إلا أن مظاهر الاحتفالات تعددت واختلفت وكل طرف اختار إحياء ذكرى عيد الاستقلال حسب رغباته وحساباته، فرئيس الجمهورية قيس سعيد اختار ولاية القيروان للاحتفال بالاستقلال أما أنصاره ومساندو حراك 25 جويلية فقد نظموا مسيرة في شارع الحبيب بورقيبة مع تجمع أمام المسرح البلدي رفعوا فيهما شعارات عديدة تتلخص في مطالبة الرئيس بمواصلة مسار 25 جويلية ومحاسبة الفاسدين، في المقابل اختارت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي قصر المؤتمرات للاحتفال بالذكرى وإلقاء خطاب أمام أنصار الحزب توجهت من خلاله عدة رسائل وانتقادات للرئيس وللحكومة والبرلمان والأحزاب..
لئن اختارت عدة ولايات وجهات وأحزاب تنظيم تظاهرات ومسيرات وتجمعات وحفلات غنائية إلا ان عددا من الأحزاب ومكونات المجتمع المدني فضلت إصدار بيانات رسمية بهذه المناسبة، وبالعودة إلى رئيس الجمهورية فقد أدى يوم أمس زيارة غير معلنة إلى ولاية القيروان، زيارة استمع فيها إلى مشاغل المواطنين، كما أدى الرئيس زيارة إلى مسجد عقبة بن نافع.
مسيرة وتجمع لأنصار الرئيس
يبدو أن شوارع العاصمة أمس وبالتحديد شارع الحبيب بورقيبة كانت متاحة فقط لأنصار الرئيس ومساندي مسار 25 جويلية، حيث نفذ كل من حراك 25 جويلية - حركة شباب تونس الوطني مسيرة في شارع الحبيب بورقيبة وتجمعا أمام المسرح البلدي وسط تعزيزات أمنية مكثفة، ووفق تصريح إعلامي للناطق الرسمي للحراك محمود بن مبروك فإن الهدف من هذه المسيرة "الاحتفال بعيد الاستقلال ودعم مسار الرئيس وتثمين المحاسبة والمواصلة فيها خاصة صلب المؤسسات العمومية إلى جانب رفض التدخل الأجنبي" هذا إلى جانب توجيه رسالة "لجميع العملاء" الذين يواصلون التآمر على الشعب التونسي إلى حد اليوم لإعلامهم أن مهمتهم قد انتهت وان الضغط الذي يمارس حاليا على تونس لن يتواصل وستبقى تونس حرة فضلا عن مطالبة الرئيس بمواصلة المسار ومحاسبة الفاسدين وتحرير الوطن وإسقاط منظومة الفساد.
معركة الدستوري الحر
في الجهة المقابلة فضلت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي الاحتفال بذكرى الاستقلال في قصر المؤتمرات أين ألقت خطابا وجهت خلاله العديد من الرسائل مفادها أن سلطة 25 جويلية التي قامت على مقاومة الفساد لم تنجح إلى اليوم في فتح كبرى الملفات وفي مقدمتها ملف الصفقات والشراءات العمومية، لتشدد على أن معركة حزبها مع رئيس الجمهورية كانت بسبب إقصائه للأحزاب إلى جانب تنصيصه في القانون على أنه لا يمكن الترشح لكل شخص صدر في حقه حكم بات بخصوص مخالفة انتخابية مهما كان نوعها وحدتها ، وذلك بهدف إقصاء كل المخالفين له من الترشح للانتخابات الرئاسية. كما شددت موسي في خطابها على أن الحزب لن يقبل ولن يسمح بتركيز الحكم القاعدي الذي يحلم به الرئيس.
دعوات للحفاظ على المكتسبات الوطنية
أما بقية مكونات المجتمع المدني وعدد من الأحزاب فقد اكتفت بإصدار بيانات رسمية على سبيل الذكر لا الحصر حزب التكتل الذي أكد في بيانه أن استقلالنا لن يكتمل بضعف اقتصادنا والابتعاد عن البناء المشترك نحو تحقيق المكاسب الشخصية أو الفئوية الضيقة، مضيفا أن الاستقلال الحقيقي لا يبنى إلا بالمحافظة على المكتسبات التي حققها الشعب وتطويرها بوحدة المجتمع لا بتقسيمه ولا بتخوين الرأي المخالف ونبذ النعرات الجهوية والخطابات المتشنجة . كما أصدر المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة بيانا دعا فيه جميع القوى التقدمية بالبلاد إلى التصدّي لكافة محاولات التخلّي عن المكتسبات الحداثية وإلى العمل على تطويرها، من ذلك بالخصوص الحفاظ على مبدإ مدنية الدولة والتنصيص عليه وعلى وجوب احترام قيم الجمهورية والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان في الدستور إلى جانب دعم الحريات الفردية والجماعية ولاسيما حرية الرأي والتعبير وحرية الضمير والمعتقد وتطوير القوانين في اتجاه المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل مع مراجعة جذرية للسياسة الخارجية لاستعادة المكانة التي كانت تونس تحظى بها في المحافل الدولية لتسترجع بلادنا هيبتها التي عُرفت بها منذ عقود كدولة مدنيّة مُتحضّرة.