خلال العشرية المنقضية مما انعكس سلبا على معدلات الاستثمار والادخار،حيث انخفض معدل النمو بالأسعار القارة خلال الفترة 2011- 2022 إلى 1.1% مقابل معدل قدره 4.5 % خلال الفترة 2000-2010 ومن المتوقع أن تبلغ نسبة النمو 0.9% خلال العام الحالي وفق معطيات البنك المركزي.
تظهر المعطيات الرسمية تراجعا مهما في معدلات الاستثمار و الادخار تأثرا بتعثر أهم مقومات الإنتاج لاسيما إنتاج الفسفاط الذي هبطت مستويات إنتاجه من 8.1 مليون طن في 2010 إلى 3.6 مليون طن في 2022، وقد تدحرجت معدل الاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي من 24.6 في المائة في 2010 إلى 16.0% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 مع توقعات بنمو هامشي في 2023 إلى 16.1% وقد كان معدل الاستثمار على الصعيد الوطني عند المعدل ذاته في العالم في 2010 لكنه كان دون المعدل المسجل للبلدان النامية.
ويأتي انخفاض معدلات الاستثمار بعد مضي خمس سنوات على قانون الاستثمار كان يعول عليه لإخراج تونس من شح الاستثمارات التي تعد عنصرا مهما لتوفير مواطن شغل ودفع عجلة النمو الاقتصادي مع العلم أن هناك مجلة الاستثمار جاهزة لم يفصح عن تفاصيلها يروج لها بـأنها ستكون نقلة نوعية بالنسبة إلى الاستثمار وتغيير منوال التنمية، وذلك بالتوجه نحو اقتصاد المعرفة وخلق مناخ لتسهيل الإجراءات للمستثمرين.
وفي مايتعلق بمعدل الادخار ،فإن معطيات البنك المركزي تشير إلى نسق مماثل يتسم بالتقهقر،ذلك أن معدل الادخار في 2010 كان يمثل 21.1% من الدخل الوطني الإجمالي إلى 8.7% في 2022 مقابل معدل متوقع عند 8.4% في 2023 ، وتعد مستويات الادخار ذات المنحى التنازلي تأثرا بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد ، حيث هبطت معدلات الادخار الخاص والمؤسساتي على حد سواء ،فقد تراجع الادخار الأسري بنسق سريع تحت تأثير تزايد الضغوطات على القدرة الشرائية للأسر و توجيه الجزء الأكبر من مداخليهم الى الاستهلاك الخاص كما تأثر الادخار الوطني بارتفاع نسب التضخم .
أما الادخار المؤسساتي فقد تسبب الانكماش الاقتصادي في عجز المؤسسات عن تعزيز مدخراتها وتمويل استثماراتها إضافة إلى انخفاض الادخار العمومي في ظل تدهور المالية العمومية وقد كانت وثيقة الميزان الاقتصادي للعام المنقضي قد أكدت أن الجهود ستتكثف من أجل إيجاد الآليات الكفيلة لمزيد تشجيع الادخار كآلية لتمويل الاقتصاد في إطار ضرورة العمل على الخروج من الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد وذلك من خلال التسريع في الإصلاحات الكبرى المتعلقة بإعادة هيكلة المالية والمؤسسات المالية العمومية واستعادة التوازن المالي للصناديق الاجتماعية وإصلاح منظومة الدعم والتحكم في كلفة التأجير العمومي من أجل استعادة الادخار العمومي ،غير أن النتائج المسجلة لاتزال بعيدة عن المستويات المطلوبة ،حيث يتطلع الميزان الاقتصادي للعام الحالي إلى الترفيع في حجم الادخار الوطني إلى 18.1 مليار دينار وهو مايعادل 10.8 % من الدخل القومي المتاح.
و تستند التقديرات المنتظرة على التحسن النسبي لمستوى الدخل الفردي الذي ينتظر أن يبلغ 13688.9 دينار وكذلك التقدم في الإصلاحات الضرورية لضمان الارتقاء بإمكانيات الادخار على المدى المتوسط والطويل وهو ما يقتضي النهوض بالادخار المؤسساتي، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات العمومية وإصلاح نظام التقاعد وكذلك مزيد دعم أداء السوق المالية ومواصلة النهوض بأصناف التأمين ذات القدرات الكامنة لاسيما التأمين على الحياة.
كما يستدعي تحسين الادخار العمومي مزيد ترشيد نفقات التصرف ودعم الموارد الذاتية للدولة من خلال تحسين أداء منظومة الجباية. هذا إلى جانب إدراج السيولة المتداولة في الأطر الموازية وغير المنظمة في دائرة الجهاز المالي الرسمي وتعزيز الثقة لدى المواطن بخصوص الادخار المالي عبر تطوير الثقافة المالية وتحسين الخدمات وتطوير النواتج المالية.