وسط مخاوف من عودة حرب الإبادة واشنطن ترسم جدولا زمنيا لنزع سلاح المقاومة ونشر القوة الدولية في غزة

مع دخول وقف إطلاق النار في غزة يومه

الـ48، ما يزال الغموض يحيط بموعد الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، والمتصلة بنشر قوة دولية داخل القطاع. وتتزايد الهواجس من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار كليا والعودة إلى حرب الإبادة في قطاع غزة- رغم أنّ الانتهاكات الصهيونية المستمرة تؤكد أن الاتفاق منهار جزئيا- تمضي الإدارة الأمريكية في الإعلان عن جدول زمني لنشر قوة دولية في القطاع المنكوب. وتثير هذه التحركات أسئلة عميقة حول أهدافها، وتداعياتها على غزة التي ما تزال تلتقط أنفاسها بعد أشهر طويلة من الحرب، وعلى مستقبل القضية الفلسطينية في ظل محاولات إعادة رسم المشهد الميداني والسياسي في القطاع بالقوة.
وحسب تقارير فإن مسؤولا أمريكيا في مركز التنسيق المدني العسكري الأمريكي ، أشار إلى أن وصول جنود القوة الدولية إلى غزة مقرر في منتصف جانفي المقبل.وأضافت المصادر أن المسؤول الأمريكي نفسه زعم أن عملية إنهاء نزع سلاح حماس في القطاع متوقعة بحلول نهاية أفريل المقبل.وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد كشفت أن 6 فرق تجمع بشكل يومي في مركز التنسيق المدني العسكري الأمريكي المقام قرب قطاع غزة، بحضور ممثلين من 21 دولة، من أجل مناقشة "مستقبل غزة"، لا سيما ما يتعلق بنشر قوة دولية في القطاع.وفي وقت سابق، قدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن إنشاء قوة دولية في غزة يتطلب أسابيع إلى بضعة أشهر.
ويعد مشروع "قوة الاستقرار الدولية" أحد العناصر الأساسية في المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة، إلى جانب نزع سلاح حماس وإقامة سلطة انتقالية.وفي الوقت الحالي، لا توجد دول عربية وإسلامية كثيرة مستعدة لإرسال جنود للتمركز في القطاع.وتعارض إسرائيل نشر قوات من تركيا ، لكنها توافق على نشر قوات من أذربيجان وإندونيسيا.
هذا التقدّم المحرز – كما وصفته واشنطن – يراه مسؤولون في تل أبيب تهديدا مباشرا ، مؤكدين أنّ عدم تطابق التصريحات مع الواقع قد يكون كفيلا بإعادة إشعال الحرب.ورغم هذا التوتّر، حدّدت الإدارة الأمريكية موعدا لنشر الدفعة الأولى من القوة الدولية منتصف جانفي المقبل، على أن تتخذ من رفح مقرا أوليا لها. كما رسمت نهاية افريل موعدا نهائيا لعملية نزع سلاح الفصائل في غزة، رغم رفض المقاومة تسليم سلاحها أو القبول بأي وجود عسكري أجنبي مفروض عليها.
وتظل قضية عناصر المقاومة المحتجزين داخل أنفاق رفح أحد أبرز العقبات التي تمنع الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة، إذ ترفض حركة المقاومة الإسلامية حماس شروط ''إسرائيل'' للإفراج عنهم، مقابل إصرار تل أبيب على استسلامهم واحتجازهم قبل إخراجهم من القطاع.
ورغم هذا الجمود، تواصل واشنطن الضغط المكثّف على حكومة الاحتلال الإسرائيلية لبدء المرحلة الثانية، بينما يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لإدخال معدات ثقيلة إلى رفح خلال أيام بحجة إزالة الأنقاض وإنشاء منطقة إنسانية مزعومة ، وهي خطوة تثير مخاوف الفلسطينيين من استغلال المناطق الإنسانية المزعومة لفرض وقائع جديدة على الأرض.
وتتضمن الخطة الأمريكية لاحقا نشر قوة عسكرية أجنبية في رفح ضمن مشروع مايسمى ''غزة الجديدة''. هذا التصور يلقى رفضا واسعا بين الفلسطينيين، الذين يرون في مثل هذه المشاريع محاولة لتجريد غزة من استقلالها، وإضعاف مقاومتها، وتمهيد الطريق لفرض ترتيبات أمنية لا تخدم سوى الاحتلال.
حتى على المستوى الدولي، تواجه الخطة رفضا حاسما فالدول المرشحة لإرسال قوات مترددة أو رافضة للمبدأ. وبينما أبدت أذربيجان استعدادا أوليا، فإنها تراجعت وفق مانشرته تقارير في الغرض.
