فيما الاحتلال يشترط تصفية الجناح العسكري لحماس مقابل وقف الحرب: مساع لردع الانتهاكات الاسرائيلية وإعادة الاعتبار لمبدأ العدالة الدولية

في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية لوقف نزيف الدم المستمر في قطاع غزة،

دخلت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" مرحلة دقيقة وحساسة، مع الكشف عن أبرز نقاط الخلاف الجوهرية التي تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار. اذ يتمسك العدو الصهيوني بـ"إنهاء وجود الجناح العسكري لحماس"، وهو شرط ترفضه الحركة بشدة وتعتبره استهدافا مباشرا لجوهر مشروع المقاومة.ويسعى الاحتلال الصهيوني الى فرض شروطه في المفاوضات الجارية وهو ما يضع المفاوضات في مسار معقد للغاية، نظرا لكون الجناح العسكري للحركة "كتائب عز الدين القسام" يشكل ركيزة مركزية في بنيتها التنظيمية والعقائدية.

فالاحتلال يسعى للتقدم وفرض شرط نزع السلاح بعد فشله في تحقيق الأهداف العسكرية المعلنة خلال 18 شهرا من الحرب المتواصلة، رغم الدمار الهائل وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في القطاع المحاصر.
في هذا السياق، نقلت "قناة القاهرة الإخبارية" عن مصادر دبلوماسية، أن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، سيعقد اجتماعاً حاسماً مع الوفد الصهيوني الذي يترأسه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، في العاصمة المصرية، لكسر الجمود التفاوضي. ويأتي اللقاء بعد أيام من زيارة وفد حركة حماس إلى القاهرة، ما يعكس سعي مصر إلى تنشيط الوساطة من خلال مفاوضات مكوكية متوازنة بين الطرفين.
وتشير المصادر المصرية إلى وجود "مرونة نسبية" في بعض الملفات، مثل تبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، لكن العُقدة الكبرى تبقى في البند الأمني المتعلق بمستقبل المقاومة المسلحة في غزة.
بين الحياد والضغوط الإستراتيجية
يُذكر أن مصر تقود جهود الوساطة إلى جانب كل من قطر والولايات المتحدة، في محاولة لإنهاء الحرب التي دخلت شهرها الثامن عشر، وسط تدهور غير مسبوق في الوضع الإنساني داخل غزة، وانهيار شامل للمنظومة الصحية والغذائية في القطاع. وتلعب واشنطن دورا ضاغطا ، من أجل القبول بوقف إطلاق نار "مؤقت" على الأقل، يخدم الأهداف الإنسانية والإغاثية، لكن تل أبيب لا تزال تشترط ما تسميه "ضمانات أمنية بعيدة المدى"، في إشارة إلى نزع سلاح حماس أو تحييدها سياسيا وعسكريا.
في المقابل، تبدو حماس مصرة على عدم تقديم "تنازلات وجودية" قد تقوّض قدرتها على الاستمرار كقوة مقاومة. وتعتبر الحركة أن أي اتفاق يشترط إنهاء جناحها العسكري هو بمثابة "استسلام مشروط"، لا يمكن القبول به، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ومناطق أخرى، ومحاولات الاحتلال فرض وقائع ميدانية تخدم أهدافه التفاوضية.
الأسرى والمساعدات
رغم العقبات الكبرى، أشارت وكالة "رويترز" إلى حدوث "تقدم كبير" في بعض ملفات المفاوضات، لاسيما ما يتعلق بإمكانية إطلاق سراح عدد من الأسرى من الطرفين، وفتح المعابر بشكل موسع لإدخال المساعدات، ما يعطي بارقة أمل ولو محدودة في أن اتفاقا مرحليا قد يُنتج في حال جرى تحييد الملفات الأكثر حساسية وتأجيل البت فيها.
وتكشف المفاوضات الجارية عن مأزق حقيقي في مقاربة الحل، حيث تصطدم إسرائيل برغبتها في "حسم استراتيجي" يقضي على البنية العسكرية للمقاومة، بينما تتشبث حماس بحضورها كطرف في أي معادلة مستقبلية، ما يجعل المسار التفاوضي أشبه بحقل ألغام سياسي. ويبقى الرهان على قدرة الوسطاء الإقليميين والدوليين على هندسة حل واقعي يراعي التوازن بين المطالب الأمنية الإسرائيلية وحق الفلسطينيين في المقاومة، والعيش بأمن وكرامة في أراضيهم.
توافق مبدئي
هذا وأفادت مصادر أمنية مطلعة أن المفاوضات الجارية بين الأطراف المعنية أحرزت تقدماً في عدد من القضايا، على رأسها التوافق المبدئي على وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة، في خطوة تُعد مؤشرا على نية الأطراف احتواء التصعيد المستمر منذ شهور.
غير أن المصادر نفسها أكدت استمرار وجود نقاط خلافية أساسية تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي، أبرزها مسألة تسليح حركة "حماس" ومستقبل جناحها العسكري، التي ما تزال محل خلاف حاد بين الجانبين.
وكان وفد حركة حماس قد غادر العاصمة المصرية السبت الماضي، بعد جولة محادثات مع الوسطاء المصريين، في إطار جهود إقليمية ودولية مكثفة لدفع عجلة التهدئة.
وفي تصريح وفق وكالة "فرانس برس"، كشف مسؤول في الحركة عن استعداد حماس لعقد "صفقة شاملة" تنهي الحرب، تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل اتفاق هدنة يمتد لخمس سنوات، وهو عرض يتجاوز الهدن المرحلية السابقة ويعكس رغبة في صياغة تسوية طويلة الأمد.
غير أن هذه الرؤية اصطدمت سابقا بمواقف العدو، إذ سبق أن رفضت حماس، في 17 أفريل، مقترحا إسرائيليا يقضي بهدنة مؤقتة مدتها 45 يوماً مقابل الإفراج عن عشرة رهائن أحياء فقط، معتبرة العرض غير متوازن ولا يعكس جدية في إنهاء العدوان.
