق شوقي خوجة في مساحات الابداع واستلهم من ذاكرته الكثير من اليات النجاح ليكون من نجوم الموسمين 2024و2025.
مجنون "رقوج" وحارس كنزها، الغامض غير الناطق بينما تقول حركاته وملامحه الكثير، محمد شوقي خوجة المتمكن من عوالمه السحرية وإقناع المتلقي وإجباره ليرافقه في رحلته، مجنون رقوج لا يختلف كثيرا عن عوالم الجنون التي يحبها الممثل، فهو ابن مدينة الشعر والجنون القيروان، من حكايات دراويشها استلهم الكثير لبناء ملامح شخصياته ليحقق نجاحه الجماهيري ويتقن الدور حد التناص.
شوقي خوجة، صاحب الروح الغجرية والاستعارات الطفولية التي لا تنفك تطوّع لها العالم من حولك؛ فنان مجنون يقطن في خياله وينسى غلق أبواب المجاز، هو المسافر في رحلة بحث دائمة عن الشعر الكامن في مشهد من فيلم أو مسرحية، عن سر الدهشة في سطر من قصيدة، عن السحر المنفوث في رجفة عشق، هكذا يصفه الشاعر ابن مدينته احمد شاكر بن ضيّة، فخوجة يمنح المثير من الحب للمسرح للدور ولكل تفاصيل الحكاية التي يقدمها.
محمد شوقي خوجة اختار المسرح مهنة ومسارا، عشق كل الفنون ومن مدينته القيروان وحكايات ازقتها وتاريخها طوّع ما رسخ في الذاكرة وحمله الى مجال الفن، نجح في الشخصيات المسرحية التي قدمها "العب بحبّ، على الخشبة انسى انني امثل اعايش الشخصية بكل تناقضاتها، على الخشبة اتحرر وربما هو سبب النجاح" كما يقول خوجة.
في مسيرته قدم العديد من الشخصيات المركبة على غرار "خميس قوبة" و"جميل المجنون" و"نعمان"، عايش نجاح شخصياته وصداها لدى متابعي الفن الرابع في مسرحيات "بين" اخراج عاصم بالتوهامي و"هيبنوز" و"شكون" و"الروبة" و"موجيرة حب" و"عطيل"، انصت للخشبة واصواتها وحوّل شغفه بالمسرح الى لغة شاعرية فيتغزل بلوح المسرح ويقول:
يا مراية الروح
يا ارض الممثل
ما احنك يا لوح
يا بروفة الليل
في عروقي الي يسيل
يا ساعة الخيال
يا لحظة الهبال
يا حقيقة البلاد في مشهد يبوح

محمد شوقي خوجة ممثل مسرحي مختلف، له عوالمه السحرية للابداع، اقنع على الركح وامام الكاميرا، مجتهد ومثابر مزج الشعر بالتمثيل ليصنع نجاحات شخصياته ومنها نجاحه كممثل يؤمن ان فن التمثيل عالم غريب ومقدس.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115