حيث من المقرر أن يلتقي -اليوم الثلاثاءـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض لبحث عدة قضايا مشتركة، في مقدمتها اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. ووفقا لمسؤولين إسرائيليين، فإن مستقبل الاتفاق يعتمد بشكل كبير على نتائج لقائهما المرتقب.وفي ظل هذه الزيارة، تبرز تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المباحثات ستُسهم في تحقيق تقدم حقيقي نحو تحقيق سلام دائم، أم أنها مجرد خطوة أخرى في إطار صفقات مؤقتة قد تزيد من تعقيد الوضع في المنطقة وتزيد على ترسيخ الانحياز الأمريكي للجانب الإسرائيلي على حساب أصحاب الأرض؟ .
في إطار هذه الزيارة، توجّه نتنياهو إلى إقامة بلير هاوس بعد هبوطه في قاعدة أندروز الجوية، حيث سيلتقي أيضا مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لمناقشة تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل تبادل الرهائن والأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
ووفق مراقبين تحمل زيارة رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في زيارة أبعادا إستراتيجية معقدة، حيث يلتقي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبحث قضايا تتعلق بالأمن الإقليمي والعلاقات الثنائية.
تتصدر حرب غزة جدول أعمال نتنياهو خاصة وأن زيارته تتزامن مع انطلاق مباحثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتهجير فلسطينيي قطاع غزة. فقد أثارت تقارير إعلامية حديثة جدلاً واسعًا حول خطة أمريكية مقترحة تهدف إلى تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن كجزء من حل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. قوبلت هذه الخطة برفض قاطع من الدول العربية المعنية، التي أكدت على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية دون المساس بسيادة الدول وحقوق الشعوب.
بالإضافة إلى مسألة مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة ، إذ يسعى رئيس وزراء الإحتلال إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة للحد من تأثير ونفوذ طهران في الشرق الأوسط. وتأتي هذه الجهود في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، حيث تعتبر إسرائيل إيران تهديدا وجوديا لها بسبب برنامجها النووي وتوسع سيطرتها في المنطقة .
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: بين التنفيذ والتحديات
وتأتي زيارة نتنياهو في وقت حساس، حيث تتزامن مع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. يهدف هذا الاتفاق إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين على مراحل . إلا أنّ هناك تقارير تشير إلى أن نتنياهو قد لا يلتزم بتنفيذ هذه المرحلة بالكامل، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الاتفاق.
أيضا قالت وسائل إعلام أن نتنياهو سيناقش مع ترامب مسألة توسيع دائرة التطبيع مع الدول العربية، خاصة مع دول الخليج. إذ تسعى الإدارة الأمريكية إلى تحقيق تقدم في هذا الملف دعما لحليفتها تلّ أبيب. إلا أنّ هذه الجهود تواجه تحديات، من بينها تمسك هذه الدول بإقامة دولة فلسطينية ، والتي تتعارض مع مواقف الحكومة الإسرائيلية الحالية وسياساتها .
المرحلة الثانية من اتفاق غزة
مع انتهاء الجولة الرابعة من عمليات تبادل الرهائن والسجناء بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية حماس، تدخل المفاوضات مرحلة جديدة يتوقع أن تكون أكثر حسما في مسار حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر 2023. ووفقا للإعلان الأخير من مكتب رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فإن المفاوضات غير المباشرة حول المرحلة الثانية من الاتفاق بدأت في واشنطن يوم أمس الإثنين. وعلى الرغم من الآمال التي قد تخلقها هذه المفاوضات، فإن الواقع الذي تعيشه غزة منذ عقود يدفعنا إلى النظر في هذا الاتفاق بعين الحذر.
في قلب هذا الاتفاق، تتضح ملامح المرحلة الثانية التي تأتي بعد 16 يوما من بدء المرحلة الأولى التي من المتوقع أن تستمر 42 يوما، والتي تم خلالها تبادل الرهائن والسجناء بما في ذلك إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين مقابل أكثر من 180 أسيرا فلسطينيًا. ورغم أن تفاصيل المرحلة الثانية ما زالت غير واضحة بالكامل، إلا أن التوقعات تشير إلى أن هذه المرحلة ستكون حاسمة في مصير آلاف الأسر الفلسطينية التي تعيش تحت القمع والاحتلال.
من الواضح أنّ الهدف المعلن من المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية هو استكمال إطلاق سراح الرهائن الفلسطينيين، وهو أمر يجب أن ينظر إليه كحق أساسي لشعب يعاني منذ عقود ويلا حرب وإحتلال غاشم . إلاّ أن الأهداف غير المعلنة للمفاوضات هي التي تضفي قلقا ومخاوف على المرحلة المقبلة ، حيث لا تعترف إسرائيل بحقوق الفلسطينيين الإنسانية وتستمر في فرض ظروف قاسية عليهم، بما في ذلك الاعتقال الإداري والتعذيب.
المرحلة الثانية وفق تسريبات نشرتها صحف أمريكية وأخرى إسرائيلية ، ستشهد إطلاق سراح كل الرهائن الأحياء، بما في ذلك الجنود الإسرائيليين. من جانب آخر، يرى مراقبون أن المرحلة الثانية قد تكون نقطة تحوّل حقيقية في مسار الصراع. فالتزام "إسرائيل" بسحب قواتها من بعض المناطق المأهولة في غزة هو خطوة نحو الاعتراف ضمنا بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ولكن يجب أن يترافق ذلك مع تطبيق قرارات الأمم المتحدة، التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بالكامل. أما الحديث عن وقف إطلاق النار وتحويله إلى دائم، فهو خطوة مشروعة نحو الأمن الذي يفتقده قطاع غزة بشكل مستمر، إلا أنّ الاستدامة لا يمكن أن تكون من دون ضمانات دولية لحماية المدنيين الفلسطينيين وإنهاء سيطرة الاحتلال.
