وذخائر دقيقة التوجيه إلى أوكرانيا، بعد مراجعةٍ أجراها «البنتاغون» أظهرت انخفاضًا حادًا في المخزون الأمريكي من هذه الأسلحة، وتشمل الأسلحة الموقوفة صواريخ «باتريوت»، وقذائف مدفعية 155 ملم، وصواريخ «هيلفاير»، وصواريخ «ستينغر»، وغيرها من الذخائر الحيوية التي كانت أوكرانيا قد وُعِدت بها في وقتٍ سابق ، أخذا في الإعتبار تقديم الولايات المتحدة منذ فيفري 2022، أكثر من 66 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
هذا ، وتشير تقديرات لمراكز فكر أن ثمة تغيُّر في أولويات واشنطن إستناداً إلى القلق المتزايد في الإدارة الأمريكية من تراجُع مخزون الأسلحة الإستراتيجية، مما استوجب إعطاء الأولوية لمصالح واشنطن وضمان جاهزية القوات الأمريكية لمتطلبات الدفاع الوطني. فيما ترى بعض التقديرات أن القرار جاءت في توقيت حَرِج ، نظراً لأن الأيام القليلة الماضية قد شهدت أكبر موجة قصف جوي روسي منذ بداية الحرب، مع استخدام أكثر من 500 نوع من الأسلحة في هجمات متزامنة. كما أن إعتماد أوكرانيا بشكلٍ كبير على منظومات الدفاع الجوي الغربية لمواجهة الهجمات الروسية المكثفة يزيد من حساسية القرار الأمريكي ، وقد يدفع القرار الأوروبيين وحلفاء أوكرانيا الآخرين إلى زيادة دعمهم العسكري لتعويض النقص الأمريكي، أو تسريع الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع.
هذا، وتحتل ألمانيا مرتبة متقدمة في قائمة حلفاء أوكرانيا الأمر الذي مهد الطريق أمام توقيع اتفاقية عسكرية ألمانية-أوكرانية لإنتاج أسلحة بعيدة المدى في ماي الماضي تشمل تطوير وإنتاج هذه الصواريخ في البلدين، بتمويل ودعم تقني ألماني مباشر، وتحتاج كييف تلك الأسلحة لاستهداف خطوط الإمداد الروسية وذلك وفقاً لتصريحات داعمي الاتفاق وتُعد ألمانيا ثاني أكبر مُزوّد منفرد للمساعدات العسكرية إلى أوكرانيا بعد الولايات المتحدة.
لم يذهب تحليل دورية " ديفينس بوست " بعيداً عن التقديرات التي تطرقنا إليها ، إذ تحدث تقرير لها في بداية الأسبوع الجاري عن إعلان البيت الأبيض إنه تم إيقاف بعض شحنات الأسلحة الرئيسية إلى أوكرانيا والتي تم التعهد بها في عهد إدارة «بايدن» لمعركة «كييف» ضد الغزو الروسي, وأنه من المرجح أن يكون وقف تسليم الذخائر وغيرها من المساعدات العسكرية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي، بمثابة ضربة لأوكرانيا في الوقت الذي تتصدى فيه للهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تشنها روسيا، وأن خفض المساعدات العسكرية قد يشير إلى تحول محتمل في أولويات ترامب الذي ضغط على روسيا وأوكرانيا لتسريع محادثات السلام المتوقفة.
تجدر الإشارة هنا إلى ما نشرته " بلومبيرغ " في الأسبوع الأخير من ماي الماضي -نقلاً عن مصادر مطلعة -بأن دول أوروبية ترغب في شراء كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية لمواصلة المساعدات العسكرية لأوكرانيا؛ تحسبًا لرفض إدارة "دونالد ترامب" القيام بذلك ، وكأن الفاعلين الأوروبيين كان لديهم مؤشرات متقدمة عن عدم التزام الرئيس ترامب بمحددات ثابتة فيما يتعلق بالمسألة الأوكرانية . ويبدو أن القارة العجوز "أوروبا" كانت تسابق الزمن لإيجاد طريقة لضمان استمرار تزويد أوكرانيا بالأسلحة، بالرغم من أنها لا تملك الترسانات أو القدرات اللازمة لإنتاج ما يكفي لمواصلة إمداد "كييف" بمفردها دون مشاركة "واشنطن". وركز تقرير بلومبرغ على أن الخبراء يقدرون أن المساعدات العسكرية التي وافقت عليها إدارة "جو بايدن" السابقة قد تنفد بحلول الصيف المقبل. وسيكون من الصعب على الغرب أن يملأ الفراغ الذي سينتج عن هذا.