الفنان التونسي منذر بن ابراهيم ابن الصحراء الممتدة، انتصر لها في اعماله الفرجوية وتقاريره الصحفية (اشتغل مراسلا للعديد من القنوات التلفزية) لاعوام طويلة، وهاهو اليوم يختار محبوبته الاولى الكاميرا لينقل للجمهور قصص الصحراء في تعاملها مع شباب حلم بالحرية فوجد نفسه مجنّدا قسريا في رجيم معتوق.
"ذوق المنفى، ذوق، يا مصوّب شور الجندية، ومقيّل في رجيم معتوق باسم المدرج والكلية" اغنية عرفها صغيرا وتتبع اسرارها كبيرا، سكنته تلك الواحات الممتدة، "الامل" و"الحلم" واسماء مختلفة لنخيل باسق زرعه ذات يوم شباب اجبروا على البقاء في رجيم معتوق لاعوام وهم مجندون قسريا ومن ضمنهم كان الشهيد شكري بلعيد، هؤلاء الذين كتب عنهم الراحل الشيخ الهاشمي الطرودي واستفاض قلمه في وصف معاناة المجندين، كما كتب عنهم عمار الجماعي انطلاقا من تجربته الذاتية في كتابه "الطريق الى محتشد رجيم معتوق" ستعيدهم كاميرا منذر بن ابراهيم الى الذاكرة التونسية عبر فيلمه الجديد "سراب".
يستعد المخرج الشاب منذر بن ابراهيم لتصوير فيلمه الروائي القصير "سراب" وفي تصريحه لـ"المغرب" قال بن ابراهيم "سراب فيلم مستوحي من احداث حقيقية ايام التجنيد القسري لطلبة في رجيم معتوق احداث تجاهلها التاريخ وتناساها العديد من السياسين وفيهم من مروا بتلك المنطقة كمجندين قسريّا من هذا المنطلق كتبت السيناريو" والفيلم تحصل على دعم من وزارة الشؤون الثقافية لانجازه.
ويضيف محدثنا ابن رجيم معتوق "انا ابن تلك الصحراء التي احتضنتهم شاهدا علي ما مر به الرجال من خلال القصص التي توارثناها من اهلنا حول محاولاتهم للتحرر من النظام ولكنهم وجدوا امامهم ما هو اقوي من النظام وهي الطبيعة وقساوتها ، الصحراء وجها لوجه قانون البقاء تجاه التعاليم التي تلقوها باختلاف خلفياتهم الفكرية والسياسة والاجتماعية" الكاميرا تتبعت بعض القصص العالقة بذاكرة طفل صغير احب الصحراء وانصت دوما لقصص كثيرة تناولت رجيم معتوق ومحتشدها المريع..
وتقع "رجيم معتوق" على بعد 120 كيلومترا عن مدينة قبلي قرب الحدود الجزائرية، وأقيمت فيها ثكنة عسكرية، اعتقل فيها المئات من الطلبة من قبل النظام التونسي زمن حكم بورقيبة وبن علي في ثمانينيات القرن الماضي وكانت منفى للطلبة المشاكسين الرافضين للنظام..
منذر بن ابراهيم مخرج سينمائي ومسرحي اهتم بتاريخ الصحراء وحكايات اهلها، توثق عدسته دائما تفاصيل الحياة الصحراوية بين رجيم معتوق وقبلي والنويّل، اهتم بمشاركة الصحراويين الرحل في اعماله المسرحية الملحمية، شاب طموح ومغرم بالفنون، درس السينما وتخصص فيها، قدّم العديد من الأفلام عن الجنوب تحديدا، ولعه بالتاريخ دفعه الى اخراج أعمال ملحمية تخبر الجمهور بقصص الصحراء وحكاياتها، مدافع شرس عن سكان الصحراء ودورهم في حركات التحرر الوطني في تونس والجزائر، من ملحمة بني غريب إلى حديث الصحراء والضاوية وملاحم أخرى ينقل بطولات أهل الصحراء، فالثقافة وعاء للتاريخ والشاب لن ينصت إلى محاضرة أو درس تاريخ لكنه سيشد إلى عرض فرجوي لذلك قال محدثنا أحاول تقديم تاريخ جهتي بالفنون الذي عشق التاريخ وعشق تفاصيل صحرائه فأراد أن ينشر هذا الحب لدى كل من يشاهد ومن المسرح عاد الى السينما لتنطلق مغامرته الفنية مع فيلم "سراب" المشحون بوجع الوطن والحرية.