ومنعتهم من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة خلال الشهر الجاري، في خطوة تصعيدية جديدة تظهر أكثر فأكثر مخاطر الشراكة الأمريكية الصهيونية في حرب التصفية والتهجير وتأثيرها على الحقوق الفلسطينية .
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه القضية الفلسطينية أحلك المراحل وأصعبها مع توسع حرب الإبادة الصهيونية بدعم أمريكي لا محدود . وفيما تتحضر دول غربية للاعتراف رسميا بدولة فلسطين ، فان هذه الخطوة الأمريكية جاءت لتضع عراقيل جديدة أمام منظمة التحرير الفلسطينية في مساعيها الدبلوماسية لإعادة الزخم للقضية وللدولة الفلسطينية كحق تاريخي ومشروع في وجه المحتل.
تضييقات على منظمة التحرير الفلسطينية
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان: "وفقًا للقانون الأمريكي، يرفض وزير الخارجية ماركو روبيو ويلغي تأشيرات أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة"، دون ذكر أسماء.
وردا على هذه الخطوة، أعربت وزارة الخارجية الفلسطينية عن "استغرابها الشديد" من قرار واشنطن إلغاء تأشيرات مسؤولين فلسطينيين، بينهم الرئيس محمود عباس، واعتبرته خطوة مخالفة لـ"اتفاقية مقر الأمم المتحدة" لعام 1947.
وكانت الخارجية الأمريكية أعلنت قبل أسبوعين تعليق إصدار تأشيرات الزيارة لجميع القادمين من قطاع غزة، إلى حين إجراء مراجعة "شاملة ودقيقة"، في خطوة أثارت انتقادات جماعات مؤيدة للفلسطينيين.
وأثار القرار جدلا واسعا داخليا وخارجيا ، وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، امس الاثنين، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب وسّعت القيود المفروضة على منح التأشيرات لحملة جواز السفر الفلسطيني، لتشمل منع دخولهم إلى الولايات المتحدة بمختلف أنواع "التأشيرات غير المهاجرة".
ونقلت الصحيفة عن 4 مسؤولين أمريكيين لم تكشف هوياتهم، أن وزارة الخارجية أرسلت برقية بتاريخ 18 اوت المنصرم، إلى جميع سفاراتها حول العالم بهذا الخصوص.
وطلبت البرقية وقف منح التأشيرات غير المهاجرة لجميع القادمين من الضفة الغربية أو من أبناء الجالية الفلسطينية في الخارج.
والتأشيرات غير المهاجرة، من أنواع التأشيرات التي تمنحها الولايات المتحدة للأشخاص الراغبين في دخول البلاد مؤقتا، دون نية الاستقرار الدائم أو الحصول على الإقامة الدائمة.
بحسب الصحيفة، فإن القيود الجديدة تشمل الفلسطينيين القادمين إلى الولايات المتحدة لأغراض العلاج، أو التعليم الجامعي، أو العمل.
مخاطر ضم الضفة الغربية
وفي سياق سياسة التوسع الصهيونية ، قال ثلاثة مسؤولين صهاينة إن "إسرائيل" تدرس ضم الضفة الغربية المحتلة في رد محتمل على اعتراف فرنسا ودول أخرى بدولة فلسطينية.
وقال عضو في مجلس الوزراء الأمني المصغر إن بسط "إسرائيل" سيادتها على الضفة الغربية، أي ضم الأراضي التي استولت عليها في حرب عام 1967 فعليا، يأتي على جدول أعمال اجتماع المجلس ..
وتتحدى حكومة الاحتلال بهذه الخطوة المساعي الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأمريكية حتى الآن على طلب للتعليق.
وقد سبق ان دخلت حكومة الاحتلال في أزمات دبلوماسية مع عديد الدول مثل فرنسا واستراليا ودول أخرى أعربت عن استعدادها للاعتراف رسميا بدولة فلسطينية خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقالت أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في عام 2024 إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ومنها الضفة الغربية والمستوطنات هناك، غير قانوني ويجب إنهاؤه في أسرع وقت ممكن.
يشار الى ان المساعي لضم الضفة ليس جديدا ، بل ان هناك دعوات سابقة صدرت عن الائتلاف الإسرائيلي تطالب بضم أجزاء من الضفة الغربية رسميا.
