الذي يضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي، ووفق ما أكده رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان ياسر القوراري في تصريح له لـ"المغرب" فإن هذه المبادرة تعد الثانية من نوعها باعتبار أنه سبق لكتلة « الخط الوطني السيادي » أن تقدمت منذ أكتوبر 2023 بمبادرة تشريعية أولى لمراجعة القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي، مشيرا إلى أن المبادرة الثانية تقدم بها عدد من النواب من مختلف الكتل وقد أمضى بعض النواب من الخط السيادي في المبادرة الثانية على قاعدة اتفاق بضمّ المبادرتين.
بحسب القوراري فقد تمّ الاتفاق بضمّ المبادرة الأولى والثانية اللتين تصبان في نفس الاتجاه وتشتركان في عدة نقاط كما أن هناك تقارب كبير بينهما ولهذا السبب أمضت مجموعة من نواب الكتلة المنتمي إليها على المبادرة الثانية والاتفاق على دمجهما لاحقا خلال عمل لجنة المالية، مشيرا إلى أن المبادرة تمت إحالتها على مكتب البرلمان والذي قرر إحالتها على لجنة المالية، ووفق تصريح لجنة المالية عصام شوشان فإن مناقشة مبادرة تنقيح قانون البنك المركزي ستكون بعد الانتهاء من مناقشة قانون المالية وميزانية 2025 ، بمعنى أنها ستكون من بين الأولويات القادمة لعمل اللجنة.
لجوء متزايد إلى التداين الخارجي
قال رئيس لجنة التشريع العام إنه "تمّ إقرار استقلالية البنك المركزي سنة 2016 وجعلت البنك المركزي هيكل مستقل بشكل كلي عن الدولة التونسية ولا يساهم في تمويل المالية العمومية وهذه المسألة كانت لها انعكاسات وتأثيرات في المراحل السابقة وأدى إلى لجوء متزايد وبصفة مكثفة إلى التداين الخارجي وأقلق السوق الداخلية والبدائل الداخلية ولهذا السبب تم تقديم هذه المبادرة واقتراح عودة البنك المركزي إلى لعب دوره الحقيقي والوطني وجزء منه يكمن في تمويل المالية العمومية في حدود معينة ونسب معقولة تفاديا للتضخّم، وقد سبق وأن اقترضت الدولة التونسية السنة الفارطة من البنك المركزي الذي وفر لميزانية 2024 ما قيمته 7 مليار دينار ومع ذلك لم تختل الموازنات المالية ولم يؤثر على مسألة التضخم لأن حجة التيار الليبرالي أن البنك المركزي عندما يكون غير مستقل في سياساته عن الدولة ويساهم في تمويل المالية العمومية من شأنه أن يخلق نوع من التضخم وهذا واقعيا لم نشهده ولم نلاحظه انطلاقا من التجربة التي حصلت في تمويل ميزانية السنة الجارية بمقتضى قانون في الغرض".
إجراءات وتدابير حمائية ووقائية
وأضاف القوراري "نتجه إلى مراجعة قانون البنك المركزي لعودة اضطلاعه بدوره في تمويل المالية العمومية بشكل منتظم، والبنك المركزي هو هيكل تابع الدولة التونسية ونحن ضدّ فكرة استقلالية البنك المركزي أصلا وليس هناك مؤسسة خارج الدولة التونسية، ما معنى أن يعمل البنك المركزي خارج الدولة التونسية ومستقل عن من؟ ونحن مع عودة البنك المركزي للعب دوره الوطني في تمويل المالية العمومية مع إجراءات وتدابير حمائية ووقائية التي تحدّ من التضخم وتمّ ضبطها في حدود ونسب معينة ونحن منفتحون على مراجعتها مع الخبراء وأهل الاختصاص خلال جلسات الاستماع، فهي تبقى مبادرة قابلة للتعديل والتنقيح سواء المبادرة الأولى أو الثانية وقدرنا إما أن تكون النسب إما 20 % من متوسط المداخيل الجبائية للثلاث سنوات الأخيرة أو 5 % من الناتج الوطني الخام والتي ستعطي تقريبا بين 6 و7 آلاف مليون دينار ، حيث أن عجز الميزانية استقر تقريبا في حدود 10 آلاف مليون دينار وليست هناك بوابة للحصول عليها وبذلك فإن التنقيح من شأنه أن يحدّ من المديونية الخارجية والتعويل على السوق الداخلية والبنوك العمومية والخاصة لا يمكنها توفير هذا المبلغ لوحدها ولهذا السبب لا بدّ أن يضطلع البنك المركزي بدوره وهو ما تمّ الإجماع عليه في المبادرتين".