108 أعوام على وعد بلفور.. من الجذور الاستعمارية إلى حرب الإبادة في غزة

حلت امس الذكرى الـ108 لوعد بلفور المشؤوم

الذي غير خريطة الشرق أوسط بعد ان مثل بداية الخطوات الأولى للاحتلال الصهيوني لفلسطين ومعه انطلقت مرحلة من الحروب ضد هذا المسار الاحتلالي . وهذا العام تأتي الذكرى بعد اكثر من عامين على حرب ابادة غير مسبوقة شنها الاحتلال في قطاع غزة المنكوب ، في استمرار واضح لسياسات المحتل الغاصب ضد أصحاب الأرض والتي امتدت لعقود طويلة دون ردع دولي واضح وبدعم أمريكي جلي.

يمثل وعد بلفور نقطة التحول الأهم في التاريخ الفلسطيني الحديث، إذ مثل إعلانا رسميا عن دعم المشروع الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض. وبعد مرور أكثر من قرن، لا تزال نتائج ذلك الإعلان تتجلى في المشاريع الصهيونية الراهنة، خصوصا في الضفة الغربية والقدس، وأخيرا في الحرب الجارية على قطاع غزة المحتل منذ اكثر من عامين .
ويشير مراقبون الى أن الحرب الحالية على غزة تمثل امتدادا للنهج الذي تأسس منذ وعد بلفور، والمتمثل في فرض وقائع سياسية وجغرافية بالقوة، وإعادة تشكيل المشهد الديمغرافي الفلسطيني. فالسياسات التي بدأت بالاستيطان والتهجير في بدايات القرن الماضي تتجلى اليوم في القصف واسع النطاق، وتدمير البنية السكانية والحياتية للقطاع.

غزة نموذج الإبادة الحديثة

منذ اندلاع الحرب الأخيرة، يتعرض قطاع غزة لدمار غير مسبوق في حجمه وكثافته، وسط حصار شامل وانهيار في الخدمات الإنسانية. اذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف سكان القطاع نزحوا قسريا، وأن الأوضاع المعيشية وصلت إلى مستويات كارثية.
هذه الوقائع، وفق خبراء القانون الدولي، تحمل سمات جريمة إبادة جماعية، بالنظر إلى استهداف المدنيين وعرقلة وصول المساعدات، وهو ما يتعارض مع أحكام القانون الدولي الإنساني.
المسؤولية البريطانية والغربية
في سياق متصل، يعيد كثير من المراقبين طرح سؤال المسؤولية التاريخية للدول الغربية، وخاصة بريطانيا التي أصدرت الوعد، والولايات المتحدة التي تواصل دعم إسرائيل سياسيا وعسكريا.
ويرى محللون أن الربط بين وعد بلفور وسياسات الدعم الغربي الراهنة ليس رمزيا فحسب، بل يعكس استمرارية في الموقف تجاه الفلسطينيين يقوم على تجاهل الحقوق الوطنية مقابل دعم مشروع الهيمنة الإقليمي.
ووفق خبراء يبرز في المشهد الحالي تراجع فعالية المنظومة الدولية في حماية المدنيين ووقف الانتهاكات.
ورغم التحذيرات الصادرة عن منظمات حقوقية عالمية، لم تُتخذ إجراءات ملزمة لوقف العمليات العسكرية أو ضمان إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كاف رغم ماتم الاعلان عنه من وقف لإطلاق النار قبل اسبوعين.
هذا الفراغ، بحسب مختصين، يكرّس ما يمكن وصفه بـ"الإفلات التاريخي من العقاب" الذي بدأ منذ بلفور واستمر حتى اليوم.
اذ لا تعد الوقائع الميدانية في غزة اليوم حدثا منفصلا عن الماضي، بل استمرار لمسار سياسي وتاريخي بدأ مع وعد بلفور قبل 108 أعوام. اذ تحول على مدى قرن إلى مشروع مستمر لإقصاء الفلسطينيين وتفريغ الأرض من سكانها، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزا عن تطبيق معايير العدالة التي يعلنها نظريا.
وإعلان "بلفور" كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
وعد بلفور ..استمرار للظلم التاريخي
ومن جهتها اكدت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) أن وعد بلفور المشؤوم شكل الأساس للنكبة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وفتح الطريق أمام قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أنقاض الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني، وتسبب في تهجير الفلسطينيين، وارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية.
وتابع البيان الصادر عن الهيئة أن "الذكرى 108 لوعد بلفور تأتي في وقتٍ يشهد فيه الشعب الفلسطيني عاماً ثالثا من الإبادة الجماعية الشاملة التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة، في ظل صمتٍ دولي وتواطؤ أمريكي وأوروبي، حيث تجاوز عدد الشهداء والمفقودين نحو 80 ألفاً، إضافةً إلى أكثر من 170 آلاف جريح ومعاق، وتهجير قسري لمليوني نازح، وتدمير 90% من المساكن والبنى التحتية في القطاع، واستمرار سياسة العقاب الجماعي والتجويع والعطش والانهيار الصحي الكامل، بينما تتواصل جرائم الإعدام الميداني والاعتقال والتعذيب في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وسط تصاعد الإرهاب الاستيطاني وجرائم المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال"
وتشير الهيئة إلى أن ما يجري في غزة منذ اكثر من عامين هو امتداد مباشر لجريمة وعد بلفور، ونتيجة طبيعية لاستمرار الحصانة السياسية والقانونية للاحتلال الإسرائيلي، ولانحياز بعض القوى الغربية للمشروع الصهيوني الاستعماري، رغم وضوح الأدلة على ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وترى الهيئة أن الاعتراف البريطاني الأخير بدولة فلسطين، رغم كونه خطوة إيجابية متأخرة، لا يُسقط مسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية عن الجريمة الأصلية المتمثلة في “وعد بلفور”، الذي منح من لا يملك لمن لا يستحق، ومهّد لتطهير عرقي مستمر منذ أكثر من قرن. وتؤكد الهيئة أن هذا الاعتراف يجب أن يترافق مع اعتذار رسمي وتعويض شامل للشعب الفلسطيني، ووقف فوري لكل أشكال الدعم العسكري والسياسي لدولة الاحتلال.
كما تؤكد الهيئة أن العالم أمام اختبارٍ حقيقي اليوم، فإما أن ينتصر لمنظومة القانون الدولي وحقوق الإنسان، أو يواصل صمته المعيب الذي جعل من دماء الفلسطينيين ثمناً لمعادلات القوة والنفوذ. ونطلاقاً من مسؤولياتها الحقوقية والإنسانية، فإن الهيئة الدولية (حشد) جددت مطالبتها لبريطانيا بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية عن وعد بلفور وما ترتب عليه من جرائم، وتقديم اعتذار رسمي وتعويضات عادلة للشعب الفلسطيني، إلى جانب الاعتراف العملي بسيادة الدولة الفلسطينية الكاملة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس. كما طالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك الجاد لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وتفعيل تدابير محكمة العدل الدولية، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين في ظل استمرار جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
كما جددت الهيئة الدولية تأكيدها أن مرور 108 أعوام على وعد بلفور يجب ان تشكل صرخة متجددة ضد الظلم الاستعماري المستمر، وضد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني اليوم في غزة والضفة الغربية والقدس، وأن العدالة الحقيقية تبدأ بإنهاء الاحتلال، ومحاسبة مجرمي الحرب، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وعودته إلى دياره واستقلال دولته.

حماس تتهم واشنطن بتبرير سياسة التجويع

في الاثناء اتهمت حركة المقاومة الإسلامية حماس الإدارة الأمريكية بالسعي إلى تبرير استمرار الحصار وتجويع سكان قطاع غزة من خلال ما وصفتها بـ"مزاعم مفبركة" حول نهب مساعدات إنسانية. جاء ذلك في بيان أصدرته الحركة امس الأحد ردًا على تصريحات القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) التي تحدثت عن "تعرض شاحنة مساعدات للنهب" داخل القطاع، وهو ما اعتبرته حماس افتراءً لا أساس له من الصحة و"محاولة لتغطية العجز الدولي أمام الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة".
وأكدت الحركة أن الأجهزة الأمنية والشرطية في غزة قامت بدورها الكامل في حماية قوافل الإغاثة وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، مشيرة إلى أن تلك الأجهزة "قدمت أكثر من ألف شهيد ومئات الجرحى أثناء أداء مهامها الإنسانية"، الأمر الذي — بحسب البيان — يدحض الادعاءات الأمريكية.
وأضافت حماس أن الفوضى التي شهدتها بعض مناطق توزيع المساعدات كانت نتيجة مباشرة للاجتياحات الإسرائيلية المتكررة، موضحة أن هذه الأحداث توقفت بمجرد انسحاب قوات الاحتلال من تلك المناطق. كما أكدت أن المؤسسات الدولية والمحلية وسائقي الشاحنات نفوا بشكل قاطع وقوع أي حوادث نهب، ما يعني أن "الرواية الأمريكية مصطنعة وتخدم أجندات سياسية واضحة".
وفي سياق انتقادها لما وصفته بـ"الازدواجية الأمريكية الصارخة"، تساءلت الحركة عن سبب تجاهل الطائرات المسيرة الأمريكية لجرائم الاحتلال اليومية التي أدت — وفق إحصاءات حماس — إلى استشهاد 254 فلسطينياً منذ بدء وقف إطلاق النار، بينهم 105 أطفال و37 امرأة و9 من كبار السن، إضافة إلى تدمير واسع واقتحامات متكررة في عدد من مناطق القطاع.
ولفتت الحركة إلى أن الاحتلال لم يسمح إلا بدخول نحو 9.4% من كميات الوقود المتفق عليها، ويواصل التحكم في إدخال المواد الغذائية، ما تسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية. وأشارت إلى أن عدد شاحنات المساعدات لا يتجاوز 135 يومياً، في حين أن معظم الشاحنات الأخرى تجارية لا يستطيع السكان شراء محتوياتها بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار وانهيار الوضع الاقتصادي.
وختمت حماس بيانها بالتأكيد على أن الولايات المتحدة فقدت دورها كوسيط نزيه، وأن انحيازها الكامل للاحتلال يجعلها "شريكاً في الحصار والمعاناة". ودعت واشنطن إلى تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية والضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها اليومية، بدلاً من "نشر روايات مختلقة تهدف إلى تبرير سياسة التجويع والعقاب الجماعي ضد سكان غزة".

 

مؤتمر إعادة إعمار غزة
من جهته جدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، امس الاول ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والمضي قدماً في إعادة إعماره، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها القاهرة منذ أكثر من عامين وصولاً إلى قمة شرم الشيخ، وما تلاها من تحضيرات لعقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزّة خلال شهر نوفمبر الحالي، داعياً إلى مشاركة أوروبية ودنماركية فعّالة في المؤتمر.
وجاء ذلك خلال لقاء الوزير عبد العاطي، مع وزير خارجية الدنمارك لارس لوكا راسموسن، حيث تناول الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في مقدّمتها أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والأوضاع في ليبيا والسودان وسورية، ومنطقة القرن الأفريقي والساحل، فضلاً عن قضية الأمن المائي المصري.
وأشاد عبد العاطي بالدور الفاعل للدنمارك في إطار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن للفترة 2025-2026، مؤكّداً تطلّع مصر إلى تعزيز التنسيق المشترك خلال فترة عضويتها، وأيضاً أثناء رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي. وفي الشأن الثنائي، ثمّن الوزير عبد العاطي مشاركة ملكة الدنمارك الملكة ماري في الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير، مرحباً بتنامي الزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين، وعلى رأسها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدنمارك في ديسمبر 2024، التي شهدت الإعلان عن ترفيع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية.
وشدد عبد العاطي على أهمية متابعة تنفيذ بنود اتفاق الشراكة، خصوصاً في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، ودعم التنسيق في القضايا الدولية، مشيراً إلى أهمية تدشين مجلس الأعمال المصري-الدنماركي، وزيادة الاستثمارات الدنماركية في مجالات النقل البحري والطاقة المتجددة، في ضوء سعي مصر للتحول إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة. كما أكد أهمية التعاون القائم بين البلدين في ملف الهجرة وتعزيز المكون التنموي، وفتح مسارات للهجرة النظامية للعمالة المصرية الماهرة بما يخدم مصالح الطرفين.
وأشار وزير الخارجية إلى ضرورة تفعيل نتائج القمة المصرية الأوروبية التي عُقدت في بروكسل يوم 22 أكتوبر الماضي، واستعرض الفرص والمحفزات الاستثمارية التي تقدمها مصر، داعياً إلى توسيع نطاق الاستثمارات الأوروبية والدنماركية، وزيادة نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الدنماركية.
الاحتلال يواصل الإبادة في غزة
في الاثناء قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ولكن بوتيرة أقل ضجيجًا، وبمنهجية جديدة تقوم على خرق وقف إطلاق النار بشكل يومي عبر قصف محدود، يتطور كل بضعة أيام إلى حملات قصف واسعة تستهدف المدنيين في مراكز النزوح والمنازل والخيام.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان له، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ منذ بَدْء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، سياسة التصعيد المتدرج، فيتحول من قصف متقطع إلى موجات إبادة واسعة، وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن الجيش الإسرائيلي شنت هجمات تسببت باستشهاد 219 فلسطينيًا، من بينهم 85 طفلًا، منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار، بمعدل قتل يزيد على 10 فلسطينيين يوميًا وإصابة نحو 600 آخرين، بواقع إصابة 28.5 يوميًا، وهي معدلات مرتفعة وتدلل على أن "إسرائيل" لم تتوقف عن منهج القتل الذي بدأته قبل أكثر من عامين.

وبيّن الأورومتوسطي أنه إلى جانب إطلاق النار والقصف اليومي، نفذ الجيش الإسرائيلي موجتي عدوان كبيرتين، أولاهما يوم 19 أكتوبر الماضي، أسفرت عن استشهاد 47 فلسطينيًا، بينهم 20 طفلًا و6 نساء، وثانيهما يوما 28 و29 أكتوبر، حيث استشهد خلالهما 110 فلسطينيين، بينهم 46 طفلًا و20 امرأة.
وأشار إلى أن القصف المدفعي وإطلاق النار ونسف المباني تكرر في اليومين الماضيين وحتى صباح الجمعة في الأحياء الشرقية لخانيونس جنوبي القطاع وفي مدينة غزة، ما يشير إلى أن "إسرائيل" تسعى لتكريس أمر واقع جديد تبيح فيه لنفسها باستمرار أعمالها الحربية في المنطقة التي تسيطر عليها في قطاع غزة، والتي تمثل نحو 50 بالمئة من مساحة القطاع، وإخراجها من معادلة وقف إطلاق النار، رغم أن كل ذلك يجري دون أعمال قتالية أي تنفيذ عمليات بهدف التدمير وإعدام سبل الحياة مستقبلًا.

واقع مدمرٍ بالكامل
ووثّق المرصد تحرّكاتٍ لآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا شماليّ قطاع غزة، حيث قامت بوضع كتلٍ إسمنتيةٍ صفراء في مناطق محددة كإشاراتٍ لتحذير السكان من الاقتراب منها، وأدّى ذلك إلى موجة نزوحٍ جديدةٍ شملت مئات السكان والنازحين الذين كانوا عادوا إلى المخيم وشرعوا بمحاولاتٍ لترتيب شؤون حياتهم وسط واقعٍ مدمرٍ بالكامل تقريبًا.
ونبه إلى أن فريقه الميداني وثق في موجة العدوان الواسعة الأخيرة يومي 28 و29 اكتوبر، عشرات الغارات التي افتقرت في مجملها لمبدأ الضرورة والتمييز، ما يؤكد أنها جاءت في إطار الانتقام والعقاب الجماعي والاستمرار في جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن هذه الجرائم لا تُعدّ حوادث منفصلة، بل تمثل نمطًا متعمّدًا يعكس توجهًا واضحًا لدى المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي نحو تقويض وقف إطلاق النار من خلال انتهاج سياسة "القتل المتقطع"، بما يُبقي العدوان العسكري في حالة استمراريةٍ دائمة، ويُتيح مواصلة جريمة الإبادة الجماعية تحت غطاء من الصمت الدولي والتواطؤ السياسي.

إعادة رسم الخريطة الجغرافية لغزة
وأكد المرصد أن أخطر ما يجري حاليًا هو ما يبدو كمخطط لإعادة رسم الخريطة الجغرافية لقطاع غزة، عبر فرض تقسيم فعلي بين شرقه وغربه، واقتطاع أجزاء واسعة من جنوبه (رفح) وشماله (بيت حانون وبيت لاهيا وأجزاء من مخيم جباليا)، وإقامة مناطق حمراء وصفراء تمنح فيها "إسرائيل" نفسها بدعم أميركي صلاحيات مطلقة في الاستهداف والتدمير.
وحذر بأن هذا التقسيم يؤدي عمليًا إلى تفكيك وحدة النطاق الجغرافي، وتحويل القطاع إلى مساحة غير قابلة للحياة، ودفع السكان نحو الهجرة القسرية باعتبارها الخيار الوحيد للبقاء، وبيّن الأورومتوسطي أن استهداف الخيام والمدارس التي تؤوي نازحين، وقتل الأطفال والنساء والصحافيين، يمثل انتهاكًا صارخًا لأحكام اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، ويؤكد نية مبيتة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا وبث الرعب في نفوس الفلسطينيين.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115