وتتمسك حماس بمبدأ "الاتفاق الشامل" الذي يربط بين وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، ورفع الحصار، وترتيبات إنسانية واضحة، بينما يصر الاحتلال على استعادة جميع الرهائن أولاً، ويطالب بنزع سلاح حماس وباقي الفصائل الفلسطينية، وهو مطلب تعتبره الحركة "خطاً أحمر" لا يمكن التفاوض عليه.
تطور قضائي
وفي تطور قضائي يعكس تصاعد الضغوط القانونية والدبلوماسية على إسرائيل، اتهمت جمهورية جنوب إفريقيا، خلال جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي، تل أبيب بانتهاك جسيم ومستمر للقانون الدولي، عبر فرضها حصارا مطبقا على قطاع غزة ومنع دخول المساعدات، في خرق مباشر لالتزاماتها كقوة احتلال مفروضة عليها بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي.
وانطلقت أمس الأول جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في الطلب المحال من الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار رأي استشاري غير ملزم بشأن التزامات إسرائيل بتمكين ودعم وجود منظمات الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة.وأوضحت المحكمة في وقت سابق أن 40 دولة و4 منظمات دولية وإقليمية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات الشفوية أمام المحكمة في مدينة لاهاي بهولندا، وأعلنت أن جلسات الاستماع الشفوية ستستمر إلى الثاني من ماي المقبل.
وخلال مرافعة قدمتها السفيرة روكانيا تيليه أمس الأول، أكدت جنوب إفريقيا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بالتدمير العسكري، بل يتعمد تقويض الحياة المدنية من خلال استهداف المنظمات الإنسانية وعرقلة عملها، في إشارة مباشرة إلى قرارات إسرائيل الأخيرة بحظر نشاط وكالة الأونروا داخل القدس الشرقية، ومصادرة ممتلكاتها تمهيداً لبناء وحدات استيطانية.
اعتبرت تيليه أن ما تقوم به إسرائيل يرقى إلى "عقاب جماعي ممنهج" ضد السكان الفلسطينيين، من خلال سياسات الحصار، ومنع فرق الإغاثة والطواقم الطبية من التحرك بحرية، واستهداف المدارس والمناهج بهدف محو الهوية الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني. وأضافت أن "تفكيك إسرائيل للمنظمات الإنسانية يتسبب بانهيار الحياة المدنية في غزة"، مؤكدة أن ذلك ليس إجراءً أمنياً بل شكل من أشكال السيطرة الاستعمارية الممتدة.
تحذير من الانهيار الكامل
وشكل استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) نقطة محورية في المرافعة الجنوب إفريقية، حيث شددت تيليه على أن الحظر الإسرائيلي المفروض على الوكالة منذ أكتوبر 2024، وما تلاه من مصادرة مقرها في القدس الشرقية، يعد انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي وتهديداً مباشراً لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدماتها الصحية والتعليمية والإنسانية.
وتأتي هذه التحذيرات في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة يعيشها سكان قطاع غزة، حيث تشير الإحصائيات الفلسطينية إلى مقتل أكثر من 170 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وتهجير نحو 1.5 مليون من أصل 2.4 مليون نسمة يعيشون في القطاع، الذي تحول إلى ركام بفعل حرب وصفها مراقبون بأنها "إبادة جماعية مدعومة أمريكياً".
تسعى جنوب إفريقيا، التي سبق أن تقدّمت في جانفي الماضي بدعوى ضد إسرائيل تتهمها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، إلى استخدام المنصات القضائية الدولية لفرض مساءلة قانونية على الاحتلال، وسط تخاذل عدد من الدول الغربية في تطبيق مبدأ العدالة الدولية. وتحاول بريتوريا الدفع نحو إصدار أوامر واضحة من المحكمة تلزم إسرائيل بوقف الحصار، وتمكين إدخال المساعدات، وضمان حماية المنظمات الدولية والعاملين الإنسانيين.
في المقابل، تؤكد القيادة الفلسطينية رفضها المطلق لأي محاولات لتقويض دور الأونروا أو استبدالها، مشددة على أن تلك المحاولات تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين، ونسف حق العودة. كما دعت المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لحماية الوكالة الأممية، باعتبارها صمام أمان إنساني في ظل الانهيار الشامل الذي تعانيه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
القانون في مواجهة الاحتلال
وتُعد جلسات محكمة العدل الدولية الأخيرة مؤشرا على أن المعركة الفلسطينية لم تعد فقط على الأرض، بل باتت أيضاً في أروقة العدالة الدولية. وبينما تسعى إسرائيل إلى فرض وقائع سياسية بالقوة، يبدو أن جبهة قانونية عالمية آخذة في التشكل، عنوانها "المساءلة والمحاسبة"، في محاولة لردع انتهاكات الاحتلال وإعادة الاعتبار لمبدأ العدالة في العلاقات الدولية.
في الأثناء استشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون، أمس الثلاثاء، في غارات ''إسرائيلية'' استهدفت مختلف مناطق غزة، استمرارا لحرب الإبادة المتواصلة على القطاع المحاصر.

