اخترن الفن وسيلة ليبلغن اصوات النساء ويدافعن عن حقوق الفتيات في قرية "البرشة" في الصعيد المصري وبفضل رغبتهنّ الحقيقية في التغيير نجحت الفتيات في تشكيل فرقة مسرحية تجوب الشوارع وتتغنى بحقوق النساء ورفض المنظومة الذكورية المقيدة للمراة واحلامها، فرقتهنّ المختلفة التقطتها كاميرا الثنائي ندى رياض وايمن الامير ورافقوهنّ طيلة اربعة اعوام لتكون النتيجة فيلم تسجيلي عنوانه "رفعت عيني للسماء" الذي مثل مصر في مسابقة اسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي وفاز بجائزة افضل فيلم تسجيلي، ومن قرية "برشة" الريفية الى السجاد الاحمر لاشهر المهرجانات السينمائية هكذا توجت احلام النساء.
"رفعت عيني للسماء" ليس مجرد فيلم توثيقي، بل ثورة فنية صنعتها الفتيات ضد المجتمع واستطعن من خلالها إثبات ذواتهنّ وافتكاك جزء من حقوقهنّ والدفاع عبر الاغنية والتمثيل على النساء، في اغاني الفرقة يتطرقون لممارسات يومية تعيشها النساء في القرى الريفية، تأسس الفتيات فرقة "بانوراما" ويعرضن مسرحياتهن المستوحاة من الفلكلور الشعبي الصعيدي والتي تحاكي مشاكل واقعية مثل الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم الفتيات، ويدور الفيلم في فلك قصص ثلاثة مراهقات ومتابعة حلمهن في عالم الفن بين حكاية "ماجدة" التي تحلم بالسفر للقاهرة لدراسة المسرح وتصبح ممثلة، وحكاية "هايدي" التي تحلم بأن تصبح راقصة باليه، في حين تحلم "مونيكا" بأن تصبح مغنية مشهورة.
تصنع النساء ثورة ذاتية، يحاولون تغيير المجتمع من خلال المسرح والاغنية، يرفضون التقييد ويبحثون عن البديل، كل منهنّ تدفع عن احلامها وأفكارها عبر الفلكلور واعادة توظيفه في مساراتهنّ القصصية والغنائية، حسب المقاطع المنتشرة للفيلم تتناول الفتيات مواضيع تمسهنّ على غرار التحرّش في المقطع تتساءل الفتاة "هو الفستان عيب؟" فيحيبها احد الذكور "طبعا عيب" لتغني "انا جسمي مش خطية، نفسي البس فستان ولا لبسي قضية والمتحرش جبان، والمتحرش غلطان" فالتحرش من المواضيع المزعجة للمراة تناولتها الفتيات في اغانيهنّ.
كذلك تحدثوا عن الحق في التمسك بالاحلام " لو ما حققتش حلمي واغني، اموت احسن"، كما طرحوا موضوع الزواج المبكر لدى الفتيات "البنت ممنوع تختار شريك حياتها، انما الولد يمكن يحب مرة واثنين" فجسد المراة ملك للعائلة والمجموعة والعادة بينما جسد الرجل حرّ ملك لذاته فقط وكل هذه المواضيع تغنيها الفتيات بجراة في ارجاء القرية وهنّ يتجولن فرحات بقدرتهنّ على اختراق حاجز الذكورية المجتمعية.
"رفعت عيني للسماء" فيلم قال عنه المخرج المخرج أيمن الأمير في بيان صحفي، استغرق تصويره أربعة أعوام متواصلة، تم خلالها متابعة حياة الفتيات أبطال العمل بشكل واقعي، موضحا أن الفيلم يعد تجربة حقيقية تلامس الوجدان المصري وتحاكي حياة أهل الصعيد، كما أضاف أن الفيلم يجسد مفهوم قدرة الإيمان والإرادة والفن على تغيير المجتمع للأفضل، وكيفية تحقيق الأحلام ولو بدت مستحيلة، موضحا أن الفيلم يظهر شخصيات مصرية أصيلة ومواقع تصوير حية من قلب الصعيد نادرا ما يتم تجسيدها في الأفلام كما يركز الفيلم في مفهومه على الثروة البشرية المذهلة التي تمتلكها مصر.