والتي تفاقمت مع تتالي سنوات الجفاف ،مما ساهم في إرتفاع نسبة تبعية تونس لتوريد الغذاء علاوة على نسق تصاعدي في الأسعار غير مسبوق ،حيث سجلت مجموعة المواد الغذائية الفلاحية أعلى نسبة تضخم بحساب الانزلاق السنوي في سبتمبر 2024 بنحو 12 بالمائة ويصل الارتفاع إلى أكثر من 20 بالمائة ،حيث تطرح العديد من الأسئلة عن واقع القطاع الفلاحي اليوم لاسيما إذا تبين أن حصة حصول القطاع على التمويلات من جملة القروض المسندة للمهنيين لا يصل إلى 5% .
أفاد التقرير السنوي للبنك المركزي بأن حصة القطاع الفلاحي من القروض المسندة للمهنيين لم تشهد نموا خلال السنوات الثلاثة المنقضية ،حيث كانت حصة قائم القروض المسندة للقطاع الفلاحي من إجمالي القروض المسندة للمهنيين 4.1 بالمائة في 2021 ثم نمت إلى 4.3 % في 2022 وقد وصلت النسبة إلى 4.6 % في 2023 و في المقابل واصل قطاع الخدمات تصدره باستئثاره لأكثر من 52 بالمائة من القروض المسندة وفي المركز الثاني جاء قطاع الصناعة باستحواذه على 43.1 بالمائة من التمويلات.
ويتوزع قائم القروض المسندة لقطاع الفلاحة و الصيد البحري على 3.5 مليار دينار للزراعة و الإنتاج الحيواني و الصيد و الخدمات ذات الصلة و 381 مليون دينار لأنشطة الصيد البحري و تربية الأحياء المائية.
وتعادل حصة 4.6 بالمائة من القروض الإجمالية 3.9 مليار دينار ،246 مليون دينار للمؤسسات والإدارة العمومية و 3.7 مليار دينار للمؤسسات الخاصة ولفت البنك المركزي إلى أن نسق ارتفاع القروض المسندة لقطاع الفلاحة والصيد البحري قد تباطأ ليتراجع من 12.9% في 2022 إلى 9.6% في سنة 2023.
ويعزى التباطؤ المسجل إلى انخفاض نسق تطور كل من قائم القروض قصيرة الأجل بنسبة 4 بالمائة وقائم القروض متوسطة و طويلة الأجل بنسبة 2.3%.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم اتخاذ جملة من التدابير لفائدة قطاع الفلاحة والصيد البحري، على غرار إحداث قروض قصيرة الأجل لزراعة البطاطا الفصل الخامس ومنح قروض تكميلية لتغطية النفقات المتعلقة بمداواة الأعشاب الطفيلية والتسميد بعنوان موسم الزراعات الكبرى 2023-2022 وإعادة جدولة ديون الفلاحين المتضررين من الجفاف خلال الموسم الفلاحي 2023-2022 .
تؤكد المعطيات أن القطاع الفلاحي يعد من أضعف القطاعات التي تتحصل على القروض على الرغم من أهميته ودوره في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء ،حيث يبدو أن جاذبية القطاع الفلاحي لدى البنوك ضعيفة ،كما أن كسب ثقة القطاع البنكي في مردودية النشاط الفلاحي لاتزال صعبة وقد أثر ضعف التمويلات على نسق الاستثمارات ، ففي ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي ،فإن القطاع الفلاحي يعد الاضعف مقارنة بباقي القطاعات وذلك على الرغم من النمو المسجل في 2023 والتي ناهزت 85 في المائة مقارنة بسنة 2022 ،فإنه يبقى الاقل جاذبية للاستثمار الأجنبي وذلك على الرغم من الإمكانيات المتاحة التي يزخر بها هذا القطاع ،فعلى الرغم من قانون الاستثمار الذي دخل حيز التنفيذ في افريل 2017 و الذي كان يحمل باقة من الفصول لدعم الاستثمار في القطاع الفلاحى يبق دون المأمول ،حيث أن قيمة الاستثمارات الأجنبية للفترة 2010-2022 مجمعة لاتصل الى 100 مليون دولار .
أما عن الاستثمار الخاص المصرح به لدى وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية ،فقد سجل تراجعا بنحو 26% في 2023 مقارنة بسنة 2022. ويتزامن هذا الأداء الهش مع تبعية مرتفعة للتوريد في المواد الغذائية خاصة على مستوى الحبوب والزيوت النباتية ،حيث تشهد جل منظومات الإنتاج الفلاحي تدهورا وتراجعا زادت سنوات الجفاف المتتالية من حدته مما إنعكس على مستوى النمو الاقتصادي وهو مايستدعي وضع باقة من الحلول العاجلة و الناجعة لدفع عجلة النشاط الفلاحي بما من شأنه أن يخفف من المد التضخمي للأسعار من جهة والرفع من معدلات النمو م جهة ثانية.