خطر تقسيم غزة يلوح في الأفق جمود سياسي يعرقل إعادة الإعمار ويهدد بتغيير خريطة القطاع

ارتفعت حصيلة ضحايا الإبادة الجماعية لتصل

إلى 69 ألفا و182 قتيلا فلسطينيا، و170 ألفا و694 مصابا بحسب التقرير اليومي لوزارة الصحة الفلسطينية .

يأتي ذلك فيما لا تزال دولة الاحتلال ترتكب عشرات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025. وتتضمن الخروقات الإسرائيلية، ، قصفا وإطلاق نار صوب مدنيين خلال تواجدهم في مناطق تقع غرب ما يُعرف بـ"الخط الأصفر".
شبح التقسيم
وفي خضم ذلك، تزداد المؤشرات على أن قطاع غزة يتجه نحو انقسام فعلي بين منطقتين منفصلتين، في وقت تتعثر فيه الجهود الأمريكية الرامية إلى الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع.ووفقا لمصادر دبلوماسية أوروبية ، فإن خطة ترامب – التي يصفها الرأي العام أنها المسار الأمريكي الجديد لإعادة الاستقرار إلى غزة بعد الحرب –توقفت عمليا، مما يجعل عملية الإعمار محدودة النطاق خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي. هذا الجمود، بحسب المصادر، يفتح الباب أمام تقسيم طويل الأمد قد يعيد رسم خريطة غزة السياسية والجغرافية لسنوات قادمة.
منذ بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة في 10 أكتوبر ، فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على نحو 53% من مساحة القطاع المطل على البحر المتوسط، بما في ذلك أغلب الأراضي الزراعية ومناطق واسعة في رفح جنوباً وأجزاء من مدينة غزة.أما بقية القطاع، فتخضع لإدارة حماس التي ما زالت تسيطر على الشمال وبعض الجيوب الحضرية . ما عجز الاحتلال عن تحقيقه طيلة عامين من حرب الإبادة يسعى اليوم لفرضه من خلال هذه الهدنة الهشة .
ويعيش نحو مليوني فلسطيني اليوم في ظروف إنسانية قاسية داخل خيام مؤقتة وبين أنقاض مدن مدمّرة بالكامل. وتظهر صور التقطتها طائرات مسيّرة تابعة وفق ''رويترز'' دمارا هائلا في شمال شرق غزة، حيث أتى القصف الصهيوني على أحياء كاملة قبل إعلان وقف إطلاق النار المؤقت.
تعثر الخطة الأمريكية وتداعياتها
يبدو أن الركود السياسي والدبلوماسي في تنفيذ خطة ترامب الجديدة في غزة جاء نتيجة تباين المواقف بين الأطراف الدولية، ورفض بعض القوى الإقليمية التعاطي مع خطة تُكرّس سيطرة الاحتلال الإسرائيلية وتُقصي الأطراف الفلسطينية عن أي دور فعلي في إدارة القطاع.
ويقول محللون إن توقف الخطة عند مرحلتها الأولى حوّل الوقف المؤقت لإطلاق النار إلى واقع دائم للانقسام، حيث تتعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع مناطق سيطرتها كـ"حزام أمني" تحت إدارة عسكرية، بينما تبقى مناطق حماس معزولة ومحاصرة.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تقسيم فعلي لغزة ، ويقول أحد الدبلوماسيين الأوروبيين المشاركين في جهود الوساطة إن ''ما نراه الآن ليس مجرد توقف مؤقت في الخطة، بل تشكل واقع ميداني جديد قد يصعب التراجع عنه، إذا لم يتحقق توافق سياسي عاجل".
وفي ظل استمرار الاحتلال في فرض وقائع ميدانية على الأرض، تبدو احتمالات استعادة وحدة غزة ودمجها في أي تسوية مستقبلية بعيدة المنال.أما عملية إعادة الإعمار التي كانت من المفترض أن تكون الخطوة الأولى نحو الاستقرار، فقد تحولت إلى أداة ضغط سياسي، تُستخدم لتثبيت النفوذ بدل تخفيف المعاناة.
وبين تعثر الخطة الأمريكية، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتوسع السيطرة الإسرائيلية، يلوح في الأفق خطر تقسيم غزة ، وفي غياب تدخل دولي فاعل وضغط سياسي جدي، قد يتحول هذا التقسيم المؤقت إلى واقع دائم يرسم مستقبل غزة لعقود قادمة.
تشريع القتل الجماعي ضدّ الفلسطينيين
من جانبها اعتبرت حركة "حماس"،أمس الثلاثاء، تصديق الكنيست الإسرائيلي على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين بالقراءة الأولى، "محاولة لتشريع القتل الجماعي المنظم" ضد الفلسطينيين.
وأقرّ الكنيست الإسرائيلي، بالقراءة الأولى، مشروع قانون يتيح إعدام أسرى فلسطينيين، بأغلبية 39 عضوًا من أصل 120، مقابل 16 صوتوا ضدّه، وفق هيئة البث العبرية.وبعد تمرير مشروع القانون بالقراءة الأولى يجب التصويت عليه بالقراءة الثانية والثالثة قبل أن يصبح نافذا، فيما لم يحدد الكنيست موعدا لذلك.وتعليقا على ذلك، قالت "حماس" في بيان، إنّ "تصديق ما يُسمّى الكنيست الصهيوني بالقراءة الأولى على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، هو امتداد لنهج الحكومة الصهيونية العنصري والإجرامي، ومحاولة لتشريع القتل الجماعي المنظّم ضد أبناء شعبنا الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال".
وأكدت أن "تمرير هذا التشريع الفاشي والسادي على مرأى العالم، يشكل إصرارا على انتهاك القوانين والمواثيق الدولية، وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان".وينص مشروع القانون الإسرائيلي "على أن الشخص الذي يتسبب عن قصد أو بسبب اللامبالاة في وفاة مواطن إسرائيلي، وعندما يتم تنفيذ الفعل بدافع عنصري أو كراهية ولإلحاق الضرر بإسرائيل، فإنه يجب أن يواجه حكم الإعدام".كما ينص على أنه لا يجوز تخفيف عقوبة من صدر بحقه حكم نهائي بالإعدام.
وطالبت الحركة، المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة المنظمات الحقوقية "بإدانة هذا التشريع الاحتلالي العنصري الخطير، وفرض عقوبات رادعة على الكيان الصهيوني المارق، والضغط عليه للتراجع عنه".

كما دعت لتشكيل "لجان تحقيق دولية لزيارة سجون الاحتلال والاطلاع على أوضاع أسرانا، الذين يتعرضون للتعذيب والتنكيل الرسمي الممنهج والذي أدى إلى وفاة العشرات من الأسرى".
ويقبع في سجون إسرائيل أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، ويعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.ومع افتتاح الدورة الشتوية للكنيست قبل أسبوعين، هدد بن غفير بأنه إذا لم يُعرض القانون للتصويت في الجلسة العامة خلال ثلاثة أسابيع، فلن يكون حزبه ملزمًا بالتصويت مع الائتلاف الحكومي.
وعقب التصويت لصالحه، قال بن غفير في تدوينة بحسابه على منصة شركة "إكس" الأمريكية: "عوتمسا يهوديت في طريقه إلى صنع التاريخ. لقد وعدنا وأوفينا. قانون عقوبة الإعدام للمخربين تم تمريره في القراءة الأولى".ومرارا، دعا الوزير المتطرف بن غفير، إلى إقرار مشروع قانون يسمح بإعدام أسرى فلسطينيين في سجون تل أبيب.
وشدد بن غفير بشكل كبير ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ضمن تزايد الجرائم ضدهم وحرمانهم من حقوقهم.
ومن بين الإجراءات المشددة، منع الزيارات وتقليل الغذاء المسموح للأسرى بالحصول عليه، وكذلك تقليل فرص الاستحمام في السجن، بحسب هذه المؤسسات.
شهداء بقصف جديد
وفي اليوم الـ31 من بدء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين بنيران جيش الاحتلال الذي قصف بمسيّراته مناطق عدة لا سيما شرقي خان يونس.كما نفذت قوات الاحتلال عمليات نسف شرقي خان يونس وفي رفح، أعقبها دوي انفجارات ضخمة سمعت في مختلف مناطق القطاع.

وفي الضفة الغربية المحتلة، أصيب شاب فلسطيني بعد اعتداء مستوطنين عليه ضربا في مسافر يطا جنوب الخليل، حسب ما أفاد به الهلال الأحمر الفلسطيني، في حين اقتحم 153 مستوطنا المسجد الأقصى، قبل الظهر.وبدأ جيش الاحتلال مناورات عسكرية واسعة النطاق تستمر 3 أيام، وتشمل مناطق الضفة الغربية ومنطقة الأغوار والحدود مع الأردن.
من جهة أخرى، قالت مصادر دبلوماسية وفق "الجزيرة" إن الولايات المتحدة وزعت مشروع قرار معدلا على أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن تنفيذ خطة إنهاء الحرب في قطاع غزة، يتضمن "شروطا وتسلسلا أكثر وضوحا" لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
في السياق ذاته، تحدث رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن المرحلة المقبلة في غزة، محاولا الرد على اتهامات موجهة إليه خلال جلسة في الكنيست (البرلمان)، تخللتها اعتراضات وصيحات استهجان أثناء مناقشة تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر 2023.

قاعدة عسكرية أمريكية على حدود غزة

من جهة أخرى قال مسؤولون إن الولايات المتحدة تخطط لبناء قاعدة عسكرية كبيرة في منطقة حدود غزة ، وفق تقرير حصري نشره موقع "شومريم". وبحسب المسؤولين المطلعين على الخطط الأولية، فإن المنشأة ستُستخدم من قبل قوات دولية عاملة في قطاع غزة للمساهمة في تثبيت وقف إطلاق النار، ويمكن أن تستوعب عدة آلاف من الجنود.
وقدّر المسؤولون الميزانية المتوقعة للمشروع بنحو 500 مليون دولار.وفي الأسابيع الأخيرة، دفع مسؤولون أمريكيون بالمقترح خلال مناقشات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلية وجيشها ، وبدأوا استطلاع مواقع محتملة لإقامة القاعدة في محيط غزة.
ونقلت مصادر أمنية للموقع أن هذه الخطوة تمثّل تحوّلًا كبيرًا في مستوى الانخراط الأمريكي.
وقد تثير هذه الاستثمارات الضخمة نقاشا سياسيا داخل الولايات المتحدة، حيث يعارض العديد من الجمهوريين توسيع الوجود العسكري الأمريكي في الخارج، خصوصا في ظل الضغوط المالية الداخلية وتعب الناخبين من التدخلات الخارجية.
حتى الآن كان الوجود العسكري الأمريكي في "إسرائيل" محدودا. فبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، تم نشر نحو 200 جندي أمريكي للعمل من "مركز التنسيق العسكري المركزي" في كريات غات. وأثناء الحرب، نشرت الولايات المتحدة أيضا بطارية دفاع صاروخي من طراز "ثاد" ساهمت في اعتراض هجمات صاروخية إيرانية.وتشير الخطة الجديدة إلى تصعيد كبير في النشاط العسكري الأمريكي داخل إسرائيل، وتأتي في وقت تراجعت فيه هامشية القرار العملياتي الإسرائيلي في غزة — لا سيما في ما يتعلق بتنسيق دخول المساعدات الإنسانية.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115