في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي "رد الجميل" إلى التونسية رجاء بن عمّار

رحلت "الممثلة - الراقصة" رجاء بن عمّار وبقي اسمها حيّا كواحدة من أبرز المجدّدات على ركح المسرح التونسي.

في الثمانيات أسست صحبة رفيق فنها وحياتها منصف الصائم "مسرح فو " ليستقرا منذ منتصف التسعينات بفضاء مدار في قرطاج. وكانت الفنانة التونسية رجاء بن عمّار حاضرة بالغياب في الدورة الحادية والثلاثين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.

تمّ الاحتفاء بالإرث الفني للراحلة رجاء بن عمّار، أول أمس، ضمن محور "رد الجميل" في ندوة ترأسها الدكتور سامح مهران وأدارها الكاتب إبراهيم الحسيني وتحدث فيها كل من الدكتور محمد المديوني والدكتورة أمينة الدشراوي والباحث حاتم التليلي.

رجاء "جديرة بالخلود في الحياة قبل الموت"

بعد أن أتعبها القلب وأضناها، رحلت الفنانة رجاء بن عمّار يوم 4 أفريل 2017 أثناء خضوعها لعملية جراحية على مستوى القلب. ولأنّ بصمات رجاء بن عمّار على الأركاح وفي المسارح وفي القاعات باقية شاهدة على ذاكراتها ومنجزها الفني، فقد قدّم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي تحية وفاء واعتراف بالجميل من خلال عقد جلسة ضمن قسم "رد الجميل" حملت عنوان "شهادات حب إلى رجاء بن عمّار".

وقد أدار هذه الجلسة الكاتب المسرحي إبراهيم الحسيني، مؤكدا "أن رجاء بن عمار هي فنانة شاملة عملت فى الإخراج والتمثيل وفنون الأداء الجسدي والاستعراض، وكانت من أوائل الفنانات التونسيات اللواتي كان لديهن اهتمام بالاداء الجسدي، لافتا إلى أنها تأثرت بما تعلمته في ألمانيا في جميع أعمالها المسرحية، ورحلتها إلى برلين كانت من أسباب تكوينها الفني والجمالي"، وفقا لما ورد في بلاغ المكتب الإعلامي للمهرجان والذي أورد تلخيصا لمداخلات الدكتور محمد المديوني والدكتورة أمينة الدشراوي والباحث حاتم التليلي.
وقد اعتبر محمد المديوني أنّ رجاء بن عمار "كانت فنانة متنوعة إذ امتدت تجربتها لمختلف فنون الأداء بجانب عملها في الإخراج، مشيرا إلى الراحلة تحتل مكانة كبيرة في الحياة التونسية، وعرفت بطاقاتها الفياضة وفي كل ما ذهبت إليه من آراء ومواقف، مشددا على أنها تمثل صورة رائعة لجيل من أجيال تونس الحديثة. وكانت حاضرة حضورا في المسرح الجديد، وارتبطت ارتباطا وثيقا بمؤسسات المسرح المستقل، ومن هذا المنطلق أسست فرقتها "فو" المسرحية، وقد حظيت أعمالها بالتقدير في تونس وخارجها، مشيرا إلى أنها خاضت عدد من المعارك المصيرية باعتبارها فنانة تحققت لها الكثير من المكاسب في تونس الحديثة، ولم تتواني عن المشاركة في الثورة التونسية، وكتبت نصا عن مشاركتها مع الثوار في ثورة الياسمين، لتصور صورة رجاء بن عمار المنغمسة في مجتمعها والحالمة بنهضته".
وأفادت المخرجة والباحثة التونسية أمينة الدشراوي " أنّ رجاء بن عمار كنت أول من جمع بين المسرح والكوريغرافيا في تونس، وعبّرت من خلال أعمالها عن رفضها لكلّ ما هو سائد في مختلف الأصعدة، لافتة إلى أن رؤيتها لفن أداء الجسد ليست جماليا وفنيا فقط بل أيضا اجتماعيا لتصور الجسد تحت تأثير الحزن والسعادة، لتهدم الجسد جمالي وتعيد بنائه من خلال تصورها للأثر الاجتماعي على الجسد، مؤكدة أنّ الراحلة عاشت الانكسارات التي عاشتها الشعوب العربية ولم تجد سبيلا للتعبير عما خالجها من شعور بالغضب والأسى إلا عبر المهنة التي طالما أجادتها، المسرح، ورحلت رجاء بن عمار ولكنها خلّفت مدرسة فنية يستلهم منها الكثيرون وأعمالًا خلّدت اسمها في التاريخ التونسي كأحد أهم قاماته الفنية المتمردة على واقعها".
وفي كلمته، قال الناقد المسرحي التونسي حاتم التليلي"إنّ رجاء بن عمار التي ولدت في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ورحلت قبل 7 سنوات، ولدت مع بالتوازي مع إعلان نبأ الاستقلال، بينما ماتت حين ازدحمت الأفكار الذكورية في المجتمع، مشيرا إلى أنّ رجاء بن عمار لم تتوانى في المشاركة في الثورة التونسية كانت ترى أن المسرح هو الانتماء الجمالي الوحيد عندما تسقط جميع الأجهزة.كانت الراحلة تسير خطوة وراء خطوة خلف المهمشين حتى أصبحوا مبدعين، مشيرا إلى قال الفنانين الذين تعاملوا معها كانوا يروا بعلاقتهم بها، بأنهم ينتمون إلى الجمال، مشددا على أن أنها فنانة نقية بقيت في بقعة نائية من الخطاب السلطوي، وكانت جديرة بالخلود في الحياة قبل الموت".

"الألباتروس" و"قرط" في المسابقة الرسمية

في منافسة بين 10 عروض مسرحية عربية هي : " بوتكس" من المملكة الأردنية الهاشمية، "شجرة اللبان موشكا"، من سلطنة عمان، "تاء التأنيث ليست ساكنة" من العراق، "الألباتروس" من تونس، " فطائر التفاح" من المغرب، " صمت" من الكويت، "قرط” من تونس، "الظل الأخير "من السعودية، " معتقلة" من فلسطين، "زغرودة" من الإمارات، يسجل المسرح التونسي حضوره بعملين اثنين لتتفوق تونس على بقية البلدان المشاركة بحظين للتتويج.
من إنتاج مسرح أوبرا - تونس، تتحدث مسرحية "الألباتروس" للمخرج الشاذلي العرفاوي وأداء كل من فاطمة بن سعيدان وعبد القادر بن سعيد وعلي بن سعيد ومريم بن حميدة وملاك الزوايدي عن ظاهرة الهجرة غير النظامية على قوارب الموت المرتبطة بسلسلة من الأسباب والقضايا تحتاج إلى معالجة وحلول قبل فوات الآوان.
ومن إنتاج "المسرح الوطني التونسي"، تشارك مسرحية "قرط" للمخرج محمد بوسعيدي في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في بطولة لكل عبد السلام مجدوب وهاجر الحاج قاسم وخليل بن حريز وأماني بن فرج وأمان الله الرياحي، تدور أحداث وفصول مسرحية "قرط" في الليل، هذا الزمن الذي يميزه "إيقاع موزون وحديث مكتوم وترياق مسموم"... هي حكاية من حكايات الليل تشهد على تفاصيلها حانة من حانات البلد. يدخل اثنان من العشاق الحانة للمرة الأولى. يفاجئ أحدهما الآخر بقرار السفر للاستقرار في الخارج، فيرفض الطرف الآخر فكرة المغادرة. ومن هنا تبدأ الحكاية داخل الحانة !
كان لتونس حضور وازن في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته 31 التي انطلقت يوم 1 سبتمبر لتتواصل إلى غاية 11 سبتمبر 2024. فهل يعود المسرح التونسي محمّلا بالتتويج بفضل "الألباتروس"أو "قرط" أو الاثنين معا !

حتى لا ننسى
عام على وفاة الأسعد المحواشي أثناء حضوره في مهرجان القاهرة

في 8 سبتمبر 2023، اهتزت الأوساط المسرحية والفنية إثر إعلان وفاة المخرج التونسي والعرائسي القدير الأسعد المحواشي عن عمر ناهز 63 عاما في مصر. وذلك على إثر إصابته بجلطة دماغية بعد يوم من مشاركته في العرض التونسي "ما يراوش" للمخرج منير العرقي ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثلاثين.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115