حماس تتهم الاحتلال بافتعال الذرائع لخرق وقف اطلاق النار بين الهدنة والحرب...مشهد معقد واحتمالات مفتوحة في غزة

وصل وفد من قيادة حركة حماس إلى القاهرة

لبحث الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة. يأتي ذلك فيما تصاعد الجدل خلال الساعات الماضية بعد نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطع فيديو زعم إنه يوثّق قيام "مقاتل مسلح تابع لحماس" بتجاوز الخط الفاصل وإطلاق النار على جنود إسرائيليين قرب إحدى نقاط التماس في قطاع غزة، فيما زعمت أنه خرق – وفق الرواية الإسرائيلية – لاتفاق وقف إطلاق النار.

غير أنّ المقطع أثار موجة تشكيك واسعة وسط اتهامات بأنّه مفبرك ومسرحية دعائية هدفها تبرير استئناف العمليات العسكرية وحرب الابادة والخراب في غزة من قبل قوات الاحتلال .

منذ اللحظة الأولى لانتشار الفيديو اثار شكوكا واسعة ، حيث تباينت ردود الفعل فقد اعتبرت الاغلبية أنّ اللقطات مقتطعة وغير واضحة، وأنّ تصويرها بطريقة ثابتة وبعيدة يثير علامات استفهام حول مدى مصداقيتها. وتداول ناشطون تحليلات تشير إلى أن العناصر البصرية في المقطع لا تثبت شيئا بشكل قاطع، وأنّ الاحتلال سبق أن استخدم تسجيلات مشابهة لتمرير روايات مزعومة وكاذبة.
هذا الجدل ترافق مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّ هذا "الهجوم" المزعوم هو ما دفعه لتنفيذ غارات كثيفة، انتهت بسقوط أكثر من 20 شهيدا في مناطق متفرقة من القطاع.

حماس: إسرائيل تختلق الذرائع

وفي سياق متصل، طالبت حركة حماس، الوسطاء والإدارة الأمريكية بالضغط على إسرائيل لكشف هوية المسلح الذي تقول تل أبيب إنّ الحركة أرسلته لإطلاق النار على قواتها في غزة. وقال عضو مكتبها السياسي عزت الرشق إنّ الاتهامات الإسرائيلية "ذرائع للتهرب من اتفاق وقف إطلاق النار"، مؤكداً أن الحركة لم تُبلغ أي جهة بانتهاء الاتفاق.
ورفضت حركة المقاونة الاسلامية حماس الرواية الإسرائيلية بشكل قاطع، مؤكّدة أنّها ملتزمة بالتهدئة وشروط اتفاق وقف النار. ودعت الحركة الوسطاء إلى التدخل العاجل لوقف "الخروقات الإسرائيلية المتكررة"، معتبرة أنّ تل أبيب تبحث عن مبرّر لإعادة التصعيد.
وقال عزّت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس، إن على إسرائيل "الكشف عن هوية المسلح الذي تدّعي أنه تابع للحركة"، مشددا على أنّ الاحتلال "يختلق الذرائع للتهرب من الاتفاق والعودة إلى حرب الإبادة". وأكّد أنّ الخروقات التي تحدث على الأرض "إسرائيلية بحتة" وأنها تتم "بشكل يومي ومنهجي".
ووفق متابعين تعيد تطورات الأخيرة الوسطاء إلى واجهة المشهد، إذ تواجه هذه الأطراف اختبارا صعبا الحفاظ على التفاهمات الهشّة. فالتصعيد المفاجئ يهدد بإعادة الأمور إلى نقطة الصفر، خاصة في ظل الشكوك الكبسؤة التي تحيط بالرواية الإسرائيلية المزعومة.
ويشير مراقبون إلى أن أي توتر ميداني، ولو محدود، قد يستخدم ذريعة لخرق الاتفاق أو إعادة تعريف بنوده من قبل الكيان الصهيوني ، ما قد يدفع المنطقة نحو جولة جديدة من التصعيد يصعب احتواؤها لاحقا.

مشهد معقد

ويضع التطور الجديد اتفاق وقف إطلاق النار أمام اختبار حقيقي، إذ يتزامن مع هشاشة الظروف الإنسانية في قطاع غزة وتزايد المخاوف من عودة العمليات العسكرية واسعة النطاق.
وبين رواية الاحتلال المزعومة التي تستند إلى فيديو مثير للجدل، وتاكيدات حماس التي تتهم الاحتلال بالبحث عن غطاء للعودة إلى التصعيد، يبقى مستقبل الهدنة معلقا على قدرة الوسطاء على احتواء التوتر، وعلى استعداد الأطراف خاصة الاحتلال الاسرائيلي للالتزام ببنود الاتفاق.
عملية عسكرية متوقعة

في الاثناء قدّر وزراء المجلس الوزاري السياسي-الأمني في إسرائيل (الكابينت) أن "القيام بعملية عسكرية جديدة" في قطاع غزة قد يكون أمرًا "لا مفر منه"، وفقا لما نقلته هيئة البث العبرية الرسمية.
ونقلت هيئة البث، عن مصادر سياسية مطلعة لم تسمها قولها، إن وزراء في "الكابينت" يقدرون أن "تعاظم قوة حركة حماس في غزة قد يجعل القيام بعملية عسكرية جديدة أمرا لا مفر منه"، دون تسمية الوزراء.
وأشارت المصادر إلى أن هذا التقييم عُرض خلال جلسة للكابينت الأسبوع الماضي، حيث استعرضت الأجهزة الأمنية "صورة الوضع" في غزة، وقدّمت أدلة، بحسب الرواية الإسرائيلية، على زيادة قدرات حماس ورفضها التخلي عن سلاحها.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي تم التوصل إليه بين حماس وإسرائيل، ويستند لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وأنهى هذا الاتفاق حرب إبادة جماعية بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر 2023، واستمرت لعامين، وخلفت أكثر من 69 ألف شهيد وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.
إلا أن إسرائيل ارتكبت العديد من الخروقات للاتفاق أدت إلى مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين، كما أنها لا تزال تفرض قيودا على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

والسبت، اعتبرت حركة "حماس"، في بيان، توسيع جيش الاحتلال الإسرائيلي لمناطق سيطرته في غزة مؤخرا "خرقا فاضحا" لاتفاق وقف إطلاق النار، مطالبة الوسطاء والإدارة الأمريكية بالتصدي لمحاولات تل أبيب تقويض مسار وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

مباحثات في مصر

وصل وفد من قيادة حركة حماس إلى القاهرة لبحث الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأكد مصدر أن المحادثات بين ممثلي حماس والمسؤولين المصريين ستشمل أيضا فصائل فلسطينية أخرى.يأتي هذا التقرير في أعقاب التصعيد الذي شهده القطاع نهاية الأسبوع الماضي، إثر انتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار.
في غضون ذلك ذكرت تقارير إن حماس والصليب الأحمر لن يجريا عمليات بحث عن جثث رهائن إسرائيليين في قطاع غزة في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. مع ذلك، قد تُجرى أعمال البحث على الجانب الغزي من الخط الأصفر، الخاضع لسيطرة حماس. ولا تزال جثامين ثلاثة رهائت إسرائيليين لدى حماس في غزة حتى اليوم.
هذا وأدت الغارات الاسرائيلية العنيفة على قطاع غزة خلال ال 24 ساعة الماضية إلى استشهاد 24 مواطنا واصابة أكثر من مئة في موجة التصعيد الرابعة منذ وقف اطلاق النار قبل 43 يوما.
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 497 خرقا لقرار وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ منها 27 خرقا السبت فقط. واستشهد 342 مدنيا واصيب 875 آخرين جراء الخروقات الإسرائيلية لقرار وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ
واستشهد تسعة مواطنين في غارتين بمدينة غزة استهدفت الاولى قياديا في كتائب القسام قرب مفرق العباس وادّت لاستشهاد خمسة مواطنين عندما قصف جيش الاحتلال سيارة مدنية فيما استشهد اربعة مواطنين بقصف منزل لعائلة الخضري بحي النصر.
ووسط القطاع استشهد خمسة عشر مواطنا، ثلاثة منهم بقصف منزل لعائلة عابد غرب دير البلح وسط القطاع.
وفي النصيرات قصف جيش الاحتلال بفارق زمني قصير منزلين لعائلتي ابو شاويش وأبو امونة ما أسفر عن استشهاد 12 مواطنا.
وصباح امس أطلقت آليات الاحتلال النار شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة. ونسف جيش الاحتلال منازل بحي الشجاعية شرق غزة.
حصيلة حرب مخيفة
على صعيد اخر حذّر منسق فريق الطوارئ في دائرة الصحة النفسية بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، مصطفى الزعيم، من ارتفاعات غير مسبوقة في معدلات الاضطرابات النفسية التي يعانيها الناجون من الإبادة في قطاع غزة.
وقال الزعيم في حديث وفق "قدس براس"، إن "المجتمع الفلسطيني يعيش أسوأ أزمة نفسية واجتماعية في تاريخه الحديث"، مشددًا على أن الصدمات التي تعرّض لها الناس تجاوزت حدود القدرة البشرية على التحمّل.
وأضاف أن "ما مرّ به الأهالي من سلسلة متواصلة من الأحداث المروّعة، بدءًا من فقدان المنازل والتهجير القسري، وصولًا إلى انعدام الأمان ونقص الغذاء والدواء والمياه، لم يكن ليتحمله عقل بشري". وتابع: "ما يعيشه أهالي القطاع ليس حدثًا طارئًا، بل حالة يومية من الخوف والرعب، تترك آثارًا نفسية عميقة على جميع فئات المجتمع".
وأشار الزعيم إلى أن "الناجيات من الإبادة يتحملن العبء الأكبر من الحالة النفسية والمعيشية، إذ يجدن أنفسهن مسؤولات عن حماية أسرهن وإدارة شؤون الحياة في ظروف قاسية غير صالحة للعيش"، موضحًا أن "المرأة الغزية لم تعد فقط أمًا أو ربة منزل، بل أصبحت خط الدفاع الأول في مواجهة الضغط النفسي داخل الأسرة".

دعوة لتثبيت وقف إطلاق النار

من دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى الحفاظ على ديمومة واستمرارية اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مطالبا الأطراف بالتزام بتعهداتها.
جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلاها، على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة بمدينة جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا.
وأضاف ماكرون أن الوضع في غزة ما زال "صعبا للغاية".
ودعا للحفاظ على ديمومة واستمرارية اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مطالبا الأطراف بالالتزام بتعهداتها بموجب الاتفاق.
وفي السياق، أشار ماكرون إلى أن فرنسا والسعودية هما الضامنان لجدول أعمال "إعلان نيويورك" حول حل الدولتين للقضية الفلسطينية.
وأكد إعلان نيويورك الصادر عن المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية سلميا وتنفيذ حل الدولتين، الاتفاق على اتخاذ خطوات ملموسة محددة زمنيا لتحقيق هذا الهدف.

وكانت مدينة نيويورك الأمريكية استضافت في جويلية المنصرم، فعاليات المؤتمر برئاسة السعودية وفرنسا وبحضور فلسطين وغياب أمريكي وبمشاركة رفيعة المستوى، لبحث سبل تنفيذ حل الدولتين، ودعم مسار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115