كل هذه المؤشرات على الأرض تثير حيرة كل التونسيين في كيفية إدارة السنتين الحالية والقادمة وسط صعوبات المالية العمومية والظرف العالمي المتسم بعدم اليقين.
تمثل الفلاحة نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي في تونس و10% من الصادرات و 16% من سوق الشغل ونحو 34%من السكان يقطنون في مناطق ريفية ويمارسون العمل الفلاحي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باعتبار أن الفلاحة هي القطاع الأساسي ويكاد يكون الوحيد المشغل فيها. كما أن الفلاحة قطاع مهم للحد من الفقر وخاصة في تحقيق الأمن الغذائي.و الزراعة قطاع مهم اقتصاديا واجتماعيا بالإضافة إلى أهميتها في الأمن القومي عموما والأمن الغذائي خصوصا. كما انه يوجد دائما عجز هيكلي لنحو 50% من حاجيات التونسيين وفق تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بعنوان تحليل قطاع الحبوب في تونس وتحديد نقاط الخلل.
تعد الزراعات الكبرى في تونس مطرية بالأساس إذ لا توجد سوى معدل 100 ألف هكتار مساحات مروية في صورة الجفاف وفي معطيات للمرصد الوطني للفلاحة تقدر المساحات القابلة للري للموسم الزراعي 2022/2023 ب 81 ألف هكتار فيما تقدر المساحات الجملية المبرمجة للموسم بحوالي 1 مليون هكتار.
فيما يقدر المخزون العام للسدود التونسية ليوم 1 مارس 2023 ب 718 مليون متر أي نسبة امتلاء ب 32 %. النقص المسجل في الأمطار وطاقة السدود انعكست على المساحات المزروعة فوفق المعهد الوطني للزراعات الكبرى فان مؤشر الاخضرار خلال العشرية الثالثة لشهر جانفي مقارنة بالعشرية تطور بشكل طفيف في شمال ولاية جندوبة، شمال ولاية باجة، ولاية بنزرت وأقصى شمال ولاية أريانة. أما بقية المناطق لم تشهد أي تطور للمؤشر الاخضرار على غرار ولايات الوسط و ولاية سليانة و ولاية الكاف و ولاية زغوان.
ولاحظ المعهد وجود نقص ملحوظ تجاوز 30 بالمائة بولاية الكاف وولاية سليانة وولاية زغوان ووجنوب ولاية باجة (قبلاط ومجاز الباب) وولاية بن عروس وجنوب ولاية منوبة وولاية نابل أما بنسبة لبقية المناطق فقد شهدت تطور تطفيف خاصة بمناطق أقصى الشمال والمناطق المروية.
من جهته يقول محمد رجايبية عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحة والصيد البحري المكلف بالزراعات الكبرى في تصريح له لـ"المغرب" أن هناك معاينات من سلطة الإشراف للمناطق المتضررة لتقدير حجم الخسائر مبينا انه باستثناء ولايات أقصى الشمال التي شهدت تساقط الأمطار فان بقية الجهات لم تتعد فيها نسبة نمو الزراعات الـ 15%. وأشار إلى أن الموسم الفارط 2021/2022 كان موسما ضعيفا بتجميع ما يقارب 7.4 مليون قنطار فان الموسم الحالي سيكون اضعف بكثير وفق المعطيات الأولية. ولفت إلى ان تونس في المواسم الأخيرة كانت تقوم بتوريد 70% من حاجياتها من الحبوب وهو رقم قد يتفاقم هذا العام وسط صعوبات مالية كبرى.
وتعد الحبوب ومشتقاتها من المنتجات المهمة في غذاء التونسي إذ يقدر المعهد الوطني للإحصاء إنفاق التونسي على المواد المشتقة من الحبوب بـ 196.088 دينار وفق نتائج المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021 أي 3.6% من مجموع إنفاق التونسي السنوي ونحو 12% من الإنفاق العام على التغذية والمشروبات. فيما كانت في العام 2015 في حدود 149 دينار للفرد أي 4% من الإنفاق السنوي و 14% من إنفاق التغذية.