مع تقدم الأشهر دون هطول أمطار مما ادى الى حصول عجزا في توفر المياه الصالحة للشرب وبدا التفكير في قطع المياه في فترات وتنصيص على ضرورة عدم الإفراط في استعماله، لكن في الشهر الأخير كانت الكميات المسجلة للأمطار على خلاف العام فقد شملت التساقطات كامل الجمهورية وكانت ذات منافع جمة كما ان لها أضرار ايضا.
من المعتاد ان يكون بداية شهر جوان هو الإعلان عن انطلاق موسم الحصاد مع جاهزية المساحات المزروعة لذلك. لكن الأمطار المسجلة أجلت الموعد وفق شكري الدجبي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بباجة في تصريح لـ"المغرب" حيث اكد انه تم الاتفاق سابقا ان يتم حصاد المساحات القليلة التي نجحت في تجاوز موسم كارثي في غرة جوان بهدف تامين بذور الموسم القادم لكن الأمطار الأخيرة حالت دون ذلك، ومن المخاطر التي قد تلحق بهذه المساحات حسب المتحدث تفرقع الحبوب باعتبار أن السنابل أصبحت ناضجة وجاهزة للحصاد، ومن المخاطر الأخرى التي تهدد المساحات الصغرى حصول الإنبات. هذا الى جانب تعفن الأعلاف الخشنة.
رغم الأضرار فان منافع الأمطار الأخيرة أكثر من مضارها باعتبار ان 94 % من الفلاحة التونسية مطرية، فنسبة امتلاء السدود بلغت اليوم 36 % بعد ان كانت اقل من 30% في الفترات الماضية. وهي ذات فائدة كبرى على الزياتين حيث انه توفر احتياطيا مهما للشجرة والأشجار المثمرة، كما ستنعكس الأمطار ايجابيا على الخضروات والطماطم والقرعيات. كما توجد أيضا عائدات مائية سطحية مهمة بعد أشهر من تراجع مستوى السدود.
ما من شك ان التساقطات الأخيرة لن تمنع من اعتبار الموسم الزراعي 2022/2023 جائحة طبيعية لم يحصل في عديد الولايات إنبات للبذور بل ان مساحات شاسعة تم حرثها منذ افريل المنقضي ولهذا ستكون تكلفة باهظة في الموسم القادم سواء على مستوى توفر البذور او الحاجيات الاستهلاكية الأخرى من الغذاء للتونسيين وللماشية أيضا. وسيكون للواردات تكلفة باهضة على المالية العمومية نظرا إلى أن ارتفاعها أصبح أمرا مؤكدا. لكن قد تنقذ الزياتين والأشجار المثمرة الوضع ولو بنسبة متواضعة كما أن الهدف الأساسي وهو توفير مساه الشرب قد يتم تأمينه أيضا. فمهما تأخرت الأمطار ستكون أمطار الخير في اي وقت في ظل التغيرات المناخية الكبرى التي تشهدها تونس.