بعد إعلان وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أنّ الاتفاق الذي تم التوصّل إليه هشّ ويواجه تحديات كبيرة بسبب الخروقات الإسرائيلية المتكررة. وأوضح أنّ هذه الخروقات تشكل تهديدا حقيقيا لديمومة الهدنة، وقد تجر لبنان مجددا إلى دائرة الحرب في أي لحظة. وأكد أن هذه الخروقات لا تمثل مجرد تجاوزات عسكرية، بل هي جزء من سياسة إسرائيلية تهدف إلى فرض تفسير خاص لبعض بنود الاتفاق، مثل بند الدفاع عن النفس، الذي يبقى غامضا ويتيح مجالا للتأويلات العسكرية.
وتابع مصلح أنّ الاتفاقات المؤقتة مثل وقف إطلاق النار، رغم أهميتها، لا تستطيع وحدها ضمان استقرار طويل الأمد في لبنان، ما دام الوضع الإقليمي والتدخلات الدولية متشابكة ومعقدة للغاية.
بداية، كيف تر ون الوضع الأمني في لبنان بعد إعلان وقف إطلاق النار؟
لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار إتفاق ومعرض للاهتزاز أو السقوط وذلك ناتج عن اعتقاد الأطراف المتقاتلة أنها قادرة على الاستمرار في القتال وتحقيق مكاسب أكثر عبر القوة العسكرية . بمعنى آخر اتفاق وقف إطلاق النار لم يكن نتيجة ميدانية محسومة نصرا أو هزيمةً لأي من الأطراف . لذلك نرى أنّ القوى الدولية الضامنة لهذا الإتفاق وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا عليها مسؤولية كبيرة في السهر على تنفيذ وتطبيق هذا الإتفاق وسد الثغرات الناشئة في آلية التطبيق وذلك من أجل منع عودة الاقتتال مجددا خصوصا أن العدو الإسرائيلي قام بأكثر من مئة خرق لهذا الإتفاق لحد اليوم .
كيف تقيمون تأثير الخروقات الصهيونية للهدنة على أمن لبنان واستقراره؟ وهل تمثل هذه الخروقات تحديا حقيقيا لجهود وقف إطلاق النار؟
تشكل الخروقات اليومية التي يقوم بها العدو الإسرائيلي تحديا رئيسياً لديمومة إتفاق وقف إطلاق النار وبعض هذه الخروقات كاد أنّ يصل منذ يومين إلى حد عودة الحرب مجدداً، حيث وجد حزب الله نفسه ملزماً على إطلاق الصواريخ مجدداً على نقطة عسكرية إسرائيلية محتلة في بلدة كفرشوبا اللبنانية وقد قابله العدو الإسرائيلي بأعمال عدائية طالت العديد من المناطق الجنوبية جنوب وشمال نهر الليطاني، وهذا ما استدعى تدخلاً مباشرا من قبل الوسطاء والضامنين لهذا الإتفاق من أجل التدخل والضغط على إسرائيل من أجل وقف أعمالها العدائية.
ما هي الدوافع التي تقف وراء استمرار الخروقات الإسرائيلية رغم اتفاقات الهدنة، هل هي مسألة إستراتيجية أم هي جزء من سياسة استفزازية؟
أهم الدوافع وراء الإستفزازت الإسرائيلية في خرق بنود وقف إطلاق النار هي محاولة العدو لهندسة بعض النقاط المبهمة والغير واضحة في الإتفاق بطريقة عسكرية. هنا نقصد مثلاً ما تضمنه الإتفاق عن حق الفريقين في الدفاع عن النفس، فهذا البند مبهم نوعاً ما ويحتاج إلى تفسيرات عدة غير متوفرة حتى الآن ولم يعمل الإتفاق على إيضاحها. لذلك يحاول العدو الإسرائيلي فرض أمر واقع عبر القوة العسكرية لهذا المفهوم ويحاول أن يفسره بأسلوب قتالي عبر إيصال رسائل حربية بأنه سيضرب في أي وقت في لبنان عندما يشعر أن هناك تهديد امني أو هناك تسليح إضافي قادم للحزب وهذا ما ترفضه المقاومة اللبنانية والحكومة اللبنانية ويتعارض مع روحية وقف إطلاق النار لأن مثل هذه الأعمال قد تستدعي المقاومة الى تفعيل حقها بالدفاع عن النفس وبالتالي الرد مثل هذا الإعتداءات.
هل ترون أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان خطوة نحو السلام الدائم أم أنها مجرد تهدئة مؤقتة لا تحمل آفاقا طويلة الأمد؟
في الحقيقة منطقة الشرق الأوسط هي منطقة شديدة التقلبات ولبنان تحديدا هو بلد يتأثر بالعديد من الأزمات إن كان مصدرها الداخل أو مصدرها الخارج، وكما يقول المثل السياسي ( العالم يتدخل تقليديا بالشرق الأوسط والشرق الأوسط يتدخل تقليدياً في لبنان ) لذلك لا أعتقد أن هذا الاتفاق قادر على تأمين سلام طويل الأمد، لان السلام في لبنان مرتبط بقضايا معقدة وشائكة ومشتعلة حتى اللحظة، وهي القضية الفلسطينية العصية على الحل في المدى المنظور، والأزمة السورية التي عادت إلى الواجهة والتي تشكل مرة أخرى تحدياً كبيراً للبنان على كل المستويات، وقضية الإتفاق النووي الإيراني والتطبيع بين إيران والغرب والذي لا يزال شائك ومعقد حتى اللحظة وينعكس سلباً على دول المنطقة عموماً ولبنان خصوصا، أما العامل الأبرز في التهديدات التي يواجهها لبنان هو مطامع العدو الإسرائيلي الدائمة في أرضه ومياهه ومشاريعه التقسيمية والتفتيتية للبنان خصوصاً والشرق الأوسط عموماً.
هل تعتقدون أن الضغوط الدولية على إسرائيل يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على تطبيق الهدنة، أم أن الوضع في المنطقة معقد أكثر من ذلك؟
لا تزال الضغوط الدولية فاعلة حتى اللحظة ولكن لا نعرف مدى تأثيرها في المستقبل، خصوصاً مع قدوم إدارة ترامب المؤيدة بشكل كامل للسردية الإسرائيلية. وهنا أرى أن المحدد الرئيسي في مدى صمود هذا الإتفاق هو مدى قدرة الحكومة الإسرائيلية على إعادة السكان إلى الشمال، حيث لا يخفى على أحد أن المستوطنين يرفضون حتى الآن العودة بسبب عدم الشعور بالأمن وبسبب عدم الثقة بحكومة نتنياهو، ما أجبر الحكومة على تقديم مغريات مالية وتحفيزات مادية لكل مستوطن يقبل بالعودة إلى الشمال، وبالرغم من كل ذلك لا تزال العودة خجولة وهذا يشكل تحديا لهذه الحكومة ويشكل تحدياً أيضاً لموضوع وقف إطلاق النار واستمرار وثبات الإتفاق الأخير.