فيلم " بين الزياتين و الرياح : حكاية خيول المكناسي" لامين قمودي السينما سلاح للدفاع عن الذاكرة

السينما وسيلة للدفاع عن الموروث المحلي وخصوصيات كل جهة،

السينما سلاحهم لينقلوا واقع المدينة ويعرّفوا بموروث المدينة ومميزاتها الثقافية والجغرافية ويرسمون عبر الكاميرا الملامح العامة للمدينة والمجتمع، هم مجموعة من الشباب احبوا السينما واختاروها صوت لهامشهم، صوت المستضعفين والمختلفين، صوت الهوية والمدافعين عن مدينة المكناسي وتاريخها ضمن نادي "سينما الريف" الذي اسسه مجموعة من ابناء المكناسي المهتمين بقيمة الصورة وقدرتها على التغير.

سينما الريف نادي وقضية متنقلة، عبر الكاميرا يقدموا العديد من القضايا والمشاغل التي تهم سكان المكناسي واريافها، يعرّفون بحكايات الاجداد ووجيعة الشباب، ينصتون لاصوات النساء واهازيج الحرية في الشارع وكل الحكايات تتحول الى افلام وثائقية تتصدّر المشهد وتعبّر عن افكار حاملي الكاميرا وتنقل في صورة مميزة اصوات الناس وامالهم ضمن تجربة "نتاج" وهي مبادرة اطلقتها جمعية فن المكناسي في اطار مشروعها سينما الريف والهدف من "نتاج" تعزيز الوعي وتحفيز الابداع عن طريق الانتاج السمعي البصري.

المكناسي مدينة عرفت بالاحتجاجات ضد النظام السابق وكل الانظمة، المكناسي شرارة من شرارة الثورة التونسية، مدينة الاحتجاج والرفض هكذا هي الصورة السائدة عن مدينة المكناسي، ولكن نادي سينما الريف سيقدم في تجاربه وافلامه صور اخرى غير معهودة عن المكناسي فهي مدينة الخيول والزياتين كما يصوّر فيلم " بين الزياتين والرياح: حكاية خيول المكناسي" اخراج امين قمودي، وتصوير ايهاب ابراهمية ومساعد انتاج فراس مرايدية وتصوير بلاتو فادي قاسمي، في الفيلم سيرى المتفرج الصورة الاخرى للمكناسي، سينقل تفاصيل العشق بين الفرسان ومربّي الخيول وحيوانتهم المميزة التي اصبحت عنوانا لجمالية المدينة.
"مركض الخيول" كيلومترات قليلة عن مركز المدينة سيكون نقطة بداية الفيلم، سيتعرف المتفرج على حميمية مميزة بين الانسان والخيل، عن سرّ علاقة مقدسة بينهما، وستتاح الفرصة للمربين ليرحلوا بالذاكرة الى التاريخ ومتى دخلت الخيول العربية الاصيلة الى مدينة المكناسي لتصبح رافدا لقوة المدينة واختلافها.
يتحدث المربي رضا غر عن الخيول "فريديريك دي لوفي" المعمر الفرنسي اول من بنى الاسطبل في المكناسي عام 1900 وهو اول ما جاء بالخيول العربية الى مدينتنا، في السابق كانت فقط الخيول البربرية سيدة المكان، و"كريمة" و"نويرة" اول فرسين خرجتا من اسطبل المعمر وهنّ امهات خيولنا اليوم"، في المكناسي يوجد مركض الخيول كمتنفس للناس، يشاهدون جماليات الخيول ورقصاتهم وسباقاتهم.
خيول المكناسي مميزة، وفكرة تربية الخيل في هذه المدينة جد فريدة، لانها قلبت منظومة الراسمالية "في العالم الاثرياء هم من يربون الخيول، لكن في المكناسي لسنا اثرياء والعشاق هم من يربون الخيول منذ خروج المعمر الى اليوم، لتصبح المدينة متميزة ولخيولها صدى جميل في تونس والعالم" كما تحدث المربي الزاير الغابري.
تتجول الكاميرا بين الزياتين المترامية، تغوص في اعماق الريف وتصنع الرياح موسيقى جد مختلفة تغير مقومات الفرجة، تركز الكاميرا على ملامح الوجوه تقترب من التجاعيد وتستنطقها فلكل مربي علاقته الجد خاصة مع خيوله، ارتعاشة اليد، تلك لنظرة الواثقة والحالمة، العكاز للوقوف وكلمات شعرية منظومة تتغزل بالخيل وجمالها مشهدية تتكرر لدى جميع المربين فكلهم عاشق.
عن خيوله يتحدث الزاير بن محمد الغابري وكانه ينظم قصيدة غزل، يتذكر قوة "مبارز" وجمال "فريدة" و"مهيبة" اللتان فازتا بجائزة افضل موديل في دولة الجزائر، فخيول المكناسي جميلة ومربيها يفخرون بها افتخار الاب بابنه ما جعلهم يورثون هذا لعشق للابناء والاحفاد "اصبحت جزء من العائلة واليومي، منذ الطفولة والخيل امامي واليوم اصبحت جزءا من المكان واستثمار ايضا" كما يقول المربي لشاب محمد بن الزاير.
تميزت الكنساسي في تربية الخيول منذ الخمسينات الى اليوم لتكون احدى الاقطاب الثلاثة المنتجة للخيل العربي الاصيل مع سيدي ثابت وسيدي عمر بوحجلة، واصبحت خيول المكناسي مجال للاستثمار والسباقات بعد ان كانت فقط للمتعة والالفة، في المكناسي يوجد مقر "المؤسسة القومية لتحسين وتجويد الخيل" لكنها تعاني الكثير من المشاكل، فالاسطبل شبه مدمّر والعلف مرمي ولولا المبادرات الخاصة لكان الحال افضع.
"خيول المكناسي" جزء من هوية المكان وروح، تربط المربي علاقة مقدسة مع خيوله، قد تسوء الاوضاع لكن الخيول لن تندثر من المكناسي لانها جزء من المكان والروح حسب تعبير احد المربين الذي تركت السنون اثارها الطويلة على تجاعيد الوجه لكن الغرام بالخيول لم يتغير لانها سيرة المكان والذاكرة.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115