تكشف هذه الأطماع عن جوهر سياسات مجرم الحرب نتنياهو الذي يهدف الى تصفية الدولة الفلسطينية واي وجود فلسطيني سواء بالحرب وبالتجويع والتقتيل او بفرض الهيمنة على مناطق الضفة .
ضغوط داخلية على نتنياهو
ورغم الدعم الأمريكي اللامحدود فان نتنياهو يواجه عراقيل في الداخل تنطلق أساسا من ضغوط عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين يواصلون الاحتجاج من أجل عقد صفقة وقف اطلاق النار .
وقالت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، أمس الاثنين، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يضحي بالأسرى والجنود "على مذبح بقائه السياسي، في حين أن هناك صفقة تقبلها حركة حماس".
جاء ذلك وفق بيان للعائلات قالت فيه، إن "نتنياهو قال خلال اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر الكابينت إن الاتفاق غير مطروح للنقاش". وأضافت العائلات: "لقد ظهرت الحقيقة: هذه ليست استراتيجية تفاوض، بل استراتيجية نسف ودفن للاتفاقية".
ولفتت إلى أن "نتنياهو يضحي بالمختطفين (الأسرى الإسرائيليين بغزة) والجنود على مذبح بقائه السياسي، بينما هناك اقتراح حقيقي مطروح وافقت عليه حماس، وقد يُشكل الخطوط العريضة لاتفاقية تعيد آخر مخطوف وتنهي الحرب (الإبادة بغزة)". وتابعت: "يقبع 48 مختطفا ومختطفة في أنفاق حماس منذ ما يقرب من عامين، وكان من الممكن أن يجلسوا مع عائلاتهم لو لم يكن نتنياهو منشغلا بشكل منهجي ومتعمد بنسف كل اتفاقية مطروحة".
محاولات احتلال غزة
وفي الوقت نفسه ،اتهمت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك الجيش بمحاولة التراجع عن قرار احتلال مدينة غزة، ليرد رئيس الأركان إيال زامير عليها بالقول: "إذا أردتم طاعة عمياء فابحثوا عن شخص آخر".
جاء ذلك خلال جلسة المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر "الكابينت"، والتي شهدت سجالا حادا بين الطرفين، وفق ما أوردته هيئة البث العبرية الرسمية امس الاثنين.
وانعقد اجتماع "الكابينت" برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مدى 6 ساعات، لبحث المخطط الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة.
وفي 8 أوت الماضي، أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلية خطة طرحها نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة، حيث تبدأ بتهجير فلسطينيي المدينة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية.
والجمعة، أعلنت "إسرائيل" مدينة غزة "منطقة قتال خطيرة" وكثفت قصفها للمدنيين موقعة قتلى وجرحى في صفوف الفلسطينيين.
وقالت هيئة البث: "شهدت جلسة شهدت سجالًا حادًا بين ستروك وزامير، حيث اتهمت ستروك الجيش بمحاولة التراجع عن قرار السيطرة على غزة".
وكانت وسائل إعلام عبرية قالت في الأيام الأخيرة، إن زامير نصح الحكومة بقبول العرض الذي قدمه الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) لوقف إطلاق نار في غزة، إلا أن وزراء عارضوا وأصروا على خطة احتلال مدينة غزة. وكانت حركة حماس وافقت عل اقتراح قدمه الوسطاء لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، تجري خلالها مفاوضات لوقف الإبادة، ويتخللها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مواقع في غزة.
لكن نتنياهو رفض العرض وأصر على مخطط احتلال مدينة غزة التي يسكنها نحو مليون فلسطيني، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية.
الحوثيون يتوعدون
وردا على تصفية كبار القيادات في الحكومة اليمنية ، توعد قيادي عسكري حوثي بارز، بـ"الرد القاسي " على إسرائيل، ردا على الجريمة النكراء"، في إشارة إلى القصف الإسرائيلي الذي استهدف رئيس حكومة الجماعة (غير معترف بها) وعددا من الوزراء. وقال محمد عبدالكريم الغماري، رئيس هيئة الأركان العامة التابعة للحوثيين في تصريح نقلته قناة المسيرة التابعة لهم "نؤكد لشعبنا اليمني أن الجريمة النكراء لن تثنينا عن موقفنا الثابت والمساند لأشقائنا في غزة وفلسطين".
