تجوّل بمهارة العازف، العارف ما بين "استخبار" ومقامات وطبوع ... فانتشى الحضور طربا. مرتديا "الجبّة" التونسية التقليدية ومحتضنا عوده، استقبل زياد غرسة ضيوفه من الصحافة والإعلام للإعلان عن مشروعه الفني والأكاديمي الجديد. في "حدائق العوينة" افتتحت "أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون" أبوابها في تجسيد لحلم فنان بالحفاظ على فن المالوف ونقله للأجيال الجديدة.
لم يخف زياد غرسة تأثره الشديد وفرحه الغامر بتأسيس "أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون" خلال ندوة صحفية انعقدت، يوم الأربعاء 10 سبتمبر2025، بمقر الأكاديمية للإعلان عن إطلاق هذا المشروع الجديد بحضور الشركاء والأصدقاء والأبناء والمشرفين على مختلف النوادي.
الأكاديمية "حلمة" زياد غرسة
لا يمكن أن يمرّ اسم زياد غرسة مرور الكرام. وهو الذي نشأ في حضن الأب الفنان طاهر غرسة ونهل من مدرسة خميّس ترنان وعبد الحميد بلعجية وغيرهم، تشرّب زياد عشق المالوف وحفظ أسراره وأبدع في طبوعه ومقاماته... . فلم يكن المالوف بالنسبة إليه مجرّد لون موسيقي بل هوية وثقافة وذاكرة جماعية، وجد فيها شفاء الروح ونكهة الطرب ومساحة الابتكار...
واليوم، وبعد سنوات من التجربة والعطاء والوفاء لموسيقى التونسية، أقدم زياد غرسة على خطوة جديدة وصفها بـ"حلمة العمر " وهي افتتاح أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون.
وضع زياد غرسة كل شغف الفنان و شعلة الحلم والإبداع في مشروعه الخاص الذي حمل اسمه : "أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون" . عن سياق هذه المغامرة الفنية والأكاديمية ورهاناتها، تحدث زياد غرسة بحماس قائلا:" إنّ افتتاح هذه الأكاديمية ليس خطوة مهنية فقط، بل هو عهد قطعته مع نفسي أن أواصل تثمين تراثنا الموسيقي ونقله للأجيال الجديدة، بنفس الحب الذي ورثته عن والدي للعود وللمالوف وللفن... إنّ أكاديمية زياد غرسة هي ثمرة سنوات من العمل والحلم. وأنا لن أكون فيها مشرفا يعلّم فقط النوتة أو المقام، بل يعلّم عشق الموسيقى والفخر بتونس وحب الحياة".
5 أقطاب فنية في مرحلة أولى
يواصل زياد غرسة في "أكاديمية زياد غرسة للمالوف وللفنون" العزف، ليس على أوتار عوده فقط، بل على أوتار الذاكرة الموسيقية. وليست الأكاديمية مجرّد مدرسة لتعليم الموسيقى بل فضاء ثقافي جامع للفنون حيث تلتقي أنغام العود مع لوحات الفنون التشكيلية (تأطير هشام سلتان ) مع تجليات المسرح (تأطير سوسن معالج) مع قريحة الشعر ( تأطير خالد الوغلاني وحبيب المحنوش)... تحت إدارة فتحي القزدعلي، تضم الأكاديمية في مرحلة أولى 5 أقطاب فنية : نادي المالوف ونادي الموسيقى ونادي المسرح ونادي الرسم ونادي الشعر.
أمام تراجع مؤسسات التكوین الكلاسیكیة، وغیاب مراكز بحث متخصصة، تراهن "أكاديمية زياد غرسة للمالوف وللفنون"على تحقيق جملة من الأهداف قصيرة وطويلة المدى، منها: حفظ التراث الموسيقي والفني من خلال التدوين والتوثيق، والتكوين المتخصص لتطوير المواهب، والتجديد والإبداع في مقاربات فنية تمزج بين الأصالة والمعاصرة، والتبادل الثقافي والانفتاح من خلال عقد شراكات مع مؤسسات ثقافية في تونس والخارج...
"منهج العود التونسي" كتاب جديد لزياد غرسة
أمام سطوة آلة العود الشرقي ، يقف على جبهة الدفاع عن العود التونسي فنانون يؤمنون بالخصوصية والهوية الموسيقية ومنهم الفنان زياد غرسة. تحدث هذا الفنان الأصيل بحب وبفخر عن ميزات العود التونسي الخفيف والرنان والحساس للتعبير العاطفي ، معدّدا خصائصه التي تميزه عن العود الشرقي من حيث عدد الأوتار وصندوق الصوت وقابلية الانتقال بين المقامات ....
وبعد سنوات من العزف والبحث، يستعد زياد غرسة إلى إصدار أول كتاب في بلادنا عن "منهج العود التونسي"، من المنتظر أن يكون متوفرا في معرض تونس الدولي للكتاب 2026.
إنّ أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون لا تقتصر على تعليم المالوف أو العزف، إنما تسعى إلى جعل الفنون أسلوب حياة وأداة للتربية والحرية والتعبير. فالأكاديمية تحتضن العلوم الموسيقية والفنون الركحية والتعبيرات التشكيلية والتجارب الشعرية لتكون بيتا جامعا لكل أشكال الإبداع.
بين ذكريات الماضي وأحلام الحاضر، بين حنين الطفولة ودفء العود ، يكتب زياد غرسة صفحة جديدة في مسيرته ومسيرة المالوف التونسي. وربما في "أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون" بالعوينة، سيُولد جيل جديد من الفنانين يحملون المشعل ويحفظون ذاكرة المالوف وينيرون درب البشرية فنا وجمالا.