تحركات لم تقتصر فقط على اللقاءات والاجتماعات بل شملت عدة زيارات ميدانية لمواقع حيوية سيما هنشير الشعال وهنشير النفيضة وكذلك إلى عدة ولايات على غرار صفاقس والقيروان وسوسة...زيارات كان عنوانها الأساسي مواصلة حرب التطهير ضدّ الفساد وقد اعتمد الرئيس في كلماته على ذات المعجم السياسي الذي رافق أغلب لقاءاته واجتماعاته وزياراته، وقد عاين رئيس الجمهورية في زياراته الأخيرة إلى الهنشيرين المذكورين آنفا كل مظاهر الفساد والتخريب وسوء التصرف، وقد عقبت زيارته إلى هنشير الشعال إصدار بطاقات إيداع بالسجن ضدّ رجل أعمال ووزير فلاحة سابق وعدد من الإطارات في انتظار نتائج التحقيق في ملف هنشير النفيضة، والتي قد تسقط عدة مسؤولين.
بحسب ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية فقد توجه رئيس الجمهورية قيس سعيّد، صباح يوم الأحد . بمناسبة الاحتفال بعيد الشجرة، إلى هنشير النفيضة الذي هو على ملك الدولة التونسية . واطّلع على كل أجزاء هذا المركّب العقاري الذي كانت توجد به مساحات مخصصة للأعلاف والخضروات والأشجار المثمرة إلى جانب عشرات الآلاف من أشجار الزيتون، فضلا عن تربية الدواجن والأبقار والخرفان ومحطة تكييف ولفّ منتوجات معدّة للتصدير. وعاين رئيس الجمهورية الخراب والتخريب الممنهج الذي لَحِقَ بهنشير النفيضة وبكل مركباته التي تحوّلت إلى أثر بعد عَيْن. كما أمر بفتح تحقيق عدلي لتحميل المسؤولية لكل من يُثبت القضاء ضلوعه في نهب أموال الشعب والاتجار بعرق العمال.
تجاوزات واخلالات ومظاهر فساد
تتزامن زيارات رئيس الجمهورية إلى هنشير الشعال وهنشير النفيضة مع انطلاق جني الزيتون واستخراج الزيت، مواقع ومناطق إنتاج تعد مهمة بالنسبة للبلاد التونسية لكن وفق الرئيس انتشر فيها الفساد، حيث أكد خلال زيارته إلى هنشير الشعال وجود فساد مالي و إداري سواء على مستوى سرقة قطع غيار المعدات الفلاحية أو المحروقات مع تسجيل تراجع معدل الإنتاج السنوي من زيت الزيتون بالإضافة إلى تراجع قدرته التشغيلية، مشيرا إلى وجود ما اعتبرها ''عملية سطو ممنهجة''، ليشدد على أنه لا مجال للتفريط في ملك الشعب التونسي وأن حرب التطهير ضد الفساد ستستمر دون هوادة وسيتم تحميل المسؤوليات لكل من قصّر في عمله. ونفس الشيء بالنسبة إلى هنشير النفيضة والتي عاين فيها الرئيس عدة تجاوزات واخلالات ومظاهر فساد، وقد شدد على أن منتوجات هنشير النفيضة كانت تغطي حاجيات عديد الولايات قبل أن ينتشر الفساد، مشيرا إلى أن مساحة الهنشير كانت تقدر ب 100 ألف هكتار وأصبحت اليوم 80 ألف هكتار فقط ، قائلا "إن هنشير النفيضة جنة على وجه الأرض وكان يلقب بمطمور روما ولكن تحول إلى خراب، وتراجع المخزون العقاري بعد التفويت في جزء منه لعدد من الأشخاص".
تحميل المسؤولية كاملة
تحدث سعيد في زيارته إلى هنشير النفيضة عن الفساد الذي لحق كذلك بعمليات "تخضير الزيتون" حيث يتم ترتيب مزاد في الظاهر ولكن في الواقع المزاد لا يرسو سوى على شخص واحد، مشيرا إلى أن أكثر من 10 آلاف أصل زيتون تم استهدافها بشكل ممنهج وتحويلها إلى فحم، مشددا على أنه سيتخذ الإجراءات العاجلة على المستوى الوطني، مبرزا أنه تمت سرقة الزيتون البيولوجي ومحطة التكييف إلى جانب نفوق العديد من الأبقار والأغنام نتيجة الإهمال . ودعا إلى ضرورة تحميل المسؤولية كاملة لكل من استولى على جزء من هذه الأرض ولو على ثمرة واحدة .
تخريب في مسرح مدينة سوسة
معاينة الفساد لم تقتصر فقط على زيارته إلى كل من هنشير الشعال وهنشير النفيضة بل شملت أيضا زياراته إلى مسرح مدينة سوسة، حيث عاين التخريب الذي طاله منذ سنوات ولا يزال مستمرا إلى حدّ الآن نتيجة للدراسات "العلمية" غير الموفّقة وعدم متابعة الملف على الوجه المطلوب. وأسدى رئيس الجمهورية تعليماته بتدارك هذا الوضع في أقرب الأوقات، مشيرا إلى عديد الإخلالات في الدراسات فضلا عن عمليات النهب والتخريب وطول الإجراءات حتى تحوّل ما كان يُفترض أن يكون مسرحا وكرا للفساد ومرتعا للصوص ومتعاطي المخدّرات.