مرايا وشظايا في اليوم العالمي للشعر: الشعر " فعول، متفاعل"... أو لا يكون !

"يا شعرُ أنت فمُ الشُّعورِ... يا شعر أنت جمال... يَا شِعْرُ يا وحْي الوجود"،

هكذا خاطب الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الشعر. وبعد رحيله ترك لنا شاعر تونس وصيّة شعرية تقول: "عِشْ بالشُّعورِ وللشُّعور...ِ فإنَّما دُنْياكَ كونُ عواطفٍ وشعور". وفي بحور لغة الضاد نعثر على تجانس قريب ومتقارب ما بين الشعر والشعور. ولعلّ الشعر هو" فعول، متفاعل، أو لا يكون"!

من محاسن الصدف أن تحتفل تونس بعيد الاستقلال يوم 20 مارس وأن تحيي في اليوم الذي يليه والموافق لتاريخ 21 مارس اليوم العالمي للشعر، ليكون الخيط الناظم بين المناسبتين هو الشاعر أبو القاسم الشابي. فهذا الشاعر الثائر قاوم الاستعمار بسلاح الشعر، وحثّ التونسيين على الطموح وعدم الخنوع، وترك أثره في جزء من النشيد الوطني في أبيات تتداولها إلى اليوم شعوب العالم بمختلف اللغات: " إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".
في اليوم العالمي للشعر الموافق ليوم 21 مارس من كل عام، لا يغيب ذكر الشاعر الفلسطيني محمود درويش ليس فقط لأنه شاعر خالد لا يموت بل لأنه ساهم في تسمية يوم عالمي خاص بالشعر. ويُذكر أنه في عام 1997 وبمناسبة مهرجان ربيع الثقافة الفلسطينية، أطلق محمود درويش وعز الدين المناصرة وفدوى طوقان، نداء إلى مدير عام منظمة "اليونسكو" لإفراد الشعر بيوم عالمي.
وقد سبق نداء شعراء فلسطين مبادرة عدد من المثقفين الغربيين في عام 1998 حيث تقدّموا بطلب رسمي لليونسكو لإطلاق يوم عالمي للشعر. وهكذا اعتمد المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو خلال دورته الثلاثين فى باريس عام 1999، ولأول مرة، تاريخ 21 مارس يوما عالميا للشعر.
منذ 26 عاما، تحتفل اليونسكو وسائر دول العالم "بهدف دعم التنوع اللغوى، ومنح اللغات المهددة بالاندثار فرص أكثر لاستخدامها فى التعبير، وتكريم الشعراء ولإحياء التقليد الشفوى للأمسيات الشعرية".

أين أيام قرطاج الشعرية؟ !

هذا العام وككل عام، تحتفل تونس باليوم العالمي للشعر. وفي اختتام رمضانياته، يحتفي "بيت الشعر التونسي" الليلة 21 مارس في مدينة الثقافة بهذه المناسبة. ما بين التكريم والقراءات الشعرية وتلاوة بيان بيت الشعر التونسي لليوم العالمي للشعر 2025، والذي كتبه الشاعر يوسف خديم الله.
وفي الاحتفال باليوم العالمي للشعر، يقترح "بيت الحكمة" في سهرة الليلة الجمعة مسامرة شعرية تحت عنوان" الشعر والإبداع الفني في عصر الذكاء الاصطناعي" من تنسيق رشيدة التريكي وهشام بن عمّار.
هنا وهناك، في تونس المركز والأعماق تنتظم الأمسيات الشعرية في اليوم العالمي للشعر وغيره من المناسبات والمهرجانات .. وفي كل فصول السنة وفي كل الأوقات، يتمسك الشعراء التونسيون بحبل الشعر حتى لا ينفلت من بين أيديهم، ويحكمون القبضة على طوق القصيدة حتى لا تتبعثر حباته فتضيع أصواتهم هباء !
ولسائل أن يسأل في اليوم العالمي للشعر: أين جمهور الشعر ومقاعد الأمسيات الشعرية شبه خالية من جالسيها ؟ أين وهج الشعر العابر للأزمنة وللأمكنة في عصر استسهال نظم الشعر وقرض القصيد والعبث بالبحور تحت مسمى قصيدة النثر؟ أين أيام قرطاج الشعرية التي انتظمت لدورتين فقط 2018 و2019 وساهمت في إحياء سنن نظم الشعر والتعريف بالأصوات الشعرية التونسية عل مستوى عربي ثم اختفت وغابت... كأنها لم تكن !
ولأننا اليوم نحتاج الشعر أكثر من أي وقت مضى، ولأننا كلما تورطنا أكثر في عصر الآلة والتكنولوجيا نبحث عن الإنسان فينا، ولأننا نستنجد بحرارة الشعور في زمن البرود، فإنّ الشعر يبقى هو الأصدق والأنقى والأقرب إلى القلب. ويبقى الشعر كما قال الشاعر أبو فراس الحمداني "ديوان العرب وعنوان الأدب".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115