حوّله من حيّ للمزابل إلى حيّ للفنون: جدارية للفنان التونسي "السيّد" تجمّل عشوائيات القاهرة

تهجر عين الفنان فوزي الخليفي والمعروف باسم "السيّد" ناطحات السحاب

والمنشآت الضخمة لتستقر في قلب العشوائيات والأحياء الفقيرة والمدن شبه المهجورة. في هذه الأماكن يحوّل فنان الڤرافيتي القبح إلى جمال ووحشة المدن إلى ألفة وفتنة لتستحيل جدرانها إلى جداريات فنية يتراقص فيها الخط العربي على ضوء القمر ليلا وتشرق فيها ألوان الحياة مع إطلالة الشمس في كل صباح.

هذه المرّة حطّ الفنان الفرنسي / التونسي فوزي الخليفي الرحال في مصر ليحوّل أحد عشوائيتها من حيّ للمزابل إلى حيّ فنّي تزيّن منازله لوحات الڤرافيتي وتأثر له من بشاعة الواقع ومرارة الفقر.

جدارية على واجهة 50 بيتا مصريا

بين عواصم العالم يسافر فنان الڤرافيتي"السيّد" ناشرا لثقافة الجمال والسلام … فمهما اختلفت الهويات والأديان فالمهم بالنسبة إليه أن يرسم للإنسان. ولأنّ الفن لغة عابرة للقارات ومجتازة للحدود فقد استخدمه هذا الفنان وسيلة لإرساء قيم التسامح والحوار والانفتاح... وبعد أن بلغت مسامعه قصة حيّ للمزابل في القاهرة، انتقل الخطّاط والفنان التشكيلي "السيّد " إلى منشأة ناصر أو"منشية ناصر" أحد أحياء المنطقة الغربية بالقاهرة والذي يعتبر أحد الأحياء شديدة العشوائية. يشتغل أغلب سكان المنطقة على جمع المخلفات ثم تصنيفها حسب موادها ليعاد تدويرها... في هذا المكان الذي يكابد فيه الناس الفقر من خلال النبش في المزابل عن لقمة العيش، استغرق "السيّد" سنة كاملة لينتهي من رسم جدارية "إدراك" على واجهة 50 بيتا من بيوت المنطقة. في السابق كانت البيوت بلا جمالية تتشابه في بؤسها وطوبها الأحمر، لكنها بفضل لمسات الفنان "السيّد" تحوّلت إلى لوحات باذخة الجمال ومشرقة الألوان وعميق الرمزية .
في التحام بأبعاد المكان الحضارية والدينية، جسّد هذا الفنان بالخط العربي مقولة: "إن أردت أن تنظر إلى الشمس فافتح عينيك !" يمتلك "السيّد" أسلوبا خاصا في فن الڤرافيتي يمزج بين الشعر وفن الحرف والرسم على الجدران.
وقد تحصل الفنان التونسي/ الفرنسي فوزي خليفي على جائزة اليونسكو- الشارقة للثقافة العربية لعام 2016. تأسست جائزة اليونسكو - الشارقة للثقافة العربية في عام 1998 وهي تكافئ سنويا اثنين من الأفراد أو المجموعات أو المؤسسات يسعيان من خلال أعمالهما وإنجازاتهما البارزة إلى توسيع نطاق المعرفة بالفن والثقافة العربيين.
وُلد "السيّد" لأب وأم تونسيين في باريس في عام 1981. وتعلّم القراءة والكتابة باللغة العربية في أواخر العقد الثاني من عمره. و"ابتكر أسلوبه التصويري الفريد في فن التخطيط على الجدران، الذي يجمع فيه بين الشعر والخط والرسم، وينشر من خلاله رسائل السلام وآيات الجمال البادية للعيان، حتى وإن لم يكن لدى من يراها أية معرفة بالخط العربي واللغة العربية. ويرى "السيّد" أن جمال ("فن الڤرافيتي") يشبه الموسيقى التي يمكن التّمتّع بها بـمعزل عن أي تحليل فكري. ويستخدم "السيّد"، أعماله الفنيّة في الأماكن العامة لإشراك المشاهدين للوحاته الفنية في حوار يكشف زيف الصور النمطية المنتشرة في أوروبا بشأن الثقافة العربية والإسلامية".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115