المسرح سبيل للحياة وممارسة حياتية يومية لدى خبيب العياري ابن وادي الزرقاء والذي جاء للجمهور محمّلا بحكايات من الذاكرة الشعبية قدمت لجمهور أيام قرطاج لفن العرائس.
"جحا وعبابث الخرافة" مسرحية من انتاج شركة »ارسطوفانيس « تمثيل عامر المثلوثي ورامي الهمامي وبشير بوعلي وسهيل المزوغي وطارق الطرابلسي ونضال الحناشي ولطفي الناجح، موسيقى والحان يسري اليحياوي وتركيب الفيديو لياسين الهمامي وملابس سلمى الحناشي وايمن العمدوني وصنع الاقنعة لخبيب العياري ووسيم البجاوي والعمل بدعم من صندوق التشجيع على الانتاج الادبي والفني.
التقاط لتفاصيل الذاكرة الشعبية على الركح
يبحثون في الموروث الشفوي، يصنعون عالم إبداعيا يشبههم، ينتصرون للهامش وللمهمشين، التقطوا خرافات الأجداد وأعادوا صياغتها مسرحيا لتكون عملا مسرحيا جمع بين تقنية خيال الظل والتمثيل، وموسيقى تونسية الروح والانجاز، عمل يقدم القليل من حكايات وخرافات التونسيين ويتتبع سيرة "جحا" ومغامراته.
"جحا وعبابث الخرافات" هو اسم العمل المسرحي الموجه للشباب للكهول، عمل يجمع ثنائية خيال الظل والتمثيل المباشر، مزج بين عالمين إبداعيين لمزيد الحفر في تلوينات الفرجة المقدمة لجمهور الأطفال والشباب.
المسرحية عبارة عن كتاب تاريخ مفتوح يوثق للحكايات الشعبية ويعيد سردها بطريقة مسرحية تنطلق من السخرية والكوميديا، رحلة فنية تجمع بين الضحكة والنقد اعتمدها فنان باحث عن التجديد في نصوصه وأعماله.
تدافع المسرحية عن الموروث الشفوي الشعبي، حكايات وخرافات جمّعها كاتب النص نضال الحناشي وأخرجها مسرحيا خبيب العياري وقد رحلا بالمتفرج إلى عالم الطفولة والى حكايات محفورة في دهاليز الذاكرة، دفاع عن الموروث من خلال المسرح، فالمسرح بالنسبة لهما ليس مجرد عرض ينتهي بانتهاء اللعبة، بل هو فعل يومي وممارسة دائمة والبحث في الموروث واعادة تقديمه لجيل اليوم من رهانات مجموعة "ارسطوفانيس" بوادي الزرقاء.
"جحا وعبابث الخرافة" هو اسم المسرحية، العمل عتبة الى الذاكرة الشفوية للتونسيين، اعادة بث الحياة في الخرافات المنسية وتقديمها بطريقة مجددة امام جمهور الفن الرابع،صوت "الزكرة" يصدح عاليا للاعلان عن بداية العرض، طريقة مختلفة في صياغة موسيقى العرض المسرحي هي الاخرى تدافع عن الموروث الموسيقي التونسي، خلف الستارة البيضاء يظهر "جحا" تدريجيا نائما غير مبال بالمطر ولا بالزراعة، وزوجته "فهيمة" تجبره على العمل، فجحا "جحجوح" أكثر الكسلى وأكثرهم دهاء أيضا.
تقنيات فن الممثل مطية للدفاع عن الذاكرة
بين تقنية خيال الظل والتمثيل الحي تكون المتعة المسرحية، مزيج من الكوميديا والتراجيديا يبحر في عوالمها ممثلو المسرحية وصانعو الفرجة فيها، العمل ينطلق من المحلي جدا، اللهجة المعتمدة في المسرحية هي اللهجة المحلية لسكان أرياف وادي الزرقاء، لهجة جد خاصة ومختلفة توظف جيدا على الركح ليكون العمل صادقا أمام جمهوره، فمن المحلي يمكن الانطلاق الى الكوني هكذا يعمل خبيب العياري ويدافع عن الخصوصية.
"جحا وعبابث الخرافة" سيرة خيالية بطلها "جحا" الذي يغادر بيته هروبا من حرص زوجته على العمل ليقابل في طريقه الكثير من الأهوال التي تنقل جميعها على الركح أمام جمهور مختلف من الأطفال والكهول.
"جحا" يجول في أماكن مختلفة عبر موسيقات متباينة، لكن جميعها موسيقى تونسية، "جحا" والشخصيات الأخرى التي سيقابلها جميعها ذات طابع تونسي وموروث تونسي جد مميز، فيكون صوت "الزكرة" هو الفاصل بين المشاهد، و"الملالية" ترافق حكاية "النعوشة" و"الحجالي" يكون رديفا لمشهد لقاء "بغل الجبانة" و"السطمبالي" يستعمل في قصة "طنين وطنينة"، لكل مشهد موسيقاه المختلفة، لكل لقاء بين الشخصيات إيقاع تونسي مميز ليكون العمل بحثا حقيقيا في الموروث الشعبي الحكائي والموسيقي.
يتجول "جحا" في الموروث الشفوي التونسي، من "الغول" إلى "طنين وطنينة" "فبغل الجبانة" و"النعوشة" و"عزوزة الستوت" وجميعها حكايات من الموروث التونسي قدمت على الركح في صورة جمالية متميزة.
"جحا وعبابث الخرافة" مسرحية للشباب والكهول، تجربة إبداعية تبحث في الموروث الشفوي وتحافظ عليه، نبش في الذاكرة وتطويعها مسرحيا عبر أداء الممثل والموسيقى والاضاءة،لكل من الممثلين في العمل طريقته جد المتميزة في تقمص الشخصية، جميعهم يلبسون الاقنعة على الوجه، غابت الملامح الحقيقية للمثل وحلتّ مكانها ملامح الشخصية لكن طبقة الصوت وطريقة الحركة والتماهي مع النص كان عنوان تقمص الشخص للشخصية، لكل شخصية مشهد وحيد قدمه الممثلون بالكثير من اللعب الدرامي وتقنيات الممثل، جميعهم لعبوا كطفل شغوف بلعبه وفنه.
"المسرح سلاح الحالمين، المسرح كينونتي ومجالي الإبداعي والانساني، المسرح سكنني منذ الطفولة وها انا أواصل صناعة عالمي وأحلامي" بهذه الكلمات يتحدث مخرج العمل خبيب العياري عن المشروع المسرحي.
"جحا وعبابث الخرافة" مسرحية من إنتاج شركة ارسطوفانيس بوادي الزرقاء، تجربة ابداعية جديدة وحلم آخر يضاف للمشهد المسرحي، عمل ولد بعد الكثير من الاجتهاد والحفر في صخور اللامركزية ومحاولة انجاز فعل مسرحي نضالي يعيشه خبيب العياري ورفيق الفكرة نضال الحناشي في ربوع قرية "وادي الزرقاء" من ولاية باجة.