الرئيس وحكومته: ماذا يحدث؟

في أخر لقاءين جمعا الرئيس قيس سعيد برئيسة حكومته نجلاء بودن كان جليا من الكلمات والعبارات التي اختارها انه يوجه تحذيره

الى حكومته كذلك الى الادارة وطالبهما بالانضباط لسياسات الدولة التي يرسمها الرئيس. في لقائه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن يوم الخميس 4 ماي ويوم أمس الاثنين 8 ماي وردت في كلمات الرئيس عبارتان يبدو أنهما تحملان معاني تتجاوز الاستعارة اللغوية او الاستدلال، ففي اللقاء الأول تحدث الرئيس عن "من يريد الجلوس على مقعدين اثنين" وفي اللقاء الثاني تحدث عن من "يرقصون على الحبال".
استعارتان لغويتان تكشفان في المستوى الأول عن أن الرئيس ينتقد سلوك جزء من الإدارة التي تعلن انتسابها لمسار 25 جويلية ولكن اصحابها ،في المقابل، يبحثون عن التموقع مع خصوم المسار، وهذا الفهم سليم خاصة وان الرئيس قد تحدث في اللقاءين بإطناب عن المسؤولية وعن المسؤولين الذين دعاهم الى تحمل مسؤوليتهم كاملة، وهي خدمة الشعب والاستجابة لمطالبه. الا ان وضع اللقاءين في سياقهما السياسي لا يمكن فهمه إلا اذا وقع الربط بين كلمات الرئيس و إقالة وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة القنجي على خلفية تصريح صحفي تطرق إلى منظومة الدعم وإصلاحها والبحث في الكلمتين عن القواسم المشتركة وعن العبارة الأكثر تكررا.
هنا سنجد ان الرئيس حتى وان لم يعلنها صراحة يتحدث عن الاتفاق مع صندوق النقد وعن خطة الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة مع الصندوق منذ أكتوبر الفارط وظلت تتفاوض بشأنها الى نهاية شهر افريل الفارط، وذلك ما أعلن عنه صراحة في بلاغ الرئاسة عن لقاء 4 ماي بالإشارة الى الحلول والى ضرورة ان تكون ذات بعد اجتماعي. الا ان الرئيس لم يتطرق الى ملف الإصلاحات والى الاتفاق حتى يقدم موقفه منه- فقد سبق له ان أعلن عن ذلك في اكثر من مناسبة، وكان الحديث عن الاتفاق تمهيدا للإعلان عن الأهم وهو أن "لا جهة لها الحق في أن تتصرف خلافا للسياسة التي يحددها رئيس الجمهورية" وان الدستور يمنح الرئيس صلاحية رسم السياسات العمومية في كل مجال. هذا هو المهم في بلاغ الرئاسة عن لقاء 4 ماي كذلك ما نجد صداه في لقاء الاثنين 8 ماي الجاري، مما يقدم صورة أولية عن وجود توتر في العلاقة بين الرئيس وحكومة، لا فقط بسبب تصريحات الوزيرة المقالة بل للنهج السياسي الذي تسلكه الحكومة في علاقة بالإصلاحات وبصندوق النقد الدولي، إذ يبدو من العبارات المستخدمة من قبل الرئيس انه يوجه تحذيرا الى حكومته والى كل أعضائها ومن ورائهم كبار المسؤولين عن الملف الاقتصادي والمالي في تونس، بضرورة الانضباط للخيار السياسي الذي رسمه الرئيس في علاقة بالمفاوضات مع الصندوق، وهو خيار يقوم بالأساس على فك الارتباط بين الوصول الى الاتفاق وبداية صرف أقساطه وبين الانطلاق في الإصلاحات والتزام الرئيس. تكرر التحذير والدعوة الى الانضباط للمرة الثانية في اقل من أسبوع يكشف عن توتر داخل السلطة التنفيذية وعن عدم تناسق بين مكوناتها خاصة اذا تعلق الأمر بملف الإصلاحات والمفاوضات مع الصندوق الذي يدار من قبل الرئاسة والحكومة والبنك المركزي مع الصندوق والذي باتت الرئاسة تشرف على إدارته ورسم سياسته وتكلف الحكومة باتباعها.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115