ووفق مراقبين فإنّ ما يجعل المرحلة الثانية تحديا كبيرا هو أنها تتزامن مع الضغوط الدولية المتزايدة على "إسرائيل"، من جهة، ومع تطلعات الشعب الفلسطيني لتحقيق العدالة والحرية، من جهة أخرى بالإضافة إلى الإنحياز الأمريكي الواضح لصالح إسرائيل ، وآخر تجلياته كانت خطة التهجير التي اقترحها ترامب ولاقت ترحيبا صهيونيا ورفضا عربيا. هذه المفاوضات قد تكون فرصة للشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المسلوبة، لكن النجاح في هذه المرحلة مرهون أولا بتحديد أولويات تتجاوز عمليات التبادل، إذ يؤكد باحثون أن إطلاق سراح الأسرى وحده لا يكفي إذا لم يترافق مع إنهاء الاحتلال بشكل نهائي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967، وضمان العودة للاجئين.
تظل المرحلة الثالثة من هذا الاتفاق، المتوقعة محفوفة بالتحديات. فإذا ما كانت ستشمل إعادة إعمار غزة، فلابد من أن يكون ذلك في إطار خطة شاملة تضمن حقوق الفلسطينيين في الحياة الكريمة دون قيود الاحتلال. فإعادة الإعمار لا تتوقف عند بناء المنازل والبنى التحتية، بل يجب أن تشمل أيضا بناء المؤسسات الفلسطينية التي تمثل إرادة الشعب الفلسطيني، والتي طالما سعت إسرائيل إلى تدميرها.
أية إستراتيجية سيتبعها ترامب؟
في الوقت الذي يأمل فيه الجميع أن تكون المرحلة الثانية خطوة نحو السلام، من المهم الإشارة إلى أنّ التقدم المحرز في اتفاق وقف إطلاق النار ليس كافيًا إذا لم يترافق مع تغيير حقيقي في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. كما أن إطلاق سراح الأسرى ليس إلا خطوة جزئية في سياق الصراع الأوسع. إذ يراهن مراقبون على المفاوضات أن تسعى إلى معالجة جذور المشكلة، بما في ذلك إنهاء الاحتلال ورفع الحصار عن غزة، وتوفير الظروف اللازمة لتحقيق دولة فلسطينية ذات سيادة.
ووفق مراقبين إنّ الزيارة التي يجريها نتنياهو إلى واشنطن في هذا التوقيت تستدعي تساؤلات حول دور الولايات المتحدة في هذا الاتفاق. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أظهر انحيازا واضحا لإسرائيل خلال فترة حكمه الأولى، ما يثير شكوكا حول إمكانية أن تؤدي هذه المفاوضات إلى تحولات جوهرية في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية. رغم التصريحات المعلنة من قبل المسؤولين الأمريكيين عن دعمهم لمفاوضات السلام، إلا أن الواقع يظهر أن الولايات المتحدة لا تزال تساند "إسرائيل" في مواقفها المتشددة، مما يعكس التحديات الكبرى التي تواجه الفلسطينيين في الحصول على حقوقهم المشروعة.
بينما ينتظر الفلسطينيون بداية مرحلة جديدة من الهدنة، فإن الطريق نحو تحقيق السلام العادل ما زال مليئًا بالعقبات. إذ يؤكد خبراء أنّ المرحلة الثانية من الاتفاق قد تكون خطوة نحو التهدئة، ولكنها لن تكون كافية ما لم تتم معالجة القضية الجوهرية للصراع، ألا وهي إنهاء الاحتلال.
نتنياهو والضغوط الداخلية
هذا ويواجه نتنياهو ضغوطًا داخلية من شركائه في الائتلاف الحكومي، خاصة من الأحزاب اليمينية المتشددة التي تعارض أي تنازلات لحركة حماس أو الفلسطينيين بشكل عام. إذ هدد بعض هؤلاء الشركاء بالانسحاب من الحكومة في حال تم المضي قدمًا في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مما يضع نتنياهو أمام معضلة سياسية قد تهدد استقرار حكومته.
كما تأتي زيارة نتنياهو إلى واشنطن في ظل تعقيدات سياسية وأمنية داخلية وخارجية. إذ يرى مراقبون أن نتائج هذه الزيارة حاسمة في تحديد مسار العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية، وكذلك في رسم ملامح السياسات الإسرائيلية المستقبلية تجاه القضايا الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بإيران، والتطبيع مع الدول العربية، والتعامل مع القضية الفلسطيني.
61 ألف شهيد
ميدانيا وفي اليوم الـ15 من اتفاق وقف النار في قطاع غزة أعلن مكتب الإعلام الحكومي بغزة أن عدد الشهداء في القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي وصل إلى 61 ألفا، وارتكب الاحتلال 9268 مجزرة بحق العائلات، وتسبب بنزوح مليوني فلسطيني.
كما استشهد طفل وأصيب آخرون بقصف الاحتلال سيارة في شارع الرشيد شمال غربي مخيم النصيرات وسط القطاع.سياسيا، نقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مرهون بنتائج اجتماع دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو.
وفي الضفة الغربية، قالت تقارير إعلامية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي نسفت مربعا سكنيا كاملا في حي الدمج بمخيم جنين شمالي الضفة الغربية وفق الجزيرة نت''. كما استشهد فلسطينيان برصاص الاحتلال في مخيم جنين شمال الضفة الغربية وفي مخيم العروب بالخليل جنوبي الضفة الغربية.