ويرى مراقبون أن ما يجري اليوم يؤكد أن غزة ليست مجرد رقعة جغرافية تنتظر إعادة الهيكلة من الخارج، بل مجتمع كامل يرفض اختزال مستقبله في خطط أمنية تُكتب في واشنطن أو تُفرض عبر الجرافات الإسرائيلية.فأي محاولة لإعادة صياغة الواقع في غزة من دون احترام إرادة أهلها، ومن دون إنهاء الاحتلال وإعادة الإعمار ورفع الحصار، ستظل مجرد مشروع سياسي هش، مهما رُسمت له خرائط زمنية أو رُوّج له في الإعلام.
عراقيل تعقد المرحلة الثانية
وتواجه خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة سلسلة من العقبات، خصوصاً فيما يتعلق بإنشاء قوة دولية لحفظ الاستقرار، وفق تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.وأكد التقرير أن الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل للبدء بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار المكون من 20 نقطة، لكن تل أبيب تصر على عدم المضي قدما قبل استعادة جميع جثث الرهائن لدى حركة حماس.
وقد تسلمت ''إسرائيل'' مؤخراً آخر جثة، بينما تبقى لدى حماس جثتان لرقيب ران غفيلي والمواطن التايلاندي سونتيسك رينتالك.وتُجرى حاليا عمليات بحث ميدانية عن الجثتين، واصفاً المصدر الإسرائيلي هذه العمليات بأنها "بطيئة وغير مكثفة"، زاعما أن حماس قادرة على بذل المزيد من الجهود لاستعادة الجثتين رغم أن الاحتلال يمنع دخول آليات تساعد في عمليات البحث.
ويرفض الاحتلال ايضا فتح معبر رفح أو زيادة تدفق المساعدات الإنسانية أو مناقشة الانسحابات من الخط الأصفر قبل استعادة الجثتين.وفي حال استعادتهما، ستبدأ ''إسرائيل'' ، وفق قولها، مناقشة القضايا المتعلقة بإعادة إعمار القطاع بعد أكثر من عامين من الحرب.
حظر تجول
وكانت قوات الاحتلال فرضت أمس الأول حظر التجول والحصار على مدينة طوباس ومخيم الفارعة وقرى عقابا وطمون وتياسير، فضلا عن تجمعات ومناطق عدة في الأغوار الشمالية، ودهمت العديد من المنازل وحولت بعضها إلى ثكنات عسكرية.
وأدانت حركة المقاومة الإسلامية حماس العملية العسكرية الإسرائيلية بطوباس، وقالت إنها تكشف عن "حجم الإجرام المنهجي الذي تمارسه حكومة الاحتلال المتطرفة، ضمن سياسة معلنة هدفها سحق أي وجود فلسطيني وصولا للسيطرة الكاملة على الضفة".كما قالت حركة الجهاد الإسلامي إن عملية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة هي "عدوان ممنهج جديد ضد أبناء شعبنا، في إطار مخطط الكيان الذي يهدف إلى إفراغ الضفة من أهلها وتهجيرهم والسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم".
وفي الضفة الغربية أيضا، أفادت الجزيرة بأن قوات الاحتلال اقتحمت قرية المغير شمال شرق مدينة رام الله، وقالت إن الجنود أطلقوا طائرة مسيرة في الأجواء، بعد أن دهموا منشأة تجارية واحتجزوا العمال داخلها.
كما نقلت عن مصادر فلسطينية قولها إن جنود الاحتلال اقتلعوا عشرات أشجار الزيتون المعمرة في بلدة الجانية غربي رام الله لتوسيع مستوطنة نيريا المقامة على الأراضي الفلسطينية.
تصعيد في طوباس وجنين بالضفة الغربية
ميدانيا أطلقت مروحيات إسرائيلية،أمس الخميس، نيران رشاشاتها بمدينتي طوباس وجنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، بالتزامن مع تصعيد العملية العسكرية الواسعة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، وفق ما أفاد شهود عيان وفق الأناضول.وقال الشهود إن القوات الإسرائيلية حاصرت منزلاً في حي أبو ظهير بمدينة جنين، واعتقلت مواطناً على الأقل بعد اقتحام المبنى، وسط انتشار كثيف لوحدات المشاة والقوات الخاصة في محيط الحي، وتحليق مروحية عسكرية فوق المنطقة لدعم القوات.
وبين الشهود أن طائرات مروحية أطلقت الرصاص خلال تحليقها في سماء المدينة على مواقع لم يتمكنوا من تحديدها.وفي طوباس، حلقت المروحيات الإسرائيلية على ارتفاع منخفض فوق بلدة طمون ومدينة طوباس، وأطلقت نيرانها باتجاه مناطق مفتوحة، بالتزامن مع عمليات مداهمة واسعة للمنازل وتفتيش ميداني.جاء ذلك في ظل عملية عسكرية إسرائيلية واسعة شمالي الضفة الغربية، بدأت الأربعاء، في طوباس وعدداً من البلدات المحيطة.