يأتي ذلك بينما أعلن جيش الإحتلال الإسرائيلي ، أنه يستعد لتوسيع حرب الإبادة في قطاع غزة بذريعة "وصول المفاوضات مع حركة حماس إلى طريق مسدود"، على حد ادعائه.
وقالت مصادر طبية وفق الأناضول، إن "3 شهداء سقطوا جراء قصف من مسيرة إسرائيلية ، على فلسطينيين في منطقة قيزان النجار، جنوبي مدينة خان يونس جنوب القطاع".فيما ذكر شهود ، أن الجيش الإسرائيلي نفذ غارات على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، نتج عنها "ارتقاء شهيد وإصابة شخصين"، في حصيلة مرشحة للارتفاع.
وفي وقت سابق أمس الثلاثاء، توفي فلسطيني متأثرا بإصابته قبل أيام في قصف للجيش الإسرائيلي استهدف مدينة خان يونس.وأفادت مصادر بـ"استشهاد فلسطيني متأثرا بجروح أصيب بها قبل أيام في قصف إسرائيلي على مدينة خان يونس".وسبق أن ذكر شهود عيان ، أن قصفا مدفعيا إسرائيليا مكثفا يستهدف منذ ساعات المناطق الجنوبية لمدينة خان يونس.فيما أشارت مصادر محلية إلى أن غارة جوية إسرائيلية استهدفت شمال شرق مدينة رفح جنوب القطاع، بالتزامن مع سماع أصوات إطلاق نار كثيف بالمنطقة ذاتها.
وفي شمال القطاع، أفاد شهود عيان بـ"قصف مدفعي إسرائيلي على حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة".
ومطلع مارس الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 جانفي 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.لكن رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس الماضي، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمينية، لتحقيق مصالحه السياسية، وفق إعلام عبري.
49 صحفيا في سجون "إسرائيل"

في الأثناء قال نادي الأسير الفلسطيني، أمس الثلاثاء، إن ''إسرائيل'' تعتقل في سجونها 49 صحفيا.جاء ذلك في بيان أصدره النادي الفلسطيني، معلنا فيه "اعتقال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء الصحفيّ علي السمودي من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، بعد مداهمة منزله".
وأوضح البيان أن باعتقال السمودي "ارتفع عدد الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) منذ بدء الإبادة الجماعية في قطاع غزة، إلى 49 صحفيا".
ومنذ بداية حرب الإبادة ضد قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، اعتقلت إسرائيل واحتجزت 177 صحفيا، أبقت في سجونها على 49 منهم، وفق المصدر ذاته.
وفي السياق، ذكر بيان النادي الفلسطيني أن "سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) تواصل التّصعيد من استهداف الصحفيين الفلسطينيين عبر عمليات الاعتقال الممنهجة، إلى جانب عمليات الاستهداف اليومي خلال أداء عملهم". بالإضافة إلى "استمرار عمليات اغتيال الصحفيين في غزة، في مرحلة هي الأكثر دموية بحقّ الصحفيين، وذلك في محاولة مستمرة لاستهداف الحقيقية، والرواية الفلسطينية"، بحسب المصدر ذاته.
كما نوه البيان إلى "استهداف سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) في الضّفة الغربية الصحفيين عبر عمليات الاعتقال الإداري (دون تهمة) بذريعة وجود ملف سري، فضلا عما تسميه بالتحريض أي معتقلين على خلفية حرية الرأي والتعبير".
وأفاد النادي الفلسطيني بأن "19 صحفيا حولوا للاعتقال الإداري (في الضفة الغربية)، وكان آخر من أصدر بحقهما أوامر اعتقال إداريّ الصحفيين سامر خويرة، وإبراهيم أبو صفية".وذكر البيان أن منصات التّواصل الاجتماعي "تحولت إلى أداة لقمع الصحفيين، وفرض المزيد من السيطرة والرقابة على عملهم".
وعليه، طالب نادي الأسير المنظومة الحقوقية الدولية، باستعادة دورها الحقيقي واللازم وإنهاء حالة العجز الممنهجة التي ألقت بظلالها على المنظومة الإنسانية منذ بدء الإبادة، وضمان حماية الصحفيين.

 

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115