وقد ركز فيه على الصراع بين روسيا والدول الغربية في علاقة بالأزمة الأوكرانية مشددا على أن روسيا مستهدفة من قبل الغرب الذي "يدعم قوى النازيين الجدد في أوكرانيا".
واعتبر بوتين أن روسيا مستهدفة وأنها لم تبدأ بالحرب قائلا: "لضمان أمن بلدنا، والقضاء على تهديدات نظام النازيين الجدد القائم في أوكرانيا منذ انقلاب العام 2014، تَقرَّر تنفيذ عملية عسكرية خاصة. وسنتعامل مع الأهداف التي تقع أمامنا خطوة بخطوة وبعناية ومنهجية." وهو ما يشير إلى أن الحرب سوف تطول على غرار ما يجري على ساحة القتال في منطقة الدومباص.
تدويل القضية؟
شدد الرئيس الروسي في خطابه على أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة الحلف الأطلسي نظما اندلاع الحرب من أجل مسح وجود روسيا معتبرا أنه "قبل اندلاع العمليات العسكرية الخاصة قامت كييف بالتفاوض مع الغرب في شأن تمكينها من نظم دفاعية جوية وطائرات حربية وعتاد عسكري ثقيل." وأضاف أن "أعمالا ميدانية أظهرت امتداد الحلف الأطلسي" والجيوش على حدود روسيا. وندد بموقف "النخبة الغربية التي لا تخفي أهدافها في تحقيق هزيمة استراتيجية لروسيا وهو ما يعني الدخول في مرحلة صدام دولي."
مباشرة بعد ذلك أعلن بوتين عن تعليق المشاركة في اتفاقية "نيوستارت" التي تربط روسيا بالولايات المتحدة الأمريكية منذ 2010 والتي تحد عدد الرؤوس النووية إلى 1500. وعبر عن استعداد روسيا للقيام بتجارب نووية جديدة اذا شرعت واشنطن في ذلك. وهو تلميح متجدد لإمكانية استخدام السلاح النووي في الصراع مع الغرب. في نفس الوقت حذرت بيكين من مواصلة "بعض الدول" تصعيد الأزمة في أوكرانيا محذرة من تدهور الوضع ومقترحة أفكارا للخروج من أزمة الأمن الدولي وضمان السلام. ولم تعلن الصين عن تقديمه مساعدات عسكرية لروسيا ولم تندد باجتياح الجيش الروسي لأوكرانيا.
هجوم في إطار "حرب الحضارات"
وقام بوتين بانتقاد لاذع للموقف الغربي مستعملا خطابا أخلاقيا ودينيا ندد فيه بما اعتبره تدنيا أخلاقيا للغرب قائلا: أنظروا إلى ما يفعلونه في شعوبهم: فقد أصبح تدمير العائلات والهويات الثقافية والوطنية والشذوذ وسوء معاملة الأطفال وحتى الاعتداء الجنسي عليهم القاعدة. أما الكهنة فهم مرغمون على مباركة زواج المثليين." وهي تنديدات سبق وأن ذكرها بوتين في خطاباته ضد الثقافة الغربية وما يعتبره "الانحلال الأخلاقي" الذي تقاومه السلطات الروسية في كامل تراب الفدرالية.
وحمل بوتين الغرب "المسؤولية عن تأجيج النزاع الأوكراني وتصعيده" واعتبر أن "عدد الضحايا يقع بالكامل على النخب الغربية". وكرر فكرة أن الغرب يدعم قوى النازيين الجدد في أوكرانيا لتقوية دولة معادية لروسيا. ووعد النواب الحاضرين وأعضاء الحكومة وقادة الجيش بأنه مصمم على مواصلة الهجوم من أجل "الدفاع على الدومباص".
ولم يخف بوتين الصعوبات الداخلية لروسيا خاصة تصاعد الأصوات المعارضة التي اعتبرها "خائنة" ويجب ملاحقتها عدليا في إطار القانون. وأشار إلى أن العقوبات الغربية المسلطة على موسكو "لم تحقق شيئا" وأن الاقتصاد الروسي لم يتأثر بها قائلا: "لقد حرصنا على استقرار الوضع الاقتصادي وحماية المواطنين" واعتبر أن "الغرب فشل في زعزعة استقرار" المجتمع الروسي. وهو ما تشير اليه كل التقارير الغربية المصورة والتي تم بثها على شاشات الإعلام الغربي وقد أظهرت قدرة حقيقية على الصمود.
الصين تدخل على الخط
في نفس الوقت الذي صعد فيه الرئيس بوتين خطابه ضد الدول الغربية تحاول الصين لعب دور الوسيط مقدمة خطابا مغايرا يدعو إلى التوصل إلى حل دبلوماسي عن طريق الحوار. وقد حل وزير الخارجية الصيني وانغ يي في موسكو يوم الثلاثاء بعد رحلة مكوكية في أوروبا زار فيها فرنسا وألمانيا والمجر وإيطاليا، إثر مشاركته في مؤتمر برلين حول الأمن أين وعد بتقديم مشروع حل سياسي للأزمة الأوكرانية في الأيام القادمة بدون ذكر أي موعد محدد.
وعبر وانغ يي عن تقارب وجهات النظر بين بيكين وبودابست في خصوص التوصل إلى حل للأزمة. ولم تعلن الصين إلى حد الآن على تحقيق أي تقدم في المشاورات مع موسكو. وتخضع بيكين لضغوطات من أوروبا والولايات المتحدة لمنعها من تقديم مساعدات عسكرية لروسيا اعتبرها جوزيب بوريل وزير الخارجية الأوروبية "خطا أحمرا بالنسبة لأوروبا". لذلك أعلن وانغ يي أن بلاده مستعدة للعمل مع الدول الغربية للتوصل إلى حل دبلوماسي خشية أن تطرح قضية تايوان للمساومة في إطار أزمة عالمية شاملة.