ووفق مصادر محلية، اعتقلت القوات الإسرائيلية 119 فلسطينياً منذ بدء العملية في طوباس، بينهم أسيرة محررة ووالدتها، بينما أفرجت لاحقاً عن أكثر من 50 مواطناً، وفق نادي الأسير والصليب الأحمر.كما داهمت القوات عددا كبيرا من المنازل، رافقها تخريب للممتلكات وبحث ميداني واسع، وسط استمرار انتشار الجيش في المناطق المفتوحة والجبال المحيطة بطوباس وطمون.
ووفق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تعاملت طواقمها منذ بدء العدوان على طوباس مع "25 إصابة جراء اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على المواطنين، بينهم رجل مسن يبلغ من العمر 85 عاماً، ونُقلت 5 إصابات إلى المستشفى، بينما عولجت بقية الحالات ميدانياً، وسط صعوبات في الوصول إلى بعض المناطق".
توتر متصاعد
خلال الساعات الماضية، استشهد ستة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية.
إنسانيًا، حذّرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة من تدهور الأوضاع المعيشية للعائلات في غزة مع حلول فصل الشتاء.وفي الضفة الغربية، دفعت القوات الإسرائيلية بتعزيزات عسكرية إلى بلدة طمون شمالي الضفة، ونفذت عمليات دهم واعتقال في مناطق متفرقة. وأفاد إعلام فلسطيني بأن القوات الإسرائيلية اقتحمت بلدة عقابا واعتقلت عشرات الفلسطينيين، فيما فُرض حظر تجول وحصار على طوباس ومحيطها، ترافق مع تحويل منازل إلى مواقع عسكرية.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن أمس بدء عملية واسعة في المنطقة، بالتعاون مع جهاز الشاباك وحرس الحدود، وبمشاركة مقاتلات ومروحيات وطائرات مسيّرة، استنادًا إلى ما وصفه بمعلومات حول نشاطات مرتبطة بفصائل مسلّحة وبنى تحتية محتملة لاستهداف قواته.
كما شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية، فجر امس الخميس، في المناطق التي يحتلها شرقي مدينة غزة وفي خان يونس ورفح جنوبي القطاع، تزامنا مع عمليات نسف لمبانٍ سكنية.وأفادت مصادر محلية أن مقاتلات إسرائيلية شنت عدة غارات على حي التفاح شرقي مدينة غزة، في حين نفذ الجيش عمليات نسف لمبان في تلك المنطقة، تردد صداها في أنحاء واسعة من المدينة.وفي خان يونس، أفاد شهود عيان بوقوع غارات إسرائيلية وعمليات نسف لمبان سكنية في بلدة بني سهيلا شرقي المدينة، وفي مناطق أخرى شرقي مدينة رفح.كما شهدت تلك المناطق إطلاق نار مكثف من الطيران المروحي والآليات الإسرائيلية القريبة منها. وتشهد تلك المناطق، التي يمنع الفلسطينيون من الوصول إليها، عمليات قصف ونسف بشكل يومي منذ أسابيع.
مباحثات مصرية أوروبية
بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أمس الخميس، والمفوضية الأوروبية لإدارة الأزمات حاجة لحبيب، تطورات الأوضاع في قطاع غزة ولبنان والسودان وسوريا.
جاء ذلك خلال لقاء بالقاهرة، وفق بيان للخارجية المصرية، دون تحديد مدة زيارة لحبيب.وقالت الخارجية إن عبد العاطي أطلع المسؤولة الأوروبية على مستجدات الأوضاع الميدانية بقطاع غزة وجهود تثبيت وقف إطلاق النار اتساقا مع اتفاق شرم الشيخ للسلام.وأشار إلى الإعداد الجاري لاستضافة مصر للمؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار وتنمية غزة.
وأكد أهمية إعادة تأسيس البنية التحتية للقطاع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق.وأعرب عبد العاطي عن التطلع إلى مشاركة فعالة من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في تمويل إعادة الإعمار.وشدد على أهمية تفعيل الآليات الأوروبية الداعمة للشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية وتعزيز ميزانيتها.وفي 10 أكتوبر الماضي دخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ بوساطة مصرية قطرية أمريكية تركية، وسط خروقات إسرائيلية متواصلة وتعطيل منها للانتقال للمرحلة الثانية في الاتفاق المعنية بترتيبات أمنية وإدارية بالقطاع وانسحابات إسرائيلية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115