في مدينة الثقافة الشادلي القليبي تجمع عشاق الحياة ومانحي الفرحة، العرائسيين من تونس والعالم ليتشاركوا نشوة اللعب وصناعة العرائس فعالم الاطفال عالم رحب والعرائس تمنح السعادة لجمهورها وصناعها.
تجمّلت المدينة ولبست ثوب العرائس ضمن مهرجان قرطاج لفنون العرائس وتزينت باجمل تعابير الفرحة المنعكسة على ضحكات الاطفال وسباقهم للمشاركة في الورشة او مشاهدة العروض العرائسية او اللعب.
دع الاطفال يلعبون ففي لعبهم حياة
هنا مدينة الثقافة الشاذلي القليبي التي تحولت طيلة الاسبوع الى مساحة للعروض والورشات، منذ الشارع الرئيسي تستقبلك "ماريونات" عملاقة الحجم من صنع العرائسي وليد الوسيعي، ماريونات للكلون بالوانه المبهرة وضحكته المرسومة دائما على محياه، منذ الباب الخارجي والاطفال يتعمدون لمس العروسة والتجمع لتحريك الخيط علّ اليد او الساق تتارجح قليلا فيصنعون موسيقاهم المميزة كعنوان للاعجاب.
اصبحت المدينة مشحونة بطاقة طفولية مميزة فالعرائس تتوزع في كل مكان وتختلف حسب الحجم واللون، بعضها لاعمال مسرحية واخرى خصصت لمهرجان قرطاج لفنون العرائس وثالثة نتاج الورشات طيلة المهرجان وجميعها عنوان لسعادة تمنح للاطفال.
تزينت المدينة بضحكات الاطفال وأحلامهم الصغرى، اندفع الخيال والابداع مرة واحدة طيلة ايام قرطاج لفنون العرائس، حضرت الجودة في صناعة العروسة والصدق في التعامل معها وكان التماهي بين المحرك والعروسة يشبه الانسجام العجيب بين الطفل ولعبته المفضلة، من اليوم الاول والعرائسي هيثم وناسي يحرك عروسته بطرق مختلفة، يسكبها من روحه الكثير ويجعلها تنطق بالحب وترقص للفرحة، هيثم وناسي من العرائسيين الشباب المفعم بحب هذا الفن الساحر واستطاع صناعة ماريونات ب30خيط ووحده القادر على تحريكها لصعوبة وتعقيدات الخيوط الكثيرة ومعها حركة العروسة، وهي معروضة في فضاء المركز الوطني لفن العرائس الذي توسط بهو المدينة.
تجمّلت كل فضاءات المدينة، كل شبر اصبح مساحة للعرض والفرحة والفرجة، اختلفت احجام الماريونات المعروضة وانواعها من عرائس الخيط الى الطاولة، الى فن "الكروشيه" الجميل جميعها ابداعات يدوية انكب عليها اصحابها لوقت طويل ليقدم لزوار المدينة فسيفساء من الالوان والافكار ويصنعوا بهجة طفولية تسعد الطفل وتمتع الكبير، فالعروسة صديقة الجميع ودقة الصنع واختلاف المعاني ينسجم مع اختلاف افكار ورؤى من يزور مدينة الثقافة ايام مهرجان قرطاج لفن العرائس.
تقبل على الاطفال بضحكة طفولية، طاولات صغيرة وكراس اصغر حجما، الالوان مميزة في فضاء مربع اخضر اللون، العرائسية والممثلة اميمة مجادي تستقبل الاطفال بابتسامتها لصنع عرائس يدوية من الورق المقوى، كل طفل يمسك باوراق ملونة واقلامه الصغيرة ويقلد العرائسية قبل ان يحمل لعبته مبتهجا كانتصار عظيم سيكون فخره طيلة الوقت المقضي بين الورشات وردهات المكان.
العروسة ذاكرة حية دائما
اختلفت المنتجات العرائسية وطريقة صنعها، كل البهو العلوي بات فضاء للمحبة وللعب، بين كل عروسة واخرى تجد اطفال مجتمعين يحاولون تقليد حركة العروسة او الرقص على نغمات موسيقية مرتفعة، عروسة "اسماعيل باشا" التونسية باحجامها المميزة تستقبل ضيوف المكان وتعرفهم على تاريخ العروسة وهي دمية لعسكري عثماني بدرع نحاسية وسيف لامع، وحماية للجسد من سبع قطع تغطي الكتفين والعضدين والصدر والبطن، إضافة إلى حذاء "البشمق" الذي كان ينتعله العثمانيون و الدمية العسكرية اصبحت جزء من ذاكرة فن العرائس في تونس اخترعها تونسي في الستينات ولازالت "اسماعيل باشا" دمية تونسية الصنع يدافع عنها صانعيها من يمنحونها حياة مختلفة.
تعتبر العروسة جزء من الذاكرة الجماعية، هي مرآة العرائسي وحاملة افكاره ومن بيئته خلق حسان المري اجمل العرائس من جريد النخل يصنع عرائسه، احب النخلة وشغف بتراث مدينته فاختار نخيلها محملا للذاكرة يحمّلها العديد من الرسائل الانسانية والفنية، منحوتات جريد النخل تعرض في بهو مدينة الثقافة، حافظ الفنان على لونها الاصلي واسكبها الكثير من الاشكال، بعضها لوجوه فقط واخرى لاجساد كاملة بعضها نسائية واخرى رجالية، فالعروسة وسيلة حسان المري ليدافع عن مدينة قابس وتلك الجريدة الميتة يبعث فيها الحياة لتكون صوت قابس وصدى صرخاتها وحياتها ايضا.
حسان المري عرائسي احب مدينته وموروثها، بالاضافة الى العرائس المعروضة يشرف على ورشة صناعة العرائس من جريد النخل، في الفضاء السفلي للمدينة حيث توجد خلايا نمل دؤوبة العمل توجد اجتمع العديد من محبي العرائس حول حسان المري يبعثون الحياة في خشب النخل ويلونونه حسب اختياراتهم الخاصة فالعروسة انعكاس على صانعها دوما.
تصنع الضحكات موسيقى مميزة، وتتوزع العرائس لتخبر الاطفال ان هنا مساحة للفرحة والحياة وفن الماريونات فن للحب وصناعة اجمل تعابير الصدق والسعادة، تجملت المدينة وخرجت من رتابتها المعهودة اضفى عليها الاطفال والوان العرائس روح مميزة، فاصبح المكان بمثابة عالم خيالي توشيه اجمل الالوان واكثر الافكار سحرا، في المدينة حتما ستعود طفلا وتلاعب الدمى وتبحث في خزانة الذكريات المقفلة عن مشهد او صورة تتماهى مع تلك العروسة او هذه الدمية، فامام العرائس يصبح الجميع اطفالا.