وأضاف "على العدو الصهيوني أن يعلم جيدا أنه بارتكابه هذه الجريمة البشعة قد فتح أبواب الجحيم على نفسه".
وشدد الغماري بالقول "سيكون رد قواتنا المسلحة قاسيا ومؤلما وبخيارات استراتيجية فاعلة ومؤثرة". كما أكد في الوقت ذاته مضي جماعة الحوثي "في تطوير قدراتها العسكرية الاستراتيجية كما وكيفا". وأردف "ستسمعون في القريب العاجل وتشاهدون ما تقر به أعينكم ويشفي صدوركم".
مذبحة جديدة
في الأثناء حكومة دولة الاحتلال حرب التنكيل وقتلت امس 29 فلسطينيا بينهم أطفال ونازحون، بقصف استهدف مناطق متفرقة في مدينة غزة ووسط القطاع.
وأفاد مصدر طبي ، بمقتل 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأضاف المصدر ذاته أن سيدة فلسطينية قتلت برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة المواصي جنوب غربي مدينة خان يونس. وفي وسط قطاع غزة، قتل 3 فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة نتساريم، أحدهم متأثرًا بجراح سابقة، وفق مصدر طبي لوكالة الأناضول.
وأوضحت المصادر أن فلسطينيين أصيبوا جراء غارة من مسيرة إسرائيلية استهدفت خيمة تؤوي نازحين بجوار مبنى العيادة الخارجية داخل المستشفى.
أما في شمال القطاع، قتل فلسطيني وأصيب عدد بجروح بينها خطيرة في قصف مسيرة إسرائيلية تجمعًا للمواطنين قرب مفترق أبو إسكندر بحي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة. وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية أحزمة نارية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وفق شهود عيان.
وغربي المدينة، قتل فلسطيني وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين بمخيم الشاطئ.
كما أصيب عدد من الفلسطينيين بغارة إسرائيلية استهدفت شقة بالقرب من دوار القوقا بمخيم الشاطئ، وفق المصادر ذاتها.
اتهامات دولية لإسرائيل
رحبّ المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، امس الاثنين، بموافقة الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية على قرار ينص على استيفاء المعايير القانونية لإثبات ارتكاب إسرائيل "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين.
وقال المكتب في بيان: "نرحّب بقرار الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية الذي أكد أن المعايير القانونية قد تحققت لإثبات ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي لجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة".
وأضاف أن "هذا الموقف العلمي المرموق يعزز الأدلة والوقائع الموثقة أمام المحاكم الدولية".
وفي 21 نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
كما تنظر محكمة العدل الدولية، الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة، في دعوى رفعتها جنوب إفريقيا ودعمتها دول أخرى عديدة، لمحاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
وتابع المكتب الإعلامي أن قرار الجمعية "يضع على عاتق المجتمع الدولي التزاما قانونيا وأخلاقيا بالتحرك العاجل لوقف الجريمة".
وكذلك "حماية المدنيين ومحاسبة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية وفقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948"، بحسب البيان.
والاثنين، قالت الجمعية، وهي أكبر رابطة من العلماء المتخصصين في أبحاث الإبادة الجماعية بالعالم: "استنادا إلى تحليل دقيق للوقائع والسياقات القانونية، فإننا نرى أن سياسات وأفعال إسرائيل في قطاع غزة تفي بالتعريف القانوني للإبادة الجماعية".
ولفتت إلى أن هذا التعريف "ورد في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948".
الجمعية، وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 1994، أفادت بأنه تم التصويت على قرار باستيفاء المعايير القانونية لإثبات ارتكاب إسرائيل "إبادة جماعية"، ووافق عليه أكثر من 86 بالمئة من المصوتين من بين 500 عضو بالجمعية.
وعددّت من "الأدلة الدامغة" على ارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية في غزة: القتل الجماعي لمدنيين، والتدمير الممنهج للبنية التحتية، والحصار ومنع الغذاء والماء والدواء
ودعت الحكومات والمؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام إلى "الاعتراف بأن ما يجري في غزة يُشكّل إبادة جماعية، واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين ووقف العدوان".
كما دعت إلى "دعم جهود المساءلة، بما في ذلك أمام المحاكم الدولية، ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية".