مهرجان " كـاف" لمسرح الطفل في الكاف: الطفل من مستهلك إلى منتج للفن

في مدينة الكاف، حيث تسكن الذاكرة الآثار

ويقيم الفن على تخوم التاريخ، يولد مهرجان «كاف» لمسرح الطفل في دورته الأولى بوصفه فعلا ثقافيا واعيا ومغايرا، لا يكتفي بتقديم عروض موجّهة للصغار، بل يسعى إلى إعادة التفكير في موقع الطفل داخل الفعل الإبداعي. يراهن هذا المهرجان على الطفل وعلى العرائس وعلى الخيال، بوصفها أدوات لبناء جيل أكثر قدرة على الإبداع على الحلم.
في دورته التأسيسية الأولى، ينظم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف مهرجان "كــاف" لمسرح الطفل تحت شعار " طفل اليوم ...فنان الغد"، وذلك من 21 إلى 24 ديسمبر 2025.
«كاف»... الاسم الذي يصنع هوي
لم يكن اختيار اسم «كاف» كعنوان لمهرجان الطفل اعتباطيا. فالاسم هنا يتجاوز دلالته الجغرافية ليغدو علامة ثقافية. إنّه اشتغال واعٍ على المكان، وعلى علاقة الفن ببيئته الأصلية. فمدينة الكاف لا تظهر في هذا المهرجان كفضاء يحتضن العروض فقط، بل كعنصر فاعل في هوية التظاهرة، وكذاكرة حية تُستعاد عبر المسرح. بهذا المعنى، يسعى المهرجان إلى إعادة وصل الفن بجغرافيته، وإلى تحويل المدينة من هامش ثقافي إلى مركز إنتاج للمعنى، حيث يصبح المسرح فعل انتماء بقدر ما هو فعل إبداع.
وعن دلالة التسمية ورمزيتها، توّضح مديرة مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف" نسيبة بن يوسف"، كما يلي :" اختيار اسم «كاف» يرسّخ حضور المدينة لا بوصفها موقعا للاستضافة فحسب، بل كـفاعل ثقافي وشريك في إنتاج المعنى. وبذلك يغدو اسم «كاف» اشتغالا فنيا على الذاكرة والمكان، ومحاولة لإعادة تأويل المدينة ضمن سياق إبداعي جديد يجعلها جزءا من العلامة الفنية للمهرجان. نأمل أن تكون هذه الدورة خطوة أولى نحو تقليد سنوي يحتضن الطفولة والإبداع في مدينة الكاف".
استثمار في خيال الطفل
يعكس برنامج المهرجان رؤية متكاملة تراهن على التنوّع دون التفريط في وحدة الهدف. فالافتتاح، الذي ينطلق بكرنفال تنشيطي في الفضاء العام، يؤكد منذ البداية على الرغبة في كسر الحواجز بين المسرح والشارع، وبين الفن وعامة الناس.
تتوزع العروض بين المسرح التمثيلي ومسرح العرائس، مثل «رحلة تيمو»، و«لقاء»، و«رحلة الصبية الحالمة»، و«كتاب الأماني»، وهي أعمال تشتغل على قيم إنسانية كالحلم، والاكتشاف، وحماية الأرض، والبحث عن الذات. وهي عوالم تُقدَّم للطفل باحترام لذكائه، وبثقة في قدرته على التفاعل والتأويل.
لايكتفي المهرجان بعرض الأعمال، بل يفتح أمام الأطفال فضاءات للتجربة والممارسة عبر ورشات صنع وتحريك العرائس، وورشات المكياج، وورشات الخيال الإبداعي. هنا ينتقل الطفل من موقع المتلقي إلى موقع الفاعل، ويتعلّم أن الفن ليس فقط للمشاهدة، بل تجربة وممارسة باليد والفكرة.
فن العرائس بين المتعة والمعرفة
يحتل فن العرائس مكانة مركزية في مهرجان «كاف» بوصفه لغة مسرحية قائمة بذاتها، قادرة على مخاطبة وجدان الطفل وعقله في آن واحد. فالعرائس، وهي تتحرّك وتتكلم وتحلم، تخلق مسافة جمالية تسمح للطفل بفهم العالم دون خوف، وبطرح الأسئلة دون وصاية.
في هذا الفن، يتحوّل الجماد إلى كائن نابض بالحياة، ويتحوّل اللعب إلى فعل معرفة. وفي هذا الإطار يشكل معرض «ذاكرة العرائس» للمركز الوطني لفن العرائس بعدا توثيقيا مهما في المهرجان في امتداد لمسار فني ثقافي وطويل.
تحمل الدورة الأولى لمهرجان "كاف" في طياتها وعدا ورهانا بأن يكون للطفولة في الكاف موعد سنوي مع المسرح يحرضه على الإبداع ويخرجه من رفاهية الاستهلاك إلى متعة الممارسة الفنية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115