امتداد يومين فعاليات المنتدى الدولي لمديري نظم المعلومات (DSI Forum) في دورته الحادية عشرة، المنعقدة تحت شعار «إعادة ابتكار دور المدير التنفيذي لنظم المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي». وقد نظم هذا الحدث نادي مديري نظم المعلومات بتونس بالشراكة مع عدد من المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية، وشهد حضور نخبة من الخبراء والقيادات في مجالات التحول الرقمي، وأمن المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والإدارة الاستراتيجية.
وقد استقطب المنتدى هذه السنة أكثر من 500 مشارك من 25 دولة من إفريقيا وأوروبا وآسيا، ما يؤكد مكانته كمنصة دولية رائدة للنقاش حول مستقبل التكنولوجيا والرقمنة في المنطقة الإفريقية والعالم العربي.
تميّزت دورة 2025 بتنوع محاورها ونقاشاتها، إذ ركّزت على التحول الجوهري في وظيفة المدير التنفيذي لنظم المعلومات داخل المؤسسات الحديثة، الذي لم يعد يقتصر على الإشراف على البنية التقنية، بل أصبح فاعلا استراتيجياً في صياغة القرار المؤسسي والاقتصادي. فقد أكّد المتدخلون أنّ التحول الرقمي السريع يفرض على هذا الدور أن يتحول إلى قيادة فكرية واستشرافية تقود الابتكار وترسم ملامح الرؤية الرقمية للمؤسسة في عصر الذكاء الاصطناعي.
محاور المنتدى
تضمّن البرنامج جلسات عامة وورش عمل متخصصة تناولت قضايا محورية مثل حوكمة البيانات، وإدارة المخاطر الرقمية، والتحديات الجديدة للأمن السيبراني، إلى جانب نقاشات حول توظيف الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار الاستراتيجي والتحول نحو المؤسسة الذكية القائمة على البيانات الضخمة والتحليل المتقدم.
كما خُصصت جلسات لبحث أخلاقيات الذكاء الاصطناعي من منظور قانوني وإنساني، مؤكدين أنّ هذا التحول لا يجب أن يكون تقنياً فقط، بل قيمياً وأخلاقياً أيضا.
وشارك في المنتدى أكثر من 20 متحدثا دوليا من فرنسا، وكوت ديفوار، والسنغال، والكاميرون، والجزائر، والمغرب، إلى جانب مؤسسات عالمية عرضت تجاربها في التحول الرقمي. كما كان للشركات الناشئة التونسية حضور متميز قدّمت خلاله حلولاً مبتكرة في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والأمن السيبراني، ما يعكس الحيوية التي تشهدها المنظومة الرقمية في تونس.
القيادة الرقمية
تطرقت الجلسات كذلك إلى مفهوم القيادة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث أجمع الخبراء على أن دور المديرين التنفيذيين اليوم يتطلب إتقان أدوات الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على البعد الإنساني في القيادة. وأكد المتدخلون أن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور الإنسان، بل يدفعه نحو التطور وإعادة التفكير في أساليب القيادة والإدارة، مشيرين إلى أهمية تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي والمسؤولية الأخلاقية.
خصص المنتدى فضاء تفاعليا جمع بين الشركات الكبرى ورواد الأعمال والشركات الناشئة، حيث قدّم المشاركون من تونس وعدة دول إفريقية مشاريع مبتكرة في تحليل البيانات والتطبيقات الذكية. وقد مثّلت هذه اللقاءات فرصة لتعزيز التشبيك وبناء الشراكات ودعم المبادرات الريادية في الاقتصاد الرقمي.
كما شهد المنتدى جلسات نقاش بين ممثلي القطاعين العام والخاص حول تمويل مشاريع التحول الرقمي وسبل إدماج الكفاءات الشابة في السوق الرقمية.
لم يقتصر الحدث على الجانب التقني، بل فتح نقاشا أعمق حول الثقافة الرقمية والسيادة التكنولوجية كأحد رهانات القارة الإفريقية. وقد شدّد المتحدثون على أن التحول الرقمي مشروع حضاري بقدر ما هو تكنولوجي، وأن نجاحه يتطلب رؤية شاملة تشمل التعليم، والتشريعات، والتأهيل الأخلاقي إلى جانب التطوير التقني.
توصيات المنتدى
اختُتم المنتدى بعرض مجموعة من التوصيات العملية التي تشكّل خارطة طريق للمرحلة المقبلة، من أبرزها:الاستثمار في تكوين مديري نظم المعلومات في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وإدارة التغيير؛ وتطوير أطر قانونية تضمن الشفافية وحماية المعطيات الشخصية؛وايضا تشجيع التعاون الإقليمي بين المؤسسات الإفريقية لتطوير البرمجيات المحلية والبنى التحتية الرقمية؛ ودعم البحث العلمي والتعليم العالي في مجالات البيانات الضخمة والأمن السيبراني وربطها بسوق الشغل؛ علاوة علة ادماج أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مناهج التعليم واستراتيجيات المؤسسات.
مركز إقليمي للتكنولوجيا
واعتبر المنظمون أن المنتدى بات حدثاً قاريا يجمع بين الرؤية الاستراتيجية والخبرة التطبيقية، ويعزز مكانة تونس كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
وأشاد المشاركون بجودة التنظيم وغنى المحتوى، معتبرين أن دورة 2025 شكّلت منعطفاً مهماً للمنتدى من حيث الحضور الدولي وعمق النقاشات.
كما أُعلن في الختام أن الدورة القادمة ستُقام بمدينة الحمّامات سنة 2026 وستُعقد باللغة الإنقليزية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الانفتاح العالمي وترسيخ مكانة المنتدى كملتقى دولي رائد لخبراء التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.