في الأفق كحراس للزمن، فتحت مصر صفحة جديدة من تاريخها الطويل في تأكيد على أنّها كانت وستبقى بلد الشمس الأولى والنور الدائم. بافتتاح المتحف المصري الكبير تراهن مصر على عراقة الحضارة الفرعونية كدعامة من ركائز قوتها الناعمة وكمصدر أساسي لجذب السياحة. وقد أعاد هذا الحدث مصر إلى دائرة الضوء وخطف أنظار العالم ليس من نافذة السياسة بل من بوابة الثقافة.
حظي افتتاح المتحف المصري الكبير باهتمام عالمي واسع حفل تحت إشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي ومشاركة حوالي 80 وفدا رسميا من بينهم 39 وفدا يرأسهم ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات...
متحف خاص بالحضارة الفرعونية
في لحظة فارقة في تاريخ المتاحف من خلال الجمع بين الحفاظ على التراث واستخدام أحدث تقنيات العرض والتوثيق، مثّل افتتاح المتحف المصري الكبير حدثا ثقافيا وسياحيا ضخما تناقلته قنوات العالم وتم وصفة بالمعجزة المعمارية الثقافية.
في الجيزة ، وعلى بُعد نحو كيلومترين فقط من منطقة الأهرامات، يتربع المتحف المصري الكبير في مكان استراتيجي يتيح إطلالة بانورامية على الأهرامات، ويتيح للزوار زيارة المتحف والأهرامات في يوم واحد. وقد صممت شركة "هينغان بينغ" الإيرلندية الواجهة الحجرية والزجاجية للمبنى لتكون بمثابة "الهرم الرابع" لهضبة الجيزة، بالقرب من أهرام خوفو وخفرع ومنقرع الشهيرة.
على مساحة تصل إلى 500 ألف متر مربع، بينما تبلغ مساحة المبنى الرئيسي أكثر من 300 ألف متر مربع، أصبح المتحف المصري الكبير واحدا من أكبر المتاحف في العالم المخصصة لحضارة واحدة وهي الحضارة المصرية القديمة.
بلغت تكلفة المتحف أكثر من مليار دولار، ومن المقرر أن يفتح أبوابه للجمهور ابتداء من الغد 4 نوفمبر 2025.ويحتوي المتحف على نحو 100 ألف قطعة أثرية تغطي قرابة 7 آلاف عام من التاريخ المصري القديم، بداية من عصور ما قبل الأسرات إلى العصرين اليوناني والروماني. ومن أبرز ما يحتويه المتحف أيضا "مركب الملك خوفو"، المعروف أيضا باسم "مركب الشمس"، الذي يعود إلى فترة حكم الملك خوفو، وتم اكتشافه في خمسينيات القرن الماضي في منطقة أهرامات الجيزة.
وجهة سياحية عالمية
بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2002 تم وضع حجر الأساس لمشروع المتحف ليُشيَّد في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة الخالدة، حيث أعلنت الدولة المصرية، وتحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، عن مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف. وقد فاز التصميم الحالي المُقدم من "شركة هينغهان بنغ للمهندسين المعماريين" بأيرلندا والذي اعتمد تصميمه على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هي المتحف المصري الكبير.
ويُعد المتحف أحد أهم وأعظم إنجازات مصر الحديثة، فقد أُنشئ ليكون صرحا حضاريا وثقافيا وترفيهيا عالميا متكاملا، وليكون الوِجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم، كأكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة. يحتوي المتحف على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون والتي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922...
ويختص المتحف في سبيل تحقيق أهدافه وفقا لوزارة السياحة والآثار المصرية بما يلي:عرض المجموعات الأثرية واستخدام أحدث أساليب وتقنيات العرض المتحفي والتوثيق الرقمي، وتسجيل القطع الأثرية وكذلك حفظها وتأمينها ودراستها وصيانتها وترميمها، وإعادة إحياء الحرف والفنون التراثية المصرية من خلال صناعة وتسويق وبيع المستنسخات الأثرية....
في عالم يبحث فيه العالم عن معنى للهوية والانتماء، يأتي المتحف المصري الكبير ليؤكد أن من يعتز بماضيه يستطيع أن يصنع مستقبله بكل ثقة.