انطلاقا من مبادرة رئيس حكومة لبنان ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وزعيم السياسي للطائفة الدرزية وليد جنبلاط . يأتي ذلك فيما أعلنت قوات الاحتلال عن توغلها في المنطقة الحدودية بين لبنان ودولة الاحتلال في مارون الراس وبثت مشاهد لدبابات الاحتلال وهي تدمر " حديقة ايران " لتبعث برسائل بأنها دخلت الحدود اللبنانية . وفي الحقيقة فان هذه الحديقة الحدودية" تقع على مسافة قريبة من الفاصل الحدودي بين لبنان ودولة الاحتلال وبنيت لتكون رمزا لنصر 2006 . فهل يتكرر اليوم هذا السيناريو وينته كابوس هذه الحرب الإجرامية في لبنان وصولا لفرض ميزان ردع جديد في المنطقة . وتعمد اليوم قوات المقاومة اللبنانية حزب الله على تجهيز الكمائن في استراتيجية تكتيكية لصد لأي توغل بري مثلما حصل مع عمليتين بريتين إسرائيليين سابقتين .
وفي سبتمبر الماضي تصاعد التوتر العسكري بعد توغل بري إسرائيلي في ظل ظروف غير مستقرة على الحدود. هذا التصعيد يأتي بعد عام كامل من التوتر الذي بدأ في 8 أكتوبر 2023، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة.تاريخيا، لطالما كانت الحدود اللبنانية الإسرائيلية ساحة لصراعات عسكرية وتوترات سياسية. ولكن الأحداث الأخيرة تمثل نقطة تحول جديدة، حيث اجتاحت إسرائيل غزة بشكل وحشي بعد العملية الفلسطينية، مما أدى إلى إعلان حزب الله عن فتح "جبهة إسناد لغزة" من جنوب لبنان. هذا الإعلان لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان تمهيدا لتحركات عسكرية فعالة.
على مدار شهور، قام حزب الله بقصف أهداف في الجبهة الشمالية لإسرائيل، بالإضافة إلى مناطق أخرى،. في المقابل، ردت إسرائيل بشن غارات على قرى جنوب لبنان، والتي طالت أيضا الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث نفذت عمليات اغتيال ضد قيادات حزب الله، بما في ذلك الأمين العام حسن نصر الله. هذه العمليات، التي استهدفت أيضا بنية حزب الله العسكرية، تعكس طبيعة الصراع الذي لم يعد مقتصرا على الخطوط الأمامية، بل أصبح يمس عمق المجتمع اللبناني.
وأدى التصعيد العسكري إلى تدهور الوضع الإنساني في لبنان، حيث ارتفعت أعداد الضحايا وأعداد النازحين. وتعيش العديد من العائلات تحت تهديد القصف، مما يزيد من معاناتها في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة. كما أن القصف الإسرائيلي للأماكن المدنية تسبب في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وسط صمت دولي على الانتهاكات الإسرائيلية التي تفاقمت في غزة ووصلت إلى لبنان وسوريا واليمن أيضا.
ويعقد مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع المتدهورة في الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على لبنان. تأتي هذه الجلسة في وقت حرج، حيث تتصاعد التوترات نتيجة الصراع المستمر بين إسرائيل وحزب الله، بالإضافة إلى الأزمات الإنسانية المتفاقمة في المنطقة.
ومن المقرر أن يقدّم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو "غوتيريش" إحاطة شاملة حول التطوّرات في المنطقة،في ظلّ التحديات المتزايدة التي تواجه الأمن والاستقرار. وفي تصريحات سابقة ذكر "غوتيريش" أنّ الوضع في لبنان يتطلب اهتماما عاجلا، خاصةً في ظل العنف المتزايد والخسائر البشرية الفادحة.
وتعتبر هذه الجلسة بمثابة منصة لمناقشة سبل دعم جهود السلام والاستقرار في لبنان، حيث دعا العديد من أعضاء المجلس إلى تفعيل القرارات الدولية، بما في ذلك القرار 1701، لضمان وقف العمليات القتالية وتأمين المناطق المتضررة.وتتجه الأنظار إلى مجلس الأمن الدولي في ظل هذه التطورات، حيث يتوقع أن تتصدر قضايا وقف إطلاق النار وإعادة السلام إلى المنطقة النقاشات. ومع استمرار القتال، يبقى الأمل معلقًا على جهود الدبلوماسية الدولية لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
القرار 1701
في ظل هذه الأوضاع، يتجدد الحديث عن قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل. هذا القرار، الذي تم اعتماده في 2006، يهدف إلى تعزيز الأمن في المنطقة، لكنه تعرض للكثير من الانتقادات بسبب عدم التزام إسرائيل ببنوده، في حين يتم التركيز على تطبيقه على لبنان فقط.
تجدد النقاش حول 1701 يأتي في وقت يحتاج فيه لبنان إلى استقرار وأمن دائمين. إذ تتجاوز تداعيات التصعيد العسكري في لبنان الحدود اللبنانية، حيث يؤثر الوضع الحالي على العلاقات بين القوى الإقليمية والدولية.
فتصاعد النزاع في لبنان قد يؤدي إلى زيادة الاستقطاب بين حلفاء حزب الله وإسرائيل، مما قد يجر المنطقة إلى أتون صراعات جديدة. كما أن المجتمع الدولي، في ظل انشغالاته بأزمات أخرى، يحتاج إلى إعادة النظر في استجابته للأحداث في لبنان. وعلى إثر هذه التطورات أعلن رئيس الحكومة اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي استعداد بلاده لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وما يقتضيه من وقف لإطلاق النار وإرسال الجيش إلى جنوب نهر الليطاني.
وفي ظل التطورات المتسارعة، يواجه لبنان تحديات جسيمة. إن التوتر العسكري الحالي، مع استئناف عمليات القصف والتوغلات، يستدعي إجراءات فورية من المجتمع الدولي لوقف النزيف المستمر. ويرى مراقبون أن الأمل يبقى معلّقا على التفعيل الفعال للقرارات الدولية، بما في ذلك القرار 1701، لإنهاء دائرة العنف وتوفير الأمن للشعب اللبناني.
دعوات لوقف إطلاق النار
ميدانيا تسارعت الأحداث في لبنان مع تكثيف الاتصالات الدبلوماسية قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، التي من المقرر أن تعقد في وقت لاحق الخميس، حيث يسعى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وفي تصريحات أدلى بها ميقاتي، أكد على أهمية التعاون بين الولايات المتحدة وفرنسا للضغط نحو وقف إطلاق النار، مشيراً إلى الجهود المبذولة لإحياء إعلان سابق يتعلق بوقف إطلاق النار لفترة محددة، مما يتيح الفرصة لاستئناف البحث في الحلول السياسية للأزمة.
منذ 7 أكتوبر ، يشهد قطاع غزة تصعيدا غير مسبوق من قبل إسرائيل، حيث اعتبرت بعض التقارير أن تلك العمليات قد امتدت إلى لبنان، مما أدى إلى وقوع مئات القتلى والجرحى، منهم عدد كبير من النساء والأطفال. وتفيد البيانات الرسمية اللبنانية بأن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد 1323 شخصا وإصابة 3698 آخرين، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص.
وأعاد ميقاتي التأكيد على استعداد لبنان لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، وخلق منطقة خالية من السلاح. ولكن الانتقادات لا تزال موجهة نحو محاولات الغرب لتطبيق القرار بشكل يركز على لبنان دون إلزام إسرائيل بتنفيذ بنوده.
ويحذر ميقاتي من أن استمرار العدوان الإسرائيلي قد يؤدي إلى تصاعد التوترات لتشمل المنطقة بأسرها، مشددا على أن العنف لن يؤدي إلى حل. كما أشار إلى أهمية إلزام إسرائيل بوقف عدوانها، حيث أن الأوضاع الراهنة تهدد الاستقرار في المنطقة.
ماذا يعني قصف حزب الله لعمق حيفا ؟
على صعيد متصل قال د. خيام الزعبي الكاتب والأكاديمي السوري لـ''المغرب" أن '' المقاومة لن تموت… زمن الهيمنة على وطننا قد انتهى، اليوم المقاومة وحلفاؤها على أرض العزة والصمود ينتصرون ويسطرون أروع ملاحم البطولة، وأصبح يسود روح الأمل والتفاؤل بالنصر القريب، في حين اعترف الكيان الصهيوني بفشل عدوانهم وأكثر من ذلك حجم الخسائر البشرية والاقتصادية وحتى المعنوية التي تعرضوا لها بشكل غير مسبوق من قبل المقاومة اللبنانية'' .وتابع''أن تقصف الصواريخ الإسرائيلية أهدافاً متعددة في العمق اللبناني، وفي مثل هذا التوقيت الحساس، فهذا يعني، أن حزب الله يشكل خطراً حقيقياً ووجودياً على دولة الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحاضر وفي المستقبل، وبالمقابل تعلم إسرائيل علم اليقين أن المقاومة لم ولن تكرّس معادلة السكوت على دماء شهدائها، وسيكون رداً قاسياً ليؤدي إلى تبديل موازين القوى في المنطقة'' وفق تعبيره. وأضاف ''على خط مواز، أن الاعتداء الإسرائيلي على لبنان دليل واضح علي فشل السياسة الإسرائيلية في الشرق الأوسط وخاصة فشلها في غزة والذي وضعها أمام سيناريو مرعب والذي سيؤدي إلى رد فعل عنيف داخل الدولة العبرية وخارجها، وفي الوقت نفسه أثارت انزعاج المسؤولين الأمريكيين الذين أعربوا عن قلقهم من افتقار إسرائيل إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في الجنوب اللبناني.مع مضي أكثر من شهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية، تزداد المخاوف الواسعة من تمددها لساحات أخرى، أبرزها الجبهة العراقية واليمنية والسورية والإيرانية، هذا من شأنه تسعير الحرب وتحويلها لصراع إقليمي كبير، وهو ما سينعكس سلباً على مختلف الأطراف بما فيها ''إسرائيل'' التي لا زالت تعاني من تبعات الأزمة التي تعصف بها ، سواء من خلال الهزائم المتلاحقة التي يتم النظر لها من داخل الحزب الحاكم على أنها نتيجة طبيعية للفشل السياسي الداخلي'' على حد تعبيره.
وأكد الزعبي ''بالنسبة للإسرائيليين لم تعد إسرائيل آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار والأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، وذلك لان المواجهات العسكرية لم تعد محدودة، بل أصبحت ضربات المقاومة تستهدف كل إسرائيل وبشكل موجع، وبذلك فقد الجيش الإسرائيلي قدرة الردع، وظهرت حقيقة ضعفه، وبالتالي لم يعد “المشروع الإسرائيلي” بأبعاده الدينية التاريخية مغرياً وعنصر جذب لليهود للبقاء'' .وأشار إلى أنّ ''تطورات الأيام الأخيرة في الجنوب اللبناني نزلت كالصاعقة على القيادة الإسرائيلية، فالقراءة الإسرائيلية المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل المتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي الذي أوكل إليه مهمة القيام بالعمل الدعائي لصالح إسرائيل، سعيداً هذه الأيام لما يجري في الجنوب اللبناني تحديداً، لأنه بحسب محللين عسكريين فإن رجال المقاومة يتقدمون ويحققون مكاسب كبيرة في عدد من جبهات القتال ويكبد جيش الاحتلال ومن وراءهم يومياً خسائر فادحة في المعدات والأرواح ، ويبدو أن الخوف من أي إنتصار للمقاومة على جيش الاحتلال بات له التأثير المباشر على أفيخاي أدرعي إذ أكد أكثر من مرة ” إن من مصلحة إسرائيل هزيمة المقاومة اللبنانية”، وهذا لا يخلو من تخوفه ورعبه من حزب الله. في إطار ذلك يمكنني التساؤل، هل سيسقط أفيخاي أدرعي بتهوره أم يجر ذيول الهزيمة والإذلال؟ وهو الثمن الذي سيدفعه نتيجة كذبه س وسعيه الفاشل لإسقاط المقاومة''.
وختم القول ''إن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه أفيخاي أدرعي هو سوء تقديره لقوة خصومه، وقدرة المقاومة اللبنانية على الصمود، برغم الدعم الأمريكي-الغربي للكيان الصهيوني، فضرب تل أبيب أعطى رجال المقاومة مؤشر ودفعة قوية في هذه الحرب، لذلك وجد الجميع أن حزب الله الله كان واضحاً ودقيقاً عندما قال ” إن موازين القوى أصبحت للمقاومة ونتنياهو أصبح عاجزاً عن تحقيق أهدافه”، فالمؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أن إسرائيل العدوانية ومن ورائها على عتبة